اليوم تطوي نكبة فلسطين - وهي نكبة للعرب أيضاً - عامها السابع والستين كذكرى محمّلة بأكثر مما يستطيع شعب تحمّله من عبء التاريخ والجغرافيا وظروفهما المجافية. ولا نغالي إذا قلنا إن كل سنة تمر على النكبة تحمل معها نكبات جديدة، سواء على واقع القضية الفلسطينية المنكوبة أصلاً أو على صعيد الوضع العربي الذي طالما كان السند والرافعة للنضال الفلسطيني المتواصل لتصحيح مجرى التاريخ. من المرهق تناول كل الظروف الصعبة التي تحل ذكرى النكبة في ظلّها كل سنة، لكن نظرة سريعة ولو حتى عابرة توحي بمدى الخطورة التي يعيشها المصير العربي في أحلك مراحل تاريخه. فلسطين باتت مهددة بالكامل، وطناً وشعباً ومقدّسات وقضية، ذلك لأن غول الاستيطان يأكل الأخضر واليابس طالما أن أحداً لا يقف في وجهه باستثناء ألسنة الشجب والاستنكار والتنديد الخجولة في معظم الأحيان. والفلسطينيون أنفسهم يخرجون من منطقية نضالهم عبر طريق الانقسام المؤسف. هذا الانقسام نكبة بحد ذاتها، لأن شعباً منقسماً لا يمكن أن يسير قدماً، وقيادة متصارعة لا يمكنها إيصال السفينة إلى أي بر. ومن الواضح أن أية بارقة أمل لا تلوح في أفق المصالحة الفلسطينية، بل إن الفرقاء الفلسطينيين لا يتوقّفون عن المناكفة وصنع أسباب تعزيز الانقسام. ومن المؤسف أكثر أن الانقسام ليس حكراً على الفلسطينيين، بل بات سمة عربية وإسلامية، وليست هذه الحروب الطائفية والمذهبية التي تضرب الكثير من البلدان العربية سوى وصفة للهوان ولتحويل النكبة إلى نكبات وكوارث.
مشاركة :