دشنت مصر باقة قنوات “أون تايم سبورتس” الرياضية الفضائية المفتوحة، لكسر الممارسة الاحتكارية للبطولات الرياضية التي تقوم بها شبكة “بي إن سبورتس” القطرية، في خطوة انتظرها الجمهور المصري طويلا. وقالت الهيئة الوطنية للإعلام في مصر، السبت، إن الباقة الرياضية الجديدة المقرر أن تنطلق رسميا نهاية العام الجاري، تهدف إلى القضاء كلّيا على سياسة الاحتكار، وتقديم محتوى تلفزيوني رياضي قوي ينافس المحطات الأخرى، وتقديم خدمة مميزة للمشاهد المصري والعربي. وقالت مصادر إعلامية لـ”العرب”، إن هناك اتجاه مصريّا لتوسيع الشبكة الرياضية الجديدة في الحصول على حقوق البث الفضائي والأرضي للبطولات القارية، على أن يتم ضخ رؤوس أموال كبيرة لتحقيق هذا الغرض، لقطع الطريق على أي شبكة تخطط لاحتكار الفعاليات الرياضية وتحرم المواطنين محدودي الدخل من المشاهدة. وأضافت المصادر، وهي قريبة من دائرة صناعة القرار الإعلامي، أن “القاهرة ترغب في دخول مجال الاستثمار في مجال الإعلام الرياضي، بحيث لا تترك الساحة لكيان بعينه يتحكم في رغبات وتطلعات الجمهور، أو حتى العربي، ويتم توظيف الاحتكار لتحقيق أهداف سياسية على حساب المشاهدين”. وتقرر ضم قنوات “أون سبورت” المصرية مع قناة “تايم سبورتس” التابعة لاتحاد الإذاعة والتلفزيون وتبث على التلفزيون الأرضي، لتشكيل باقة رياضية واحدة، وتوحيد الجهود لإطلاق شبكة بإمكانية متميزة تحافظ على حقوق المواطنين في الاستمتاع بمشاهدة كبرى البطولات الرياضية القارية دون احتكار. وأطلقت القاهرة في يونيو الماضي قناة “تايم سبورتس” الأرضية لجذب الجمهور المصري بعيدا عن “بي إن سبورتس”، وبثت بطولة كأس الأمم الأفريقية التي استضافتها القاهرة مجانا، ما تسبب في خسائر فادحة للشبكة القطرية، وتراجعت نسبة الاشتراك في باقاتها. وبإطلاق باقة القنوات الرياضية الجديدة، تنضم مصر رسميا إلى التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات والبحرين، لكسر احتكار “بي إن سبورتس” للأحداث الرياضية الهامة، بعدما استجابت البلدان الثلاثة لشكاوى الجمهور المحلي من ممارسات احتكارية للشبكة القطرية تكلفهم مبالغ كبيرة، فتم بث المباريات القارية على المحطات الأرضية، والحد من بيع أجهزة استقبال “بي إن” في الدول الثلاث. جهات إعلامية مصرية تخطط لإذاعة المباريات الأفريقية والقارية، والضغط على "كاف" للحصول على هذا الحق بدلا من "بي إن سبورتس" وتأتي الخطوة المصرية بعد أيام قليلة من نجاح القاهرة في حشد الأصوات داخل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) للقضاء على سياسة احتكار “بي إن سبورتس” للمنافسات الرياضية في القارة السمراء. وقرر “كاف” إنهاء التعاقد المبرم مع شركة “لاغاردير” الفرنسية، المالكة لحقوق نقل منافسات بطولات الاتحاد على صعيد الأندية والمنتخبات، وتعمل لحساب “بي إن سبورتس”. وشكل القرار ضربة قوية للشبكة القطرية التي استطاعت أن تحصل على الحقوق الحصرية للبطولات الأفريقية حتى عام 2028، بقيمة مليار دولار، عندما كان عيسى حياتو الكاميروني رئيسا للاتحاد الأفريقي لكرة القدم. واستند “كاف” إلى تقرير هيئة المنافسة المصرية، المعروف بجهاز حماية المستهلك ومنع الاحتكار، الذي أكد أن الاتفاقية المبرمة بين الاتحاد و”بي إن” خرقت قواعد المنافسة النزيهة، ولا بديل عن إلغائها، لأنه لا يصح استمرار الشبكة القطرية في احتكار المنافسات الرياضية الأفريقية لنحو 20 عاما دون منافسة. ويمنح “كاف” حق البث المباشر والحصري لبطولات الاتحاد الأفريقي منذ عام 2008 لشركة “لاغاردير” التي تمنح الأفضلية دائما لشبكة “بي إن سبورتس”، واستطاعت أن تجدد عقود الاحتكار حتى 2028، وهو ما جرى إلغاؤه عبر جهاز حماية المستهلك والمحكمة الاقتصادية في القاهرة. وما يعزز القدرة المصرية على تخفيف احتكار “بي إن سبورتس”، أن الشركة المصرية لخدمات إعلانات الأقاليم “بريزنتيشن”، سبق أن تقدمت بعروض مالية ضخمة لـ”كاف” للحصول على حق الاستغلال التجاري للحقوق المتعلقة ببث البطولات الأفريقية، تفوق قيمتها ما قدمته “بي إن سبورتس”، لكن تم التعاقد مع الأخيرة دون سبب واضح. وأكد حمدي الكنيسي، عضو الهيئة الوطنية للإعلام، في تصريح لـ”العرب”، أن القضاء على احتكار الشبكة القطرية للبطولات الأفريقية والأسيوية يتطلب موقفا عربيا موحدا لكسر الرقم المادي الذي تقدمه قطر للتلاعب بجمهور كرة القدم. استياء الجمهور الرياضي من ممارسات "بي إن سبورتس" القطرية يفتح أبواب الاستثمار ويحظى التحرك المصري بدعم جماهيري لافت، وتدرك الحكومة، أن توفير الحماية الكاملة للجمهور في متابعة الأحداث الرياضية دون احتكار، يعيد الناس مرة أخرى للجلوس أمام الشاشات المصرية بعد سنوات طويلة من هجرها، وترى أن تقديم محتوى رياضي لبطولات قارية على القنوات الوطنية يزيد الثقة في قدرات وإمكانيات الحكومة. وقال عصام حمدي، وهو شاب ومشجع كروي متعصب، “لو أخفقت الحكومة في أغلب الملفات ونجحت في إنهاء احتكار قطر للبطولة الرياضية، فهذا يكفيها، لأن الناس يدمنون كرة القدم، وأمام هذا الإدمان ينسون مشكلاتهم وأزماتهم”، وهو ما أيّده ثلاثة من أصدقاء عصام، تحدثوا لـ”العرب” حول الخطوة المصرية. وأضاف أحدهم، ويدعى حسن صبري، “لا يمكن أن يكون أبسط أحلام مشجعي الكرة في مصر مشاهدة البطولات الأفريقية للأندية والمنتخبات في منازلهم، بعيدا عن الاضطرار للنزول في أوقات متأخرة، صيفا وشتاء، لمتابعتها في المقاهي بسبب احتكار القنوات القطرية”. وتخطط الجهات الإعلامية في مصر للوقوف بوجه “بي إن سبورتس” وإذاعة المباريات الأفريقية والقارية المرتبطة بالأندية والمنتخبات الوطنية، والضغط على “كاف” للحصول على هذا الحق، أسوة بالتحرك السعودي واقتناص الرياض لقرار من الاتحاد الآسيوي بإلغاء احتكار الشبكة القطرية لمباريات ومسابقات القارة الآسيوية في السعودية. وأكد حمدي الكنيسي، لـ”العرب”، أن هناك خطوات أخرى كثيرة ينتظر أن تقوم بها مصر لكسر الاحتكار لصالح جمهورها، لمنع حرمان المشاهدين من متابعة الأحداث الرياضية
مشاركة :