بغداد - وكالات رفض المتظاهرون في العراق ما يمكن اعتباره المبادرة السابعة التي تصدر عن الحكومة والبرلمان والقوى السياسية المشاركة في السلطة، منذ انطلاق التظاهرات في الأول من أكتوبر الماضي، معتبرين أنها تصب في خانة الرهان على عامل الوقت للقضاء على الحراك. وكان قد خرج عن المبادرات السابقة للسلطة، إطلاق ما يُعرف بالحزم الإصلاحية، وتضمنت أكثر من 70 قراراً يتعلق أغلبها بمنحٍ ومساعدات ووظائف وتعديل قوانين، أو سنّ أخرى جديدة، وإلغاء امتيازات لمسؤولين، وتعجيل فتح ملفات فساد، لكن الحراك الشعبي رفضها. وكان أكثر من 12 تكتلاً وحزباً سياسياً، يملكون نحو 80 في المائة من مقاعد البرلمان قد أعلنوا الوثيقة التي تضمنت المبادرة و خارطة طريق، وتناولت بنوداً ونقاطاً رئيسة عدة، أبرزها منح حكومة عادل عبد المهدي 45 يوماً لإجراء تعديلٍ وزاري، وللبرلمان المدة ذاتها لإقرار قانونٍ جديد للانتخابات، وكذلك تشكيل مفوضية انتخابات، وسنّ قانون لتنظيم عمل الأحزاب، وكشفت مصادر سياسية عراقية مطلعة، بينها قيادي في تحالف «الفتح» أن الوثيقة الموقعة خضعت لتعديلات عدة أثناء عملية المفاوضات حولها». وكشفت المصادر أن الاجتماع، الذي عقد في مقر إقامة زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، برعاية رئيس الجمهورية برهم صالح، لكن قوى عدة مشاركة رفضت هذا الطرح، بسبب انتقادها لمواقف وتحركات صالح الأخيرة، والتي فسرت بأنها سعي منه لإسقاط حكومة عبد المهدي ككبش فداء». وفيما لم تدع القوى السياسية رئيس الجمهورية، فقد وجّهت دعوةً لرئيس الوزراء، الذي اعتذر، بحسب المصادر المطلعة. إلى ذلك طالب ناشطون عراقيون الحكومة ، بالكشف عن مصير المغيبين والمختطفين من المتظاهرين، موجهين دعوة للمنظمات الحقوقية المحلية والدولية للمشاركة في عملية التحري عنهم.وأضافوا في بيان وزع بساحة التحرير في بغداد «نوجه النداء لسلطة القضاء وجميع المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بالتحري والمساهمة في الكشف عن مصيرهم»، مشددين على ضرورة احترام حرية التعبير والتظاهر والتجمع والاعتصام باعتبارها حقوقا كفلها الدستور لجميع العراقيين.وأشار الناشطون إلى أن حملات الاعتقال الجماعي للمتظاهرين في العاصمة بغداد وبقية المحافظات «تعد جريمة وإجراء مخالفا للدستور وجميع العهود والمواثيق الدولية».وتابع البيان «إننا إذ نذكر أدناه بمجموعة منهم (المختطفين) نبين أن معلوماتنا غير مكتملة عنهم، لذا ننتظر أية معلومة تسهم في تعزيز مطالبتنا بالكشف عن مصيرهم». ونشر الناشطون أسماء عدد من المتظاهرين الذين خطفوا بعد خروجهم من ساحات التظاهر وهم كل من أحمد عطا الكعبي، وشاكر رائد نعمة، وحيدر رحمن حيدر، وعمار بشير زيدان، ومحمد مثنى ناظم، وصالح مهد يونس، وعلي عبد العكيلي، وحسين علاوي ناصر، وعلي كريم الجوراني، وياسر عادل كامل، وإيهاب حاتم حبيب، وكرار حاتم، وأحمد باقر جاسم، وعمر فؤاد، وأحمد بقلي. وعلى الرغم من تكرار حالات الخطف ثم الإفراج عن ناشطين في الاحتجاجات، إلا أن الحكومة العراقية ترفض الكشف عن الجهات الخاطفة، وتتجنب الحديث عنها باستثناء دعوة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الأسبوع الماضي للجهات التي اختطفت أحد ضباط وزارة الداخلية إلى الإفراج عنه، وهو ما أثار موجة سخرية لدى العراقيين.في هذه الأثناء، تواصل وزارة الصحة العراقية التعتيم على حصيلة ضحايا التظاهرات، وسط استمرار توقف المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق عن تحديث أرقامها، على الرغم من تسجيل المدن جنوب ووسط البلاد وبغداد وفاة متظاهر واختناق العشرات خلال الساعات الـ24 الماضية.ووفقاً للمسؤول، فإن الحصيلة الحالية المتوفرة هي مقتل 331 عراقياً منذ الأول من أكتوبر الماضي، وإصابة ما لا يقل عن 17 ألفًا آخرين، مضيفا أن معدل الضحايا تراجع كثيراً خلال الأسبوع الماضي، وقد يعود السبب في ذلك إلى الضغوط على الحكومة من قبل النجف والأمم المتحدة.من جهة اخرى دشّنت مجموعة من العراقيين حملة شعبية لجمع البطانيات والأغطية والملابس للمتظاهرين الذين يصرّون على المبيت في ساحات وميادين بغداد وجنوبي ووسط البلاد، رغم انخفاض درجات الحرارة وقساوة البرد، في إشارة منهم إلى أنّ الصمود سلاحهم إلى حين تحقيق مطالبهم.
مشاركة :