يوضح أحد عٌشاق السفر والرحلات من جدة أن المملكة العربية السعودية ليست كلها مناطق رملية، لكنها تضم مظاهر طبيعية تتنوع ما بين الجبال والوديان والشواطئ والأماكن الخضراء المورقة. أدرك أحمد شطا البالغ من العمر 37 عاما من مدينة جدة، خلال أول رحلة له بينما يشرب الماء بين أحضان الطبيعة، أن هناك حياة أخرى يستطيع التمتع بها أكثر من مجرد الجلوس أمام الشاشات طوال اليوم. بدأ الأمر بالنسبة إلى أحمد بصحبة مجموعة صغيرة في مدينته، الأمر الذي شجعه على اكتشاف الطبيعة من خلال المشي مسافات طويلة. إن الشعور بالانتصار عند الوصول إلى وجهة مستهدفة والتأمل في المناظر الطبيعية يلهم أحمد ويشجعه على مواصلة الكشف عن مسارات جديدة للرحلات مع قيامه في الوقت نفسه ببناء مجتمع وأعمال تجارية تشجع الآخرين على الانضمام إليه. يقول أحمد: «في اللحظة التي أصل فيها إلى الهدف بعد ساعتين أو ثلاث أو خمس ساعات من المشي، أشعر أنني قد فعلت شيئاً مهماً كما لو كنت أطير في عنان السماء. وفكرت، لماذا لا أقوم بتحويل هذا الأمر إلى مشروع تجاري وأجعل الناس يرون ما أشعر به؟». أسس أحمد شطا في عام 2014 بالتعاون مع أحد زملائه من عشاق الرحلات والسفر مجموعة بعنوان جدة جو أوت دورز. وتهدف هذه المجموعة إلى نشر روح المغامرة وإلهام الناس لاكتشاف مناظر الطبيعة الخلابة في المملكة العربية السعودية. زاد حجم المشروع، الذي بدأ في أول رحلة بثلاثة عملاء فقط وانضم إليهم مؤسسو المشروع، ليصبح اليوم شركة تمتلك أكثر من 30000 عميل. يقول أحمد: «إن جمال المشي هو أنه نشاط يستطيع أي شخص القيام به. يشارك في تلك الرحلات المتجولون على اختلاف أعمارهم من سن 8 إلى 60 عاماً، ولكن الأمر يتوقف أحياناً على مستوى صعوبة الرحلة. ومن المثير للاهتمام أن حوالي 80% من المشاركين من النساء. ويتابع أحمد مازحاً: «أنا لا أعلم أين الرجال». يمكنك أن ترى العالم في المملكة العربية السعودية أعلنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة العربية السعودية الشهر الماضي عن برنامج جديد للتأشيرات السياحية، وتخفيف القواعد الصارمة الخاصة بالملابس و ذلك في إطار مجموعة من الخطط تهدف إلى تعزيز صناعة السياحة التقليدية داخل البلاد وجذب الاستثمارات الأجنبية. يأتي هذا التوجه في إطار رؤية 2030 التي حددها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع مصادر دخل الاقتصاد السعودي بعيدا عن النفط. وأشار أحمد قائلا: «على عكس جميع التصورات، توفر المملكة الواقعة في منطقة الخليج العربي الكثير من الوجهات الغنية بالمناظر الطبيعة». وفي رده على سؤال عن الصورة السائدة عن المملكة بأنها صحراء قاحلة، قال أحمد: «نسمع هذا كثيراً. لكن، المملكة العربية السعودية دولة ضخمة من حيث المساحة، ويتوافر بها الجبال والشواطئ والجزر والوديان والمساحات الخضراء، لدينا الكثير والكثير من مظاهر الطبيعة. يوجد بالمملكة أماكن مثل جزر المالديف في أملاج، ومساحات خضراء وأمطار في منطقة عسير مثلما هو الحال في ماليزيا، وجبال مثل جبال كليمنجارو بالقرب من أبها والطائف، والحفر البركانية في وهبة. وهكذا، يمكنك رؤية مناطق العالم المتنوعة داخل المملكة العربية السعودية». ويشير أحمد، الذي يعمل في شركة اتصالات، إلى إنه يحدد مواقع جديدة لرحلاته وجولاته في عطلة نهاية الأسبوع باستخدام خرائط جوجل. ويوضح قائلاً: «نحن ندرس الخرائط، ونحدد أماكن نعمل على استكشافها». في بعض الرحلات مع المتجولين المحترفين، وصل أحمد والمجموعة إلى مناطق غنية بمظاهرة الحياة البرية. وعن تلك التجربة يوضح بقوله: «في إحدى الرحلات اكتشفنا الكثير من الحيوانات مثل: الذئاب والقرود والحمير في مناطق لم يصل إليها أحد من قبل». تغيير الروتين غالباً ما تتضمن المغامرات التي تخطط لها «جدة جو أوت دورز» أنشطة مختلفة مثل: المشي مسافات طويلة تحت ضوء القمر، والتأمل في النجوم، والغوص، والتخييم، وممارسة اليوجا، وحفلات اللهو بالألوان، وحفلات الشواء، والألعاب والترفيه. يقول أحمد: «يحب الناس رؤية وجوه جديدة وأماكن جديدة وأشياء جديدة. نحن نعمل طوال أيام الأسبوع. لدينا مديرون، وضوضاء، وإجهاد، والكثير من الأشياء.. ومن أجل التحرك، أو الطيران، أو الهروب من كل هذه الأشياء، فإننا نتبع الطريق الطبيعي. نحن نشجع الناس على الخروج». الأهم من ذلك، «لا يوجد ولو هاتف واحد يعمل خلال تلك الجولات»، لأن العديد من المناطق تفتقر إلى تغطية شبكة الاتصالات، الأمر الذي يتيح للناس فرصة الاتصال بالحياة الحقيقية بين أحضان الطبيعة. مسترجعاً كيف استطاع كسر الروتين في حياته، يقول أحمد،: «أشعر بالسعادة عندما أرى الناس يبتسمون ويقولون لي: شكراً لك على هذه الرحلة، الآن يمكننا العودة إلى العمل، وهذا يمنحني الطاقة للمواصلة». ويعترف أحمد قائلاً: «لقد وجدت أنني لم أفعل الأشياء بطريقة طبيعية. كنت متهوراً، حيث كنت ألعب ألعاب الفيديو أو أعكف على البرمجة مدة تتراوح من 5 إلى 10 ساعات يومياً. كنت ستشعر بالصدمة إذا ما رأيت حياتي السابقة. وما كنت لتصدق أنني سأكون متجولاً على الإطلاق». ميجا ميراني هي صحفية مقيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتغطي أعمالها مجموعة متنوعة من المجالات مثل: الأخبار المهمة والمشروعات والإنشاءات والتكنولوجيا وريادة الأعمال في الشرق الأوسط. وتم نشر أعمالها من جانب عدة هيئات مثل: وكالة تومسون رويترز و مجلة انتربرينور الشرق الأوسط ومجلة أرابيان بزنس.
مشاركة :