أبوظبي:عبد الرحمن سعيد أكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح أن التسامح في الإمارات تجسيد حي لتعاليم الإسلام الحنيف، وتعبير عن الاعتزاز بالهوية الوطنية، وانعكاس طبيعي لموقع الدولة المرموق ملتقى حضارياً وثقافياً وإنسانياً.وقال في المؤتمر الدولي للتسامح، أمس في كاسر الأمواج في أبوظبي: إن دولة الإمارات عززت قيم التسامح منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، في عام 1971، حيث آمن بالتسامح وأهمية احترام الآخرين، والتعايش السلمي والتعاون لما فيه مصلحة الجميع، وقد وفر هذا الفهم الأساس السليم للإمارات وطناً مدنياً وسلمياً ومزدهراً.أوضح الشيخ نهيان بن مبارك أن هذا المؤتمر تعبير قوي عن اعتزاز المواطنين والمقيمين، على هذه الأرض الطيبة، بالإرث الخالد الذي تركه فينا الشيخ زايد، الذي أرسى دعائم النموذج المرموق للإمارات، في التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية، حيث كان قائداً تاريخياً بكل المقاييس، جعل من الإمارات موطناً للسلام والمحبة والتقدم والنماء.وأضاف: نحمد الله على أن قادة الدولة الكرام، ومعهم شعب الإمارات، يسيرون على النهج نفسه، ويدعمون رؤية القائد المؤسس، ويعتزون بما تحقق ويتحقق في هذه الدولة العزيزة، من سلام ورخاء، على كل المستويات، وبالدور القيادي لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في تنظيم الزيارة التاريخية لأبوظبي، في مطلع هذا العام، للبابا فرانسيس، والدكتور أحمد الطيب، وأصدرا وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية التي تمثل رسالة محبة وسلام من الإمارات إلى العالم، تدعو الجميع إلى التعارف والحوار والعمل معاً، لتحقيق الخير والسعادة للأفراد والمجتمعات في كل مكان، وتوحيد الجهود لمكافحة التطرف والتشدد والتعصب والإرهاب على كل المستويات.وتابع: إن تجربتنا الناجحة في الإمارات، تؤكد أن تحقيق التسامح والتعايش في المجتمع، يتطلب توافر عوامل متعددة، أهمها قيادة حكيمة، وشعب واعٍ، يحرصان معاً على الأخذ بالقيم الإنسانية النبيلة، فضلاً عن وجود مؤسسات للتعليم والإعلام، تؤدي دورها بنجاح، وتشريعات ملائمة، تدعم جهود جميع الأفراد والأسر، وجميع مؤسسات المجتمع، من أجل مكافحة التعصب والتشدد والتطرف، في إطار بيئة مجتمعية متكاملة، تحث على احترام الآخر، والأخذ بالسلوك الإنساني القويم، في التعارف، والحوار، والعمل المثمر مع الجميع.في حين ثمن محمد مطر الكعبي رئيس مجلس أمناء جامعة محمد الخامس، جهود الإمارات في تخليد قيمة التسامح، ونشر خطاب الاعتدال والأخوة الإنسانية التي لن تنتهي بنهاية عام التسامح، مشيراً إلى أن التسامح قيمة جوهرية وركيزة من ركائز قيم الإمارات، وما مؤتمر التسامح الدولي إلا بداية ستعقبها سنوات من الأفكار البناءة التي تنطلق من أبوظبي، لتصل العالم كله لتعزز دولة الإمارات مكانتها منارة فكرية تاريخية لمعلمة حضارية جديدة عاصمتها أبوظبي.وأكد أن دولة الإمارات بتوجيه من قيادتها الحكيمة، لا تزال تبني جسور التسامح بين مكونات مجتمعها المحلي، وتشارك في المنتديات العالمية لتعزيز السلم والانفتاح على مختلف الثقافات، حتى صارت بامتياز عاصمة عالمية للتواصل الحضاري، والحوار الديني، والتلاقي الإنساني. وبين أن جامعة محمد الخامس أبوظبي، امتثالاً لرؤية القيادة الرشيدة، شرعت في تخليد عام التسامح من خلال ندوات ومؤتمرات وفعاليات وإصدارات شارك فيها جميع مكونات الجامعة.ثم ألقى الدكتور فاروق حمادة، المستشار بديوان صاحب السمو ولي عهد أبوظبي، مدير جامعة محمد الخامس بأبوظبي، الكلمة الرئيسة للمؤتمر، وأكد فيها أن التسامح بدولة الإمارات منذ عهد المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان ولا يزال قيمة وعقيدة وممارسة أرسى أسسها القائد الباني، لتشمل القريب والبعيد والمسلم وغير المسلم، عملاً بمبادئ الدين الإسلامي السمحة، ولئن كانت مسيرة السلم قد بدأت منذ بداية الحرب العالمية الثانية، إلا أن أثر جهود السلم العالمية كان محدوداً، بل إن العالم قد انتقل في عصرنا الحالي إلى صراع ديني وعقائدي خطير، ومن هذا المنطلق دعت الحاجة إلى سن قوانين تشريعية تمنع خطاب التمييز والكراهية، وتلزم الجميع بقيم التسامح التعايش الحضاري.وعقدت في اليوم الأول جلستان: الأولى برئاسة الدكتورة رشيدة بوخبرة، عميدة كلية الدراسات الإسلامية بالجامعة؛ وكان موضوعها: جسور التسامح والتواصل الحضاري من المنظورين الديني والإنساني؛ وتضمنت عرضين؛ تحدثت الدكتورة بثينة الغلبزروي من المغرب في الأول عن إشكالية مفهوم التسامح والتطور الدلالي له عبر التاريخ؛ كما تطرقت لأصول التسامح في الفقه المالكي وضوابطه، لتنتقل بعد ذلك للحديث عن المدرسة المالكية وصناعة التسامح بالأندلس؛ وختمت بنتائج جلّت فقه التسامح من زاوية المذهب المالكي.ثم تحدث الدكتور عبد القادر بنعزوز، من الجزائر عن دور الوقف الخيري في بناء جسور التسامح والتواصل الحضاري؛ وأقامه على مبحثين، الأول عن مسوغات الاستفادة من الوقف في بناء جسور التسامح والتواصل الحضاري؛ والثاني عن آليات الوقف لهذا البناء؛ ليخلص بعد ذلك إلى الخاتمة التي سجل فيها أن بناء التسامح والتواصل الحضاري يقومان على بناء المنظومة القيمية والعقلية للإنسان.والجلسة الثانية ترأستها الدكتورة حياة البرهماتي، عميدة كلية الدراسات العليا والبحث العلمي في الجامعة، عن: جهود دولة الإمارات في إرساء قيم التسامح والتواصل الحضاري؛ وتناولت عرضين، تحدث في الأول عمر الدرعي، الباحث في الجامعة، عن التسامح فريضة شرعية وفطرة إنسانية؛ وبين جهود دولة الإمارات في إرساء قيم التسامح والتواصل الحضاري.ثم تحدث الدكتور عبد الواحد الإدريسي، رئيس قسم الماجستير بالجامعة في العرض الثاني: من عام الصلح إلى عام التسامح نظرات تاريخية تحليلية لتقوية الخيار السلمي؛ وأسّسه على ثلاثة محاور: تحدث في الأول عن الصلح الحسني وفضائله العتيدة، وعبره المتجددة. والثاني عن عام التسامح الذي عُدّ أفضل احتفاء بعام الصلح. والثالث خُص ببيان مظاهر التسامح ومهاراته في دولة الإمارات. وأعقب كل جلسة مناقشة.
مشاركة :