يبدأ أرستيد ننوسي، الخبير المستقل لحقوق الإنسان، زيارة رسمية إلى السودان اليوم تدوم عشرة أيام، وهي الزيارة الأولى له بعد تعيينه خبيرا مستقلا لأوضاع حقوق الإنسان في السودان، خلفا لسلفه مسعود بادرين، وسيبحث خلالها مع عدد من المسؤولين السودانيين أوضاع حقوق الإنسان، والتطورات الأخيرة التي شهدتها أوضاع حقوق الإنسان في السودان. ويشهد السودان تدهورا ملحوظا في أوضاع حقوق الإنسان، لا سيما في مناطق النزاعات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، التي عرفت توسع رقعة القتال، وارتفاعا مطردا في أعداد القتلى والجرحى، وحالات النزوح من ضحايا الحروب والقتال الأهلي، في الوقت الذي يواجه عدد من النشطاء والمعارضين إجراءات تتضمن الإيقاف خارج القضاء، والمنع من السفر، والتضييق على الحريات العامة والسياسية، وفرض الرقابة على الصحافة وأجهزة الإعلام، وانتشار العنف الطلابي والعنف ضد المرأة. ويتوقع أن يواجه المسؤول الأممي الكثير من التعقيدات المرتبطة بأوضاع حقوق الإنسان في البلاد، التي شهدت تدهورا خطيرا بعد آخر زيارة للخبير المستقل لحقوق الإنسان السابق مسعود بادرين، الذي ذكر في آخر تقاريره التي قدمت لمجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن البلاد شهدت انتهاكات ملموسة لحقوق الإنسان، تضمنت اعتقال قادة سياسيين، وعدم التحقيق في عمليات قتل، وعدم تقديم الحكومة لمبررات كافية لاعتقال للنشطاء، وفرض الرقابة على الصحافة، وارتفاع وتيرة النزاعات وعمليات النزوح. وحسب المعارضين فإن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد شهدت تراجعا كبيرا عما كانت عليه خلال العام الماضي، إذ يخضع العشرات من النشطاء والمعارضين للتوقيف خارج القضاء، فيما يخضع آخرون منهم لمحاكمات، ويؤكدون أن القبضة الأمنية والرقابة على الحريات وحرية الصحافة اتسعت كثيرا عما كانت عليه. ونقلت تقارير إعلامية أن الخرطوم تشهد منذ الأسبوع الماضي علميات عنف بين الطلاب في الجامعات، راح ضحيتها أحد الطلبة، ثم تحولت إلى عنف منظم من قبل طلاب موالين للحكومة ضد طلاب معارضين، تضمنت الاعتداءات البدنية، وإحراق المساكن الجامعية، وطرد الطلاب بالقوة من مساكنهم. وقالت السفيرة رحمة العبيد، مندوبة السودان الدائمة لدى بعثة حقوق الإنسان بجنيف، في تصريحات وزعتها الخارجية السودانية أمس، إن الخبير المستقل سيزور ولايتي شمال وجنوب دارفور، ومدن نيالا والفاشر وكاس، لتقديم الدعم الفني، وفقا لما جاء في نشرة الخارجية السودانية. ونددت العبيد بما أسمته الآثار السالبة للعقوبات الأحادية، خاصة على الشرائح الضعيفة، وطلبت من الخبير إيلاء موضوع العقوبات العناية اللازمة في لقاءاته بالمسؤولين. في غضون ذلك، وصلت السودان أول من أمس رشيدة مانقو، المقررة الخاصة لبرنامج مكافحة العنف ضد المرأة التابع للأمم المتحدة، للاطلاع على أوضاع حقوق النساء في البلاد، والتقت وزير الدولة بالخارجية كمال إسماعيل، الذي قال عقب لقائه بمانقو إن بلاده تعد من أفضل الدول على الصعيد الإقليمي والدولي، من حيث الالتزام بالقوانين والتشريعات المتعلقة باحترام حقوق المرأة في مناحي الحياة كافة، بما لا يتعارض مع تقاليد وأعراف المجتمع السوداني. وتعهد ببذل ما بوسعه لتمكين المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال للقيام بدورها، مشددا على ضرورة أن تعمل هذه المنظمات على إبراز الحقائق بنزاهة وحيادية تامة. وكان السودان يخضع لولاية الخبير المستقل المعني بحقوق الإنسان، تحت البند الرابع الذي يمنحه حق التقصي الميداني لأوضاع حقوق الإنسان، بيد أن تفويض الخبير المستقل تجدد بقرار من مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، تحت البند العاشر الذي يقصر دوره على تقديم العون الفني، وبناء القدرات دون أي صفة رقابية. وفي هذا الصدد تطالب المعارضة ونشطاء المجتمع المدني بإرجاع تفويض الخبير المستقل إلى البند الرابع (بند الدول الأكثر انتهاكا لحقوق الإنسان في العالم)، لكن ضغوط الكتلة الأفريقية حالت دون إعادة السودان للبند الرابع، وصدر قرار من المجلس بوضعه في البند العاشر.
مشاركة :