«وداعاً.. أيها الدكتور المحبوب»

  • 11/23/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الخميس كان في العيادة.. يرى ويفحص مرضاه ويتابع نتائج عملياته ويحقن من يحتاج لإبر الشبكية، السبت أصبح في العناية المركزة! هذه باختصار قصة أحد أشهر استشاريي الشبكية وأكثرهم علماً ومحبة وتواضعاً، الدكتور حازم الصباغ - رحمه الله -. حكاية كفاح جاهد فيها أثناء مرضه حيث كان يعلم بسوء حالته لكنه أصر أن يبقى واقفاً ليتم عمله ويتقنه.. مرضه الذي عانى منه لكنه قاومه بالجد والعمل والابتسامة، فاجأني بهزاله وتغير وجهه وجسمه لكنه بقي كما عهدناه مبستماً ويسأل عن أحوال الجميع.. لا أنسى حين كان لدي مشكلة فكان يسألني عنها وهو على سرير المرض وفعلاً قام بحلها. يعز عليّ يا دكتور حازم أن أبكيك وأنعاك فأنت من كان لديه خطة لترتيب المكان.. تبكيك غرفة العمليات التي شهدتك تتقن فيها براعتك بعز صحتك وعز مرضك وتبقى فيها ساعات رغم وجعك.. تبكيك غرفة الاستراحة التي تمد فيها يدك لتأخذ إبرك وأدويتك بعد أن أنهكتك ساعات العملية الطويلة.. تبكيك الملفات التي تشهد تفاصيلها بحرصك على تفاصيل مرضاك.. يبكيك المرضى الذين ما وقفوا عن السؤال عنك حتى حين قرؤوا ورقة نعيك مثبته على الجدران.. تبكيك ممرضتك التي تقول إنك والدها وأستاذها وصديقها والتي ما وقفت تسرد لنا عن إنسانيتك معها ومع الناس.. تبكيك الإدارة التي كنت يوما مديرها فشهدت لك بالعدل والقدرة فكنت تدير مشاكلنا الكبيرة والبسيطة وتستمع لنا بكل حب وتهتم فعلاً حتى تجد حلا ينصف ويرضي الجميع.. تبكيك سجادة الصلاة التي كنت حريصاً على إقامتها في وقتها مشجعاً غيرك ليقوم معك بها جماعة.. نعم نبكيك جميعاً لأنك كنت نعم الطبيب ونعم المدير ونعم الزميل ونعم الأب ونعم الإنسان. رحل عنا الدكتور حازم الصباغ ليدفن في مقبرة بالدمام قريبا من عمله ومنطقته التي عاش فيها عمره وقوته وعمل فيها حتى في أيام مرضه وضعفه فقد أخلص حتى آخر رمق في حياته. رحل لكن بقي أثره.. تشهد له عين الطفلة البنغلاديشية التي جاء بها والدها للفحص بتحويل فاكتشف الدكتور حازم سوء حالها وحاجتها الماسة لإبر الشبكية فاعتذر الوالد بأنه لا يستطيع دفع المبلغ، وأنه سينتظر حتى إجازته ليعالجها في بنغلاديش وخرج.. لم يستطع قلب الدكتور حازم أن يسكت فطلب من ممرضته أن تلحق سريعاً به قبل المغادرة وتعيده فورا ليتكفل هو بعلاجها. توقف قلبه الآن لكن عين الطفلة المبصرة ستبقى صدقة جارية له في كل حياتها! وكم من أعين نعرف ولا نعرف عنها جعلتها تبصر بما منحك الله إياه من علم.. رحمك الله يا دكتور حازم وجزاك الله خيراً وخيراً.

مشاركة :