{ لا تزال الذاكرة مشحونة بكل تفاصيل الهجمة الغربية وعلى رأسها الأمريكية إعلاميا وسياسيا وحقوقيا ضد أنظمة الدول التي تعرضت لما سمي موجة «الربيع العربي» وصولا إلى الخطاب الأمريكي ضغطا بتنحي رموز الحكم، ما أدى إلى سقوط «بن علي» في تونس و«حسني مبارك» في مصر والقذافي في ليبيا! بل مازلنا نتذكر جيدا ما تعرضت له البحرين من ضغوط أثناء أحداث 2011 حين أراد مخططوها اختطاف الحكم لصالح نظام الولي الفقيه! والطريف أنه في حينه كان هذا النظام الثيوقراطي يبارك ويدعم بل ويخطب المرشد الأعلى الإيراني باللغة العربية تأكيدا منه لوصول فحوى رسالته إلى الشعبين المصري والبحريني وغيرهما! وحين ثارت اليوم شعوب العراق ولبنان وإيران في وجه هذا النظام الجائر تغيرت اللغة والتعامل 180 درجة مئوية، فتم اعتبار شيعة العراق «شيعة الإنجليز»! وتم اعتبار الثورتين في العراق ولبنان وبعد ذلك في إيران ثورة خونة ومتآمرين ويتبعون التحريك الخارجي! ولكأن المرشد يريد قلب الآية؛ فما كان ينطبق على حراك «الربيع العربي» يصف به الانتفاضات الصحيحة ضد جور نظامه وحكمه وهيمنته وتوسعه الاستعماري فيما الغرب لا يضغط عليه كما ضغط على الأنظمة العربية! فأي مفارقة وقلب للحقائق يمارسها «خامنئي» ضد شعبه وشعبي العراق ولبنان لأنهم هذه المرة ثاروا ضد الطائفية والمحاصصة والنهب وفساد أذرعه في الخارج وحاشيته داخل إيران؟! وأي نفاق مكشوف يمارسه الغرب معه؟! { كان من المتوقع تماما موقف «نظام الملالي» في قلب الحقائق وممارسة أشد أشكال القمع والقتل في بلاده وفي العراق وعلى أيدي «الباسيج» و«الحرس الثوري» والمليشيات العميلة في العراق؛ لأن هذه هي لغته الوحيدة وخاصة مع شعبه! ولكن الجدير بالذكر هنا هو موقف أمريكا والدول الغربية الكبرى وموقف ساستهم وموقف الإعلام الغربي وموقف المنظمات الحقوقية التي اتضح حجم زيفها معا وحجم النفاق الدولي الذي تمارسه تجاه الشعوب وحقوق الإنسان حين وصلت الثورة إلى إيران وفي العراق وفي لبنان ضد نظام الولي الفقيه، وهو النظام الذي كما هو واضح يعملون جميعا على بقائه واستمراره رغم بشاعة جرائمه ضد شعبه والشعب العراقي! ولن يزيغ بصرنا عن حقيقة هذا الموقف المتواطئ بعض التصريحات الأمريكية والغربية هنا وهناك وبعض التغطيات الإعلامية الغربية التي تدين نظام الملالي على استحياء، وبعض التقارير الحقوقية التي لا ترقى إلى مستوى جرائم نظام طهران التي مارسها في ظل قطعه لكل ما يغذي وسائل التواصل بالصور والتقارير حول تلك الجرائم منذ أن ثار الشعب الإيراني! { المعارضة الإيرانية في الخارج وعلى رأسها المعارضة التي ترأسها مريم رجوي أدلت بتصريح تستغرب فيه موقف الدول الكبرى من القمع الدموي للنظام في طهران ضد الشعب الإيراني، وتدين ترددها وعدم وقوفها بشكل حقيقي مع الثورة ضد هذا النظام! لقد أصبح من الواضح اليوم أن لعبة الضغوط والابتزاز والحقوق لإسقاط الأنظمة هي لعبة لا يسري مفعولها على نظام الملالي في طهران مهما ارتكب من بشاعات وجرائم! لأن الأجندة الأمريكية والغربية أو النظام الدولي هي في العموم (تشذيب أطماع هذا النظام وفرملة طموحاته بعض الشيء حتى لا تتخطى الحدود المرسومة له وليس أكثر من ذلك)! ولهذا تمارس أمريكا بعض العقوبات الاقتصادية فيما تترك للنظام أبوابا أخرى مفتوحة للتمكن من البقاء وعدم السقوط. ولهذا على الرغم من أعداد القتلى والمصابين المتزايدة في كل من إيران والعراق لا نجد أي حراك أممي «الأمم المتحدة» أو حراك دولي أو ضغوطات حقيقية سواء لردع هذا النظام أو مساعدة الإيرانيين والعراقيين الثائرين لإسقاط منظومته في طهران وبغداد! إنه النفاق الغربي والأمريكي سواء على مستوى الساسة أو الإعلام أو المنظمات الحقوقية، وكأن لا شيء كبيرا يحدث حتى يتمكن ملالي طهران وأذرعهم من القضاء على الثورات ضده! قلنا سابقا إن للشعوب كلمتها الأخيرة في النهاية ومازلنا نقول ذلك!
مشاركة :