تتواصل انتفاضة البنزين في إيران، ويواصل النظام إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، وبينما يعلن نظام الملالي أعدادًا قليلة للقتلى، توكد تقارير حقوقية وشهادات من الداخل أن أعداد القتلى بالعشرات والمصابين بالمئات. تتصاعد الاحتجاجات الشعبية في إيران ضد سلطة الملالي منذ يوم الجمعة الماضي فيما تتعامل قوات النظام بعنف مع المتظاهرين بإطلاق الرصاص الحي على التجمعات مما أدى إلى سقوط المزيد من القتلى والجرحي. وقد درج نظام الملالي على إعلان أعداد قليلة من القتلى بينما توكد تقارير حقوقية وشهادات من الداخل أن أعداد القتلى بالعشرات والمصابين بالمئات. وأقدم محتجون على إضرام النار في عدة مصارف بمدن إيرانية مختلفة، وتم إحراق مصرف “ملي” الحكومي في بلدة ساوة، ومصرف “مسكن” في بلدة كيانشهر، غرب طهران كما أضرم المحتجون الإيرانيون النيران في عدة بنوك بمدينة أصفهان جنوب العاصمة، وفي محطة للوقود في مدينة كرج، بينما شهدت مدينة بومهن بمحافظة طهران سقوط قتيلين و4 جرحى. وأعلنت وزارة التربية والتعليم الإيرانية عن تعطيل الدوام في جميع المدارس بمحافظة أصفهان، وفي مدينتي شيراز وكازرون بمحافظة فارس، ومدينة كرج بمحافظة البرز، وبلدتي شهريار ورباط كريم في محافظة طهران. وأطلقت قوات الأمن الإيرانية الرصاص الحي على متظاهرين في منطقة عفيف آباد في شيراز، والتي شهدت أيضاً إحراق مصارف، بحسب ما ذكرت مواقع إيرانية، فيما هدد مدعي عام كرمنشاه المتظاهرين بالإعدام يأتي ذلك فيما أفادت مواقع إيرانية بتعطيل الدراسة في طهران اليوم الثلاثاء، بسبب الاحتجاجات. إضراب عام يشل الأسواق وفي مدينة نجف آباد بأصفهان وسط إيران أغلقت الأسواق وسط إضراب عام وتشديد الإجراءات الأمنية وأعلن الحرس الثوري في بيان أنه سيتخذ إجراءات حاسمة ضد الإخلال بالأمن، فيما قال محافظ طهران إن الاحتجاجات عمت 22 محافظة من أصل 31. وأفادت الأنباء بأن ممثل المرشد الإيراني، علي خامنئي، في مدينة “يزد” طلب تعزيزات بعد مهاجمة مكتبه كما اندلعت اشتباكات بين الأمن والمتظاهرين في “إسلام شهر” جنوب طهران، وطلب حاكم المدينة تعزيزات لخطورة الوضع. وأعلن متحدث باسم جماعة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة شاهين قبادي على تويتر أن الانتفاضة امتدت إلى 107 مدن إيرانية، مشيرا إلى مقتل 61 شخصا في عشر مدن واعتقال ما يقرب من 1000 شخص. وأدت أعمال العنف ضد المتظاهرين في المدن الإيرانية على مدار 3 أيام إلى سقوط المزيد من القتلى وشهدت العاصمة طهران مظاهرات ليلية تخللتها مواجهات مع قوات الأمن وقطع طرقات من قبل المتظاهرين وأطلق متظاهرون شعار الموت للدكتاتور. وهدَّد وزير الداخلية الإيراني، عبد الرضا رحماني فضلي، المحتجين بتحريك قوات الأمن لاستعادة الهدوء وجاءت تصريحات الوزير بعد أن هددت وزارة الاستخبارات الإيرانية بالتعامل بقوة مع أي “إخلال بالقانون”. وندد البيت الأبيض باستخدام السلطات الإيرانية لما وصفها بـ”القوة المميتة” ضد المتظاهرين في إيران وفرض قيود صارمة على الاتصالات، في وقت دعت ألمانيا لاحترام الاحتجاجات المشروعة. وأكدت زعيمة المعارضة الإيرانية، مريم رجوي، أن النظام الإيراني يتصور عبثاً أنه يستطيع بالقتل والاعتقال إيقاف عجلة الانتفاضة، مضيفة أن الشعب الإيراني والمقاومة عقدوا العزم على الإطاحة بهذا النظام وإقامة السلام والديمقراطية والسلطة الشعبية في إيران مطالبة المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، بدعم مطالب الشعب الإيراني لإسقاط النظام وتحقيق الحرية والديمقراطية في إيران. أوضاع اقتصادية صعبة أكد خبراء لـ(البلاد) أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة في إيران، ستكون وقودًا لاستمرار الانتفاضة، وأن الثورة على النظام الذي أهدر ثروات البلاد على مغامراته الخارجية مستمرة حتى لو نجح بقمعه في تجاوز الانتفاضة الحالية. أزمات خانقة وقال أحمد الإمام، الخبير الاقتصادي، إن إيران تشهد احتجاجات واسعة نتيجة ارتفاع أسعار النفط، رغم أنها دولة نفطية، ويعاني شعبها من ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات البطالة وأزمات اقتصادية خانقة، وخلال انتفاضة البنزين قتل العشرات واعتقلت السلطات الآلاف، وهذه هي الحركة الاحتجاجية هي الأكبر في إيران منذ المظاهرات المعترضة على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا في العام 2009. وأضاف لـ(البلاد) أن وتيرة تفاقم الأوضاع فى الاقتصاد الإيراني ارتفعت مع زيادة الحصار الأمريكي واضطرار إيران لتخفيض حجم الإنتاج النفطي لعد قدرتها على تصدير كامل إنتاجها، حيث بدأت الولايات المتحدة، في الرابع من نوفمبر2018، بتطبيق الحزمة الثانية من العقوبات على إيران بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاقية النووية فى 8 مايو 2018، وخلفت العقوبات تداعيات اقتصادية على الإيرانيين مع تراجع العملة الوطنية وخسارة أكثر من ثلثي قيمتها، وشملت العقوبات الأمريكية مختلف القطاعات الاقتصادية والمالية والصناعية وعلى رأسها قطاع النفط. وأوضح الإمام أن صادرات إيران النفطية تكاد تكون قد “صفرت”، حيث فاجأت الإدارة الأمريكية أسواق النفط العالمية بقرارها في 22 إبريل 2019 بالغاء الإعفاءات الأمريكية الممنوحة للدول الثمانية لاستيراد النفط الإيرانى، وبذلك القرار حرمت العقوبات النظام الإيراني من عشرات المليارات من الدولارات كان يجنيها من صادرات النفط، مما تسبب في أزمات كبيرة ورفع للأسعار، وتدهور قدرة الإيرانيين عن شراء المستلزمات الأساسية، مما دفعهم للانتفاض ضد نظام الملالي. وأشار إلى أن سعر الصرف الرسمي للريال الإيراني يبلغ 42 ألف ريال مقابل الدولار الأمريكي، لكن سعر السوق بلغ حوالي 115 ألفًا خلال هذا الشهر، وفقًا لموقع أسعار الصرف الأجنبي، ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد الإيراني مزيدًا من الإنكماش بـ 9.5 % هذا العام، وارتفاع التضخم بصورة قياسية أكثر 36% كما يتوقع صندوق النقد، ووفقا للتقديرات الأخيرة للبنك الدولي الشهر الماضي، الاقتصاد الإيراني سيختم السنة المالية 2019-2020 بحجم يصغر 90% عما كان عليه قبل عامين، ويعد هذا أسوأ أداء متوقع للاقتصاد الإيراني منذ عام 1984، حين كانت إيران في حرب مع العراق. وتابع بأنه في التدهور الاقتصادي المتفاقم يتزايد خوف النظام الإيراني من اتساع وتيرة احتجاجات الداخل، حيث يرافق الركود الاقتصادي انتشار الفساد بين كبار المسؤولين في الدولة ، في وقت تسارعت فيه وتيرة الفقر بين الإيرانيين أكثر من أي وقت مضى. وأتم الإمام أن العامل الداخلي يلعب الدور المحوري في التغيير، لكن العوامل الخارجية تساهم بشكل كبير في التغيير، وهذا ما رأيناه في الثورة السورية التي رغم شدتها وحجم التضحيات من جانب وشدة بطش السلطة من جانب آخر، لكن تدخل العامل الخارجي المتمثل في روسيا وإيران لصالح السلطة أدى إلى بقاء النظام. التمييز العرقي وقال علي قاطع الأحوازي، مدير المرصد الأحوازي لحقوق الإنسان، إن الجرائم التي ترتكبها السلطة الإرهابية في إيران وشدتها وبشاعتها لم تكن كافية لسقوط النظام في إيران لذا يجب الاستمرار في الضغط على طهران. وأضاف لـ(البلاد) أن النظام الإيراني استمر في ممارسة التمييز العرقي ضد الشعوب غير الفارسية التي تتشكل منها التركيبة السكانية للدولة، وأن شرارة البنزين فجرت كل معاناة سكان إيران من كل القوميات، حيث يعانون من إفقار ومستويات معيشية متدنية، جعلتهم يدركون ألا حل لمشاكله إلا بإسقاط النظام الإرهابي الذي يهدر ثروات البلاد على مغامراته خارج الحدود، وأن الثورة على النظام مستمرة حتى لو نجح بقمعه في تجاوز الانتفاضة الحالية.
مشاركة :