نظرية المؤامرة... حيلة طهران لإخماد نار الاحتجاجات الشعبية

  • 11/25/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يعمد النظام الإيراني من خلال الخطابات الرسمية لقادته في كل مناسبة إلى تسويق تهمة التحريض الخارجي والتعاون مع الأعداء لوصم المحتجين في الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في مدن إيرانية بعد قرار يقضي بزيادة أسعار البنزين وتقنين توزيعه ويلقى دعم خامنئي. ويبدو أن طهران لم تجد بديلا عن تكرار الرواية التي يعتمدها النظام بوجود أطراف أجنبية تخريبية تغذي الاحتجاجات، حيث حذر إسحاق جهانجيري نائب الرئيس الإيراني دولا بالمنطقة من أنها ستواجه عواقب وخيمة إذا ثبت تدخلها لإذكاء الاضطرابات في بلاده. ونقلت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية عن جهانجيري قوله "على بعض دول المنطقة أن تعلم أنها ستمر بوقت عصيب في المنطقة إذا ثبت بالدليل تدخلها في إشاعة الاضطرابات في إيران". وألقت إيران من قبل بالمسؤولية على "خارجين عن القانون" لهم صلات بمعارضين في الخارج وأعداء أجانب، في تأجيج اضطرابات تلت رفع أسعار البنزين وأدت إلى قيام الحرس الثوري باعتقال نحو ألف متظاهر ووقوع بعض أسوأ أعمال العنف خلال عشر سنوات. وساندت السعودية الخطوات الأميركية لإعادة فرض العقوبات التي كبلت الاقتصاد الإيراني بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الموقع بين طهران والقوى الكبرى في عام 2015. وتصمم إيران على المضي قدما في تعاملها مع الاحتجاجات بالقوة الأمنية لا غير رغم النداءات الدولية المطالبة بضرورة الإصغاء إلى المحتجين واحترام حرية التعبير والمنددة كذلك باستعمال الذخيرة الحية في مواجهة المتظاهرين. ونقل التلفزيون الإيراني عن الشرطة قولها إنها اعتقلت 180 من زعماء الاضطرابات في أنحاء البلاد. وقال مركز حقوق الإنسان في إيران، ومقره نيويورك، على موقعه الإلكتروني إن إحصاء اعتمد على أرقام رسمية وتقارير ذات مصداقية يشير إلى أن "2755 شخصا على الأقل جرى إلقاء القبض عليهم لكن الحد الأدنى الفعلي يقترب من 4000 على الأرجح". وقال مسؤولون إيرانيون السبت إن القوات الإيرانية وأفرادا من الحرس الثوري ساعدوا الشرطة في إخماد اضطرابات عنيفة في إقليم كرمانشاه قبل أيام، واتهموا "عملاء أميركيين" بالاندساس وسط المحتجين المسلحين. ولا يرى مراقبون سياسيون أن ثمة مفاجأة في أن تستحضر طهران اتهامات للمنتفضين في المدن الإيرانية بالتواطؤ مع “أعداء الثورة” أو الرضوخ لهم، كما لم يكن مباغتا أن تلوح أجهزة النظام الإيراني بالشدة في التعامل مع من وصفتهم بـ”عصابات”، لتنتقل إلى الحديث عن مواجهات مع مسلحين. ويبدو أن أعمال العنف هي الأسوأ، على الأقل منذ أخمدت إيران "الثورة الخضراء" عام 2009، عندما قُتل عشرات المحتجين على مدى عدة أشهر. وذكرت منظمة العفو الدولية أن 30 شخصا على الأقل قتلوا في إقليم كرمانشاه مما يجعله الأكثر تضررا جراء الاحتجاجات، وحدثت عدد القتلى من 106 إلى 115 شخصا. وترفض إيران تلك الأرقام وتصفها بأنها "مجرد تكهنات". ونقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء عن بهمن ريحاني قائد الحرس الثوري في كرمانشاه قوله "مثيرو الشغب يتبعون الجماعات المعادية للثورة (المعارضة في الخارج) وأجهزة المخابرات الأمريكية". ولم يذكر ريحاني تلك الجماعات بالاسم. وتعمل جماعات مسلحة كردية إيرانية منذ فترة طويلة في المنطقة المحاذية لحدود العراق من الإقليم. وقال البريجادير جنرال رمضان شريف المتحدث باسم الحرس الثوري إن عناصر مؤيدة لحكم الشاه الراحل تسعى لإعادة أسرة بهلوي، التي أطاحت بها الثورة الإسلامية في 1979، للسلطة هي التي أثارت الاحتجاجات إضافة لجماعة مجاهدي خلق المسلحة المعارضة. وأضاف أن مجموعات من "انفصاليين" شاركت أيضا في ذلك في إشارة على ما يبدو لفصائل عربية وكردية. واندلعت الاحتجاجات في عدة مناطق بالبلاد يوم 15 نوفمبر بعدما أعلنت الحكومة رفع أسعار البنزين بنسبة 50 بالمئة على الأقل. وامتدت الاحتجاجات إلى مئة مدينة وبلدة حيث طالب المحتجون بتنحية كبار المسؤولين بالدولة. واستطاع الإيرانيون أن يكسروا حاجز الخوف من خلال تداول مقاطع فيديو متداولة بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي التي رغم حجبها فقد استطاعت أن توصل هتافات الإيرانيين إلى العالم، ما اضطر السلطات إلى قطع الإنترنت للتعتيم على حقائق ما يحدث على الأرض. وحذر الحرس الثوري الإيراني المحتجين المناهضين للحكومة من إجراء "حاسم" إذا لم تتوقف الاضطرابات. وكان الحرس الثوري وقوات الباسيج التابعة له قد قمعوا اضطرابات في أواخر عام 2017 مما أسفر عن مقتل 22 شخصا على الأقل. من جانبها حضت الخارجية الأميركية فيسبوك وتويتر وانستغرام على تعليق حسابات القادة الايرانيين الى حين عودة خدمة الانترنت في ايران التي تشهد توترا. وقال براين هوك المبعوث الاميركي لايران في مقابلة مع بلومبيرغ "انه نظام شديد النفاق. يقطع انترنت في حين تستمر الحكومة في استخدام حساباتها على شبكات التواصل الاجتماعي". وأضاف "ندعو شركات شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وانستغرام وتويتر الى تعليق حسابات المرشد الاعلى (علي) خامنئي ووزير الخارجية (جواد) ظريف والرئيس (حسن) روحاني حتى يعيدوا خدمة انترنت لشعبهم". وغداة ذلك قطع الايرانيون عن العالم بعد تضييق مشدد على امكانية الدخول الى انترنت ما اعتبر وسيلة لمنع انتشار فيديوهات الاضطرابات التي خلفت خمسة قتلى بحسب حصيلة رسمية، وأكثر من مئة قتيل بحسب منظمة العفو الدولية. وقال هوك "قطع النظام انترنت لانه يحاول اخفاء القتلى والمآسي التي تسبب فيها لآلاف المتظاهرين في البلاد". وفرضت واشنطن الجمعة عقوبات بحق وزير الاتصالات الايراني محمد جواد اذري جهرومي وذلك "لدوره في الرقابة الواسعة على الانترنت" في ايران. وكان وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو دعا في تغريدة بالفارسية الجمعة المتظاهرين الايرانيين الى ارسال كل دليل على "قمع" من السلطات الايرانية الى الولايات المتحدة، مؤكدا أنهم "سيعاقبون على تلك التجاوزات".

مشاركة :