دبي:«الخليج» عقدت أمس الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في دبي، الحلقة النقاشية البحثية السابعة في إطار الاجتماعات الدورية للأمانة، وتنظم بالتعاون بين الأمانة العامة و«نادي دبي للصحافة» و«مؤسسة وطني الإمارات»، في ثاني أيام الفعاليات المُقرر اختتامها اليوم، بعقد الاجتماع (22) لفريق الخبراء الدائم المعني بمتابعة دور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، حيث سيناقش التوصيات المرفوعة، عبر أوراق العمل المقدمة خلال اليومين الأول والثاني، لاعتمادها.وخلال الحلقة النقاشية التي تركزت على دور الإعلام العربي في التصدي لظاهرة الإرهاب، وترأسها الوزير المفوض د. فوزي الغويل، مدير الأمانة الفنية لمجلس وزراء الإعلام العرب، قدمت أربع أوراق عمل للإمارات، والعراق، والمغرب، ومصر. القوة الناعمة الإماراتية وخلال الورقة الإماراتية، «دور القوة الناعمة في مكافحة الإرهاب»، وهي الثانية لدولة الإمارات، استعرض الدكتور سعيد حسن، من إدارة مكافحة الجريمة المنظمة، شرطة دبي دور القوة الناعمة في مكافحة الإرهاب والتصدي للفكر الهدام، مُعدداً الأدوات التي يمكن توظيفها في تحقيق القوة الناعمة التي عرفها بأنها القدرة على التأثير في سلوك الآخرين، للحصول على النتائج المرغوبة. وقال إن هذا المصطلح لم يعرفه العالم قبل عام 1990، إلى أن قدمه الأكاديمي والدبلوماسي جوزيف ناي، في هذا العام ضمن كتابه «مُقَّدر لتقود»، حيث ما لبث أن ترسخ مصطلح القوة الناعمة مع إصدار الباحث نفسه كتاباً بالعنوان نفسه «القوة الناعمة» عام 2004.ومن بين الأدوات التي عرضها، أن السياسة الخارجية للدول، وإمكاناتها السياحية والثقافية والفنية، والفعاليات الرياضية يمكن أن تمثل أدوات فعالة للقوة الناعمة، وضرب مثالاً بدولة الإمارات التي نجحت بسياستها المتوازنة التي وضع أسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، نجحت في بناء علاقات قوية مع أغلب دول العالم، وهي مستمرة في توطيد تلك الروابط وتوسيع نطاقها، عبر دبلوماسيتها القوية والفعالة التي جعلت اليوم جواز السفر الإماراتي من بين الأقوى عالمياً، وعبر أدوات أخرى للقوة الناعمة ومن أهمها مجال العمل الخير والمساعدات الإنسانية، حيث تفوقت دولة الإمارات عالمياً في هذا المجال.وضرب المتحدث أمثلة بعدد من المبادرات المهمة لدولة الإمارات ومنها «دبي العطاء» التي وصل عدد المستفيدين من خدماتها في نشر التعليم وتهيئة البيئة الداعمة له إلى أكثر من 18 مليوناً، و«نور دبي» التي تحولت من حملة إلى مؤسسة غير ربحية لتتجاوز الهدف الأساسي الذي انطلقت من أجله وهو معالجة مليون إنسان، وحمايتهم من فقد البصر، ليصل عدد المستفيدين إلى 27 مليوناً.وقال الدكتور حسن إن تأثير القوة الناعمة الإماراتية في ازدياد مطرد لاسيما دخولها إلى مجالات جديدة مثل الحكومة الذكية وإطلاق استراتيجية الذكاء الاصطناعي، وعلوم الفضاء، فضلاً عن العلامات التجارية الإماراتية الكبرى التي ذاعت شهرتها عالمياً،مثل موانئ دبي العالمية وطيران الإمارات، وغيرها، في الوقت الذي نجحت فيه الدولة في توظيف القوة الناعمة بالفعاليات الرياضية العالمية الكبرى التي تنظمها وتستضيفها سنوياً، ويتابعها الملايين، ومنها «كأس دبي العالمي» للخيول، وفريق الفيكتوري تيم.ولفت إلى أن القوة الناعمة قد تكون أحياناً سلبية، لاسيما عند استخدامها لأغراض غير نبيلة أو مدمرة، وقال إن التنظيمات الإرهابية اليوم تعمد إلى توظيف القوة الناعمة في استمالة تعاطف الناس والتغرير بهم، وتحفيزهم على تبني أفكارهم الهدامة.وأكد الدور المحوري للإعلام، كونه أحد أهم أدوات القوة الناعمة، وقال إن على وسائل الإعلام التنبه، حتى لا تتحول إلى وسيلة للترويج للقوة الناعمة السلبية، وضرب مثالاً بإقدام بعضها على عرض الفيديوهات التي يسجلها «داعش» الإرهابي، وهي تقتل ضحاياها. وقال إنه رغم استهجان الجانب الأكبر من الناس لمثل هذه الفيديوهات، فإن هناك شريحة أخرى أعجبت بالتقنيات المتقدمة المستخدمة في إنتاجها.وتضمّنت ورقة العمل الإماراتية عرضاً لبعض الإجراءات المهم اتخاذها لمجابهة القوة الناعمة السلبية، ومكافحة الإرهاب، والتصدي لخطاب الكراهية ومنها: توظيف القوة الناعمة الإيجابية، لمجابهة السلبية، والتصدي للجهات الداعمة للمنظمات الإرهابية، وكشف مخططاتها وأهدافها الخبيثة، وتعزيز التعاون الدولي لمحاربة الإرهاب وتشكيل التحالفات للقضاء عليه، ووضع الخطط لعزل الجماعات الإرهابية وحجب فرص التمويل عنها، وتجفيف منابعه، وسنّ القوانين والتشريعات اللازمة. مشدداً على أهمية إنشاء برامج لمحو الأمية وإصلاح النظام التعليمي في مختلف أنحاء المنطقة.وعن الإسهام الإماراتي، عبر القوة الناعمة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف والفكر المتشدد، أشار إلى اختيار «المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب» دولة الإمارات، لاستضافة المقر الرئيسي ل «مركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف» (هداية)، في العاصمة أبوظبي، من ديسمبر 2012، حيث يعنى بالأنشطة الدبلوماسية والرياضية والثقافية، فضلاً عن إسهامه في مكافحة التطرف العنيف عبر المناهج التربوية، ونبذ الراديكالية في السجون، ودعم ضحايا الإرهاب، وترسيخ مبادئ التواصل والحوار، وبرامج بناء القدرات، والبحث والتحليل. الإعلام وداعش تناولت الورقة البحثية العراقية التي قدمها د. جاسم فرج، بعنوان «الإعلام وتنامي تنظيم داعش في العراق»، اعتماد التنظيمات الإرهابية، ومنها «داعش» خصوصاً، في توسعه على الإعلام بتجنيده جيشاً إعلامياً في كل الاختصاصات، لشن حرب إعلامية ونفسية ذات أسلوب رقمي وإلكتروني، مستخدمين كل الأساليب، لإضعاف الروح المعنوية للخصم، وتجنيد المزيد من الشباب للانضمام إليه، وتسخير الآلة الإعلامية لبناء استراتيجية إعلامية تمّكن من خلالها السيطرة على أراض واسعة، تقدر بثلث الأراضي العراقية، وأراض مجاورة من سوريا.وتطرق لماهية الإرهاب الإعلامي وقدرته على غزو العقول وهدم القيم وتشويه الفكر، وآلية عمل إدارة الإعلام في تنظيم داعش، والأساليب التي يستخدمها التنظيم لنشر الكذب والتضليل، وتحويل الانتباه، والتضخيم والتهويل، والخصائص التي يتميز بها. كما تناول العلاقة بين وسائل الإعلام الرقمي والإرهاب، وكيف يعد داعش أكثر التنظيمات الإرهابية اهتماماً بالإنترنت والمواقع الإلكترونية، ومنصات التواصل.كما تضمّنت الورقة بعض الوسائل التي يستخدمها داعش، في الترويج لنفسه وتجنيد أعضائه، ومنها: الإصدارات المطبوعة بالعربية والانجليزية، والإذاعات المحلية، والمنتديات والمدونات الإلكترونية، وبث الصور والفيديوهات. ظهير مجتمعي وبعنوان «أثر التوعية الإعلامية والمناهج التربوية في مواجهة فكر الإرهاب» استعرض صالح الصالحي، عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، جمهورية مصر العربية، أهمية الإعلام والمناهج التربوية كونها من أهم العناصر في استراتيجية مواجهة الإرهاب التي تُشكّل الوعي واتجاهات الرأي العام، التي لا تقل عن العنصر الأمني، كونهما بداية الطريق في الخطة الشاملة لمكافحة الإرهاب.وأكد الصالحي أن الإعلام والمناهج التربوية يستطيعان خلق ظهير مجتمعي مؤيد للتصدي للإرهاب ونبذ العنف، من خلال ترسيخ القيم النبيلة وتبادل المعارف والثقافات ونقل الأخبار والمعلومات والبيانات، وهو ما يدعو للتعامل معهما كأداتين يمكن توظيفهما في تلك المواجهة والاستعانة بهما في التغلب على حالة انعدام الوزن وفقدان الاتجاه الناتجين عن عمليات التضليل.وتضمّنت الورقة المصرية عدداً من الأسس التي يجب على الإعلام الأخذ بها في مواجهة الإرهاب، ومنها وضع سياسات إعلامية تلتزم بها مؤسسات الإعلام العربية، والتحلّي بالموضوعية في المعالجات الإعلامية، واحترام الأديان، وتفعيل مواثيق الشرف الإعلامية ونظم المحاسبة.ودعا الصالحي، إلى ضرورة توفير نظام تعليمي يؤهل النشء والشباب للتعرف إلى علامات الغلو والتطرف، وإعداد مناهج تعليمية تأهلهم لاستخدام وسائل المعرفة وتمكنهم من التعامل الإيجابي مع الإنترنت ووسائل التواصل، وتغرس فيهم القيم الإسلامية وتُصحّح المفاهيم المغلوطة، وتساعدهم على التفكير الإيجابي والحوار الهادف. مقاربات إعلامية أما الورقة البحثية المغربية فعرضها د. عبد اللطيف بن صفية، مدير المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، بعنوان «مقاربات إعلامية لمواجهة أشكال الفعل والإعلام الإرهابي في الوطن العربي»، وتحدث خلالها عن استناد الإرهاب إلى كل فعل يحدث الخوف والفزع، ويزرع الذعر والهلع باستخدام العنف في أبشع صوره، لتحقيق غايات سياسية أو إيديولوجية، مشيراً إلى أن الإرهاب يوظف جميع الأدوات الممكنة لتحقيق أهدافه، بالأخص ما يتعلق بالدعاية والترويج للفكر الإرهابي، والدعوة للانخراط في تنفيذ الفعل الإرهابي.ولفت إلى التحوّل الجذري الذي حصل في المقاربات الإرهابية، وتغير الفضاءات التي ظلت تعد مقرات نشر الأفكار المتطرفة، مثل المساجد وحلقات الدراسة والنقاش التي كان يغلب عليها الطابع السري، واحتلت مكانها قوة الإنترنت التي أصبحت وسيلة اتصال آمنة تتيح الاتصالات بين نشطاء التنظيمات المتطرفة، وتمدهم بالمعلومات والقنوات المؤدية إلى الاندماج في شبكات التجنيد والاستقطاب.وتطرقت الورقة إلى تشخيص عقيدة الإعلام الإرهابي وأشكال التصدي العربي له، والإجراءات الواجب على المؤسسات الإعلامية أخذها لمكافحته. كما تناولت جوانب الضعف التي تستغلها العقيدة الإرهابية، وعدم قدرة الإعلام العربي على ملء الفراغ، وتطوير وسائل حديثة للتصدي لخطاب الكراهية. كما تناولت الخيارات المطروحة أمام الإعلام العربي في مواجهة أشكال الإرهاب.
مشاركة :