لبنان: «الحكم المخفف» على سماحة يفتح ملف «المحاكم العسكرية»

  • 5/15/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

أثار الحكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية اللبنانية على الوزير السابق ميشال سماحة موجة غضب عارمة في صفوف قوى «14 آذار» وخصوم النظام السوري، بسبب اقتصار الحكم على 4 سنوات ونصف السنة في جريمة أدين بها بعد اعترافه بنقل متفجرات وأسلحة سلمه إياها رئيس مكتب الأمن القومي السوري علي المملوك، بهدف تفجير موائد إفطارات في الشمال واغتيال نواب وسياسيين ورجال دين. وتدحرج الغضب السياسي إلى حد المطالبة بإعادة النظر بمبدأ «المحكمة العسكرية» بأكملها، فأعلن وزير العدل أشرف ريفي عن إحالة القاضية المدنية في الهيئة التي حاكمت سماحة ليلى رعيدي، إلى التفتيش القضائي، كاشفا أن يجري وضع «اللمسات الأخيرة» على مشروعه لتعديل قانون المحكمة العسكرية، فيما قال وزير الداخلية نهاد المشنوق، إن «الكيل قد طفح وصار كل شيء مباحًا». وعلمت «الشرق الأوسط» أن حزب الله وحلفاءه يدفعون بدورهم في اتجاه الطعن بالحكم طالبين «البراءة»، وأشارت المعلومات إلى أن محامي سماحة باشر تحضير ملف الطعن الذي سيتقدم به لإعادة النظر بالحكم. وقد تسلّم يوم أمس مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر ملف القضية وبدأ دراسته لإعداد الطعن وتمييزه أمام محكمة التمييز العسكرية ضمن المهلة المحددة قانونا، وفق ما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام». وتحدثت مصادر في تيار «المستقبل» عما وصفته بـ«التدخلات التي رافقت محاكمته منذ إلقاء القبض عليه إلى حين اعترافه بما قام به»، مشيرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى التدخلات السياسية من قبل حلفاء النظام السوري في لبنان، والتي كانت تطالب بإخلاء سبيله وتعطيل إجراءات المحاكمة إلى أن وصلت إلى هذه المرحلة لإعطاء «الغطاء القانوني» للحكم كي لا يتحملوا تداعياته السياسية. وأضافت: «ناقل سلاح من مكان إلى آخر يحاكم بثلاث سنوات، بينما ناقل المتفجرات لتنفيذ عمليات اغتيال يحاكم بأربع سنوات ونصف السنة، كذلك فإن هناك أشخاصا لا يزالون موقوفين منذ أكثر من سبع سنوات في السجون من دون أي محاكمة ولا أدلة تثبت انتماءهم لتنظيمات إرهابية» في إشارة إلى ما يعرفون في لبنان بـ«الموقوفين الإسلاميين». وشرح المصدر أنّ ما بدأ القيام به مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر لتمييز الحكم، قد يؤدي إلى الطعن به إذا ثبت وجود ثغرات فيه لا تتطابق مع القرار الاتهامي، وعندها يحال إلى محكمة التمييز لتصدر قرارها إما القبول به وتعيد المحاكمة أو ترفضه ويصبح الحكم مبرما. ويوم أمس، زار عدد من المسؤولين في «تيار المستقبل» ضريح رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، حيث علق وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على الحكم بحق سماحة قائلا: «سنثأر لوسام الحسن استشهاده الأول، بالقانون، ولن نسمح باغتياله مرة أخرى بالقانون أيضا. ولا يزال لدينا قضاة رجال يعرفون الحق ولا يساومون عليه. هذه مسألة تهدد السلم الأهلي في لبنان، وليست تقنية، لكي تجري المقارنة فيها مع قضايا أخرى، أيا كانت هذه القضايا». وكان رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد وسام الحسن قد اغتيل في انفجار استهدفه في منطقة الأشرفية ببيروت، في أكتوبر (تشرين الأول) 2012، أي بعد شهرين من توقيف سماحة من قبل الجهاز الذي يرأسه الحسن. وقال المشنوق: «لقد ربط الرئيس ميشال سليمان حين كان رئيسا للجمهورية علنا ومن موقعه المسؤول الرسمي، بين كشف مخطط (س م) أي سماحة مملوك وبين اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن. هذه هي القاعدة التي نعتمدها في مقاربة الاغتيال ونتائجه القضائية التي لا نوافق عليها ولن تمر مهما قال من قال أو فعل من فعل، من أي من الجهات السياسية، منبها إلى أن من يستخف بهذا الموضوع يكون شريكا في الاغتيال وشريكا في تخريب السلم الأهلي. على الجميع أن يعوا هذه الحقائق قبل تناولها أو الحديث عنها، فقد طفح الكيل وصار كل شيء مباحًا وليسمع من يريد أن يسمع». من جهته، جدّد وزير العدل أشرف ريفي تأكيده «الاستمرار في النضال من أجل إقامة دولة بوجه الدويلة»، مشددًا على رفض «القبول بمؤسسات تعمل بمعايير مزدوجة». وأضاف: «جريمة النظام السوري موصوفة مع الإرهابي سماحة وقضيتنا الوطنية ستكون المحكمة العسكرية». وشدد على وجوب «أن يكون القضاء يعمل ضمن معيار واحد بحجب التهم عن فريق معين وكأن جرائم إرهابيي محور الممانعة مغفورة». وأضاف: «أحلنا القاضية التي تقاعست عن واجباتها القضائية إلى التفتيش القضائي»، علما بأنّ القاضية ليلى رعيدي التي أحيلت إلى التفتيش هي القاضية الوحيدة المدنية الموجودة في المحكمة العسكرية التي شاركت بالحكم، والتي تخضع لسلطة وزارة العدل. واعتبر رئيس الحزب الاشتراكي، النائب وليد جنبلاط، عبر «تويتر»، أن «حكم المحكمة العسكرية في قضية سماحة يشرع الاغتيال والتفجير»، فيما رأى رئيس حزب القوات سمير جعجع، أن «الحكم يقوض ثقة اللبناني بدولته وبوجود عدالة على هذه الأرض»، سائلا في تغريدة له على «تويتر»: «فهل هذا هو المطلوب؟». وأعلن جعجع دعمه لموقف وزير العدل أشرف ريفي، قائلا: «كلنا مع أشرف ريفي في ردة فعله، حان الوقت للتخلص من المحاكم الاستثنائية وفي طليعتها العسكرية والعودة إلى المحاكم المدنية». وعقد نقيب المحامين في طرابلس والشمال فهد المقدم مؤتمرا صحافيا في مقر النقابة بطرابلس واصفا الحكم بـ«الحكم الفتنة». وقال: «لقد اعترف المجرم سماحة، بالجرائم المنسوبة إليه، ومخططه لاغتيال شخصيات دينية وسياسية قد تؤدي إلى فتنة كبيرة في الوطن». وأضاف: «معظم الدول المتقدمة جعلت اختصاص المحاكم العسكرية محدودا حصرا بقضايا عسكرية، وبعض هذه الدول ذهبت نحو إلغاء هذه المحاكم»، لافتا إلى أن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في دورتها الـ59 أصدرت تقريرا حول قلق اللجنة من الصلاحية الواسعة للمحاكم العسكرية في لبنان. من ناحية ثانية، استنكر لقاء القوى والأحزاب الوطنية والإسلامية، الذي يضم حلفاء سوريا في لبنان، بشدة تصرفات وزير العدل أشرف ريفي «المنافية لقيم العدل، والتي تشكل تعديًا فظًّا على القضاء والقوانين، لا سيّما تدخّله السافر في الحكم القضائي الذي صدر بحق الوزير السابق ميشال سماحة». ولفت اللقاء إلى أن هذه التصرفات تشبه ممارسات الميليشيات الخارجة على القانون، مطالبًا رئيس الحكومة بوضع حدٍّ لها لأنها تلحق أفدح الأضرار بصورة الحكومة وهيبتها ودورها في حماية استقلالية القضاء واحترام الأحكام الصادرة عنه، وطالب بإقالة الوزير ريفي وإحالته للمحاكمة بسبب استمراره في إثارة أجواء الاستفزاز والتحريض التي تعرّض الوطن وسلمه الأهلي واستقراره للخطر.

مشاركة :