الإعلان الأمريكي بأن «إقامة مستعمرات/ «مستوطنات» إسرائيلية في الضفة الغربية لا تتعارض في حد ذاتها مع القانون الدولي» هو باختصار جريمة، ومخالف لكافة المواثيق والقوانين الدولية، ومحاولة لشرعنة الاستعمار الاستيطاني ولإلغاء القانون الدولي المدعوم من الأمم المتحدة ومجلس الأمن. هناك إجماع بين النخب السياسية في «إسرائيل» على دعم الإعلان الأمريكي.. فإن كان رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) اعتبره «تصحيحا» لما وصفه بـ«ظلم تاريخي»، فإن المكلف بتشكيل الحكومة\ رئيس قائمة «أزرق أبيض» (بيني غانتس) رحب به واعتبر الإعلان «بيانا مهما ويشير مرة أخرى إلى موقف الولايات المتحدة الثابت في دعم إسرائيل والتزامها بأمن ومستقبل الشرق الأوسط»، متذكرين أن الرئيس الإسرائيلي (رؤوفين ريفلين) طالب منذ العام الماضي «بضم جميع الضفة الغربية إلى إسرائيل مرة واحدة لا على دفعات». أما الأحزاب اليمينية المتطرفة فكانت قد أصرت على وضع نقطة في المشاورات لوضع برنامج الائتلاف الحكومي حول الضم، وقد وافق حزب الليكود و(نتنياهو) حينها على ذلك. العالم أجمع، وعلى رأسه الاتحاد الأوروبي، منذ وصول (دونالد ترامب) إلى البيت الأبيض، أصرّوا على رفض القرارات الأمريكية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، في دلالة واضحة على عزلة الولايات المتحدة في مواقفها المدانة والمرفوضة نتيجة مخالفتها للقانون الدولي في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي لأراض عربية، والتي تمثلت في إعلانات متلاحقة ومعروفة استهدفت فلسطين والجولان. وقد تبين هذا في ردود الأفعال العالمية على الإعلان الأخير، باعتباره إعلانا باطلا ومرفوضا ومدانا ويتعارض كليا مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية الرافضة «للاستيطان»، وقرارات مجلس الأمن، وخاصة القرار رقم (2334)، ما يؤكد حقيقة أن الإدارة الأمريكية فقدت مصداقيتها، وبات دورها هدّاما فيما سمي «عملية السلام». طبعا، مؤكد أن الإعلان الأمريكي يأتي في سياق الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020، حيث يسعى (ترامب) إلى تعزيز فرصه الانتخابية عبر استرضاء القاعدة العريضة للمسيحيين الإنجيليين الذين صوتوا لصالحه بأعداد كبيرة في انتخابات 2016، وأيضا في نطاق «تبادلية» المساعدة بينه وبين (نتنياهو) بعد فشل الأخير في تشكيل حكومة مرتين، وخاصة مع اقتراب إعلان القرار النهائي للمستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية بشأن تقديم لائحة اتهام في قضايا فساد متنوعة تلاحق (نتنياهو). على الرغم من رمزية القرار الأمريكي وعدم تأثيره على التعاطي الدولي مع عدم شرعية «المستوطنات» فإنه قد يوفر الضوء الأخضر للقضاء الإسرائيلي لتوسيع المستعمرات، وضم أراض في الضفة الغربية المحتلة. وفي السياق، سيعزز القرار «إسرائيل» في اندفاعها نحو سياساتها في ضم أجزاء واسعة من الضفة وخصوصاً في ظل وجود (ترامب)، فعدد المستعمرين/ «المستوطنين» في الضفة اقترب من مليون مع مخططات تهدف إلى رفع العدد إلى مليوني مستعمر.
مشاركة :