مطبات تهدد مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية

  • 11/22/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كشف تأجيل مفاوضات السلام بين الجبهة الثورية والسلطة الانتقالية في السودان إلى 10 ديسمبر المقبل، عن تخوفات من فشل المفاوضات بين الأطراف المختلفة والتي كانت مقررة الخميس، في وقت تسعى فيه جهات متفاوضة إلى توسيع دوائر اللقاءات والتعويل على دور محوري لوسطاء إقليميين ودوليين لنجاح المسار. وعلمت “العرب” أن جوبا شهدت على مدار الثلاثاء والأربعاء اجتماعات بين ممثلين للخرطوم في مفاوضات السلام ورئيس الجبهة الثورية، الهادي إدريس يحيى، وعدد من قيادات الحركات المسلحة للتباحث حول الخروج بوثيقة تشمل بنود التفاوض بشكل محدد، وتجميع القضايا الفرعية داخل نقاط رئيسية بما يؤدي لإجراء مفاوضات ناجعة خلال فترة زمنية قصيرة. وقال المتحدث باسم الوفد التفاوضي للحكومة، محمد الحسن التعايشي، إن الخرطوم تتطلع لاستئناف المفاوضات في موعدها الجديد، وإن الفترة الحالية ستشهد المزيد من التواصل مع مجموعات أخرى وشركاء آخرين في عملية السلام كي تكون هناك تصورات تشمل جميع الأطراف السودانية. وأجرى المجلس السيادي تعديلات على وفد التفاوض مع الجبهة الثورية والحركات المسلحة في جوبا، حيث أضاف 4 وزراء، وممثليْن للنازحين و(10) من ممثلي قوى الحرية والتغيير، ووزع مهام الوزراء المشاركين على أربعة ملفات رئيسية، تشمل الترتيبات الأمنية والسلطة ونظام الحكم والقانون والدستور. ويرى مراقبون أن الأطراف الراعية للسلام حريصة على بدء المفاوضات من دون تكرار أزمات أفرزت جملة من المعوقات دفعت للتوقيع على إعلان مبادئ سياسي في 11 سبتمبر الماضي، من دون أن يكون هناك تقدم حقيقي في المفاوضات. من المرجح أن تشهد الفترة المقبلة تفاهمات بين قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية حول إمكانية تعيين ولاة الولايات والمجلس التشريعي قبل نهاية ديسمبر ويدفع التأجيل باتجاه المزيد من التعقيدات أمام الحكومة، ويقود لخرق المواعيد الزمنية المحددة في الإعلان الدستوري الخاصة باستحقاقات المرحلة الانتقالية، ويخصم من فترة الـستة أشهر المقررة للوصول إلى سلام شامل في البلاد. وألمح توت قلواك، إلى أن تأجيل المفاوضات يرجع إلى رغبة الجبهة الثورية في استكمال ورش العمل الخاصة، لكنها ردت على ذلك في بيان رسمي، قال إنها كانت جاهزة للتحرّك لبدء المحادثات، ومكوّناتها على أتم الاستعداد للمشاركة في الموعد الذي سيتم تحديده لاحقا. وكشف رئيس الجبهة الثورية، الهادي إدريس، لـ”العرب”، أن قرار التأجيل كان مفاجئاً لهم، لأن السبب المعلن للتأجيل “ترتيب مسارات الوضع الإجرائي لعملية التفاوض”، جرى الاتفاق عليه منذ فترة، لكن التأجيل يفسح المجال أمام تشكيل لجنة مشتركة بين الجبهة الثورية والسلطة الانتقالية لوضع وثيقة إجرائية مشتركة تسير عليها عملية المفاوضات في المستقبل. وأوضح، أن الفترة المقبلة مقرّر أن تشهد محاولات جديدة لإمكانية إيجاد نقاط مشتركة بين مسارات التفاوض الخمسة، وهي: منطقتا النيل الأزرق وجنوب كردفان، والشرق والشمال السودانيان، ومسار دارفور، على أن تكون المفاوضات المقبلة نهائية من دون الخوض في المزيد من المسائل الإجرائية. ورفض إدريس، الربط بين الأحداث القبلية التي وقعت في بورتسودان أخيرا وبين تأجيل المفاوضات، غير أنه ذهب للتأكيد على أن تشعب قضايا السلام وملامستها لمشكلات عدة في الداخل لا يمكن أن يوثر على سير المفاوضات التي تهدف إلى حل قضايا الهامش، وأن الإسراع في عملية المفاوضات يفوت الفرصة على الجهات التي تحاول عرقلة السلام في البلاد. التأجيل يدفع باتجاه المزيد من التعقيدات أمام الحكومة، ويقود لخرق المواعيد الزمنية المحددة في الإعلان الدستوري الخاصة باستحقاقات المرحلة الانتقالية واندلع نزاع قبلي بين منتسبين لقبيلتي “الهدندوة والبني عامر”، مساء الاثنين، أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 24 آخرين في اشتباكات عنيفة وقعت في أثناء لقاء جماهيري لاستقبال نائب رئيس الجبهة الثورية، رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة، الأمين داود، ما دفع الحكومة الانتقالية إلى إرسال وفد رفيع إلى المدنية لاحتواء حالة الغضب. ويعتقد متابعون، أن تأجيل المفاوضات فرصة يحتاجها كل الأطراف، لأن قيادات الجبهة بحاجة إلى هدوء الأوضاع في بورتسودان للتمهيد لتوافق حول الحلول المتعلقة بمسار الشرق، والحكومة تحتاج لمزيد من الوقت لتنظيم موقفها التفاوضي، وقوى الحرية والتغيير بحاجة إلى التعامل بشكل سريع مع تباين الآراء داخلها قبل دخولها كطرف مشارك في السلام. واعتبر القيادي بتحالف قوى الحرية والتغيير، نورالدين صلاح الدين، أن توقف المفاوضات المباشرة يسمح بأن تكون هناك نقاشات بين أطراف السلام حول إمكانية إدخال تعديلات على الوثيقة الدستورية، ويؤدي للتعامل مع الخروقات المختلفة للتوقيتات الزمنية، ويفضي للتعامل مع الوضع الجديد الذي أفرزه “إعلان جوبا” الذي أرجأ تشكيل ولاة الولايات والمجلس التشريعي لما بعد التوصل إلى اتفاق سلام. وأضاف لـ”العرب”، أن الفترة المقبلة مرجّح أن تشهد تفاهمات بين قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية حول إمكانية تعيين ولاة الولايات والمجلس التشريعي قبل نهاية ديسمبر المقبل بمشاركة الحركات المسلحة، على أن يكون ذلك بشكل مؤقت لحين الانتهاء من مفاوضات السلام الكامل، لأن الأوضاع في البلاد لا تحتمل تأجيل تشكيل مؤسسات حيوية، في ظل التأجيل المتتالي لعملية المفاوضات.

مشاركة :