أقام مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث جلسة على هامش فعاليات منتدى الإعلام العربي في دبي، أول من أمس، حضرها عدد كبير من الوجوه الإعلامية، وشهدت غوصاً في خصوصية التجربة الإماراتية في مجال صون التراث، وإحيائه، والسعي إلى ربط الأجيال المتعاقبة بتفاصيله، عبر منابر شتى. لا رقابة على الدراما رداً على سؤال لـالإمارات اليوم حول تأثير بعض الجوانب التي يتم عرضها في سياق أعمال درامية تصنف على أنها تراثية، دون أن تحظى بالدقة المطلوبة، في بعض الأعمال، وما إذا كان الأمر يتطلب وجود جهة رقابية تجيز عرض الأعمال التراثية خصوصاً، أقر بن دلموك بوجود العديد من التجاوزات في هذا الصدد. وأضاف لكن في كل الأحوال لا يمكن الإقرار بفرض رقابة خاصة على الدراما التي تبحر في التراث، فهذا الأمر إضافة إلى صعوبته، فإن تداركه لن يكون إلا بمبادرة ذاتية من القائمين على صناعة تلك الأعمال نفسها. وأشار بن دلموك إلى الدور الكبير الذي تلعبه إذاعة الأولى التراثية في تصويب مثل تلك الأوضاع، ومناقشة القضايا التي من شأنها تصحيح المفاهيم المغلوطة في هذا الصدد. عالمية التراث قال الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، عبدالله حمدان بن دلموك، إن المركز اتجه بتوجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، إلى نشر التراث المحلي عالمياً، وهو ما دفع إلى الوجود في منصات دولية وعالمية، سواء تلك التي تنظم في الدولة أو خارجها، وتنظيم فعاليات تراثية تحظى بمشاركات عالمية. وطالب بن دلموك بمزيد من الدقة في استخدام مصطلح باحث، لاسيما حينما يرتبط بشؤون البحث في التراث. وقال بن دلموك إن هناك جهوداً تبذل مع جهات معنية لضبط مجانية واستسهال هذا اللقب، وما ينشأ عنه من ضخ معلومات كثيرة غير صحيحة أو على الأقل غير دقيقة، وهو أمر يبقى شديد الخطورة، نظراً لأن تواتر مثل تلك المعلومات، وانتشارها، من أهم الأسباب التي تؤدي إلى تشويه التراث. وقام بن دلموك في ختام الجلسة بتوقيع نسخ من كتابه المستوصف.. أمثال وحكم من الإمارات، وهو الكتاب الذي قام بجمعه وتحقيقه وتدقيقه، وساق في مقدمته أول نص شعري موزون له يرثي فيه والده، الذي قام بإهدائه الكتاب. وتحدث بشكل رئيس في الجلسة، الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، عبدالله حمدان بن دلموك، فيما شهدت مداخلات ثرية لكل من مستشار الشؤون الموسيقية في المركز الملحن إبراهيم جمعة، ومدير الفعاليات إبراهيم عبدالرحيم، وبركات الوقيان مقدم برنامج البيت الشعري الذي يبث على قناة سما دبي، والعديد من الوجوه الإعلامية والمهتمين بالتراث. وقال بن دلموك إن مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث أولى عناية كبيرة لصون التراث اللامادي على نحو خاص، مضيفاً أن الاهتمام بالتراث اللامادي هو ما يضمن استمرارية الموروث وفعاليته وتأثيره في شرائح كبيرة من المجتمع، وكل محسوس ومادي قد يغدو بلا تأثير في حال عدم تبني ما يؤشر إليه ويرتبط به من ممارسات على أرض الواقع. وأشار بن دلموك إلى أن التجربة الإماراتية عموماً في مجال صون التراث تميزت بأنها بدأت من حيث انتهى الآخرون، وتعدت ذلك أيضاً بأن استفادت من تراكم خبرات ومخزون التجارب السابقة التي قامت في ظروف مختلفة، مضيفاً: الشأن التراثي استفاد كثيراً، وعلى نحو يتجاوز سواه من القطاعات، من التجارب المختلفة في مجال صونه وإحيائه، بما فيها تلك التجارب غير الناجحة، وهو ما أسهم بالفعل في تحقيق نجاحات ملموسة على الأرض. ورأى بن دلموك أن دمج الأجيال الجديدة بشكل ذكي، بعيداً عن أساليب التوعية المباشرة، هو أنجح الأساليب لضمان استمرارية التواصل مع الموروث، مضيفاً: الأجيال الجديدة أصبحت تعيش واقعاً يختلف بشكل كبير عن مظاهر الحياة التي عاشها الآباء والأجداد، واقتطاع بعض الجوانب التي تكسوها ملامح التراث من أجل أن تعيشها الأجيال المعاصرة بشكل جامد، لن يكون مجدياً، لكن غرس الموروث في نفوس الشباب والفتيات يأتي من خلال تقريبه إلى واقعهم، ودمجه فيه، وليس عبر تقديمه باعتباره كياناً منفصلاً. لكن بن دلموك بناءً على مداخلة من الملحن إبراهيم جمعة أكد أن اجتذاب الجيل الجديد إلى الموروث يجب ألا يكون الهم فيه كمياً بقدر التركيز على الجاني النوعي، مضيفاً: في حال تمكنت من اجتذاب 50 شخصاً للارتباط بسباقات الهجن والتعامل مع الجمال باعتبارها تشكل قيمة مهمة لدى الإماراتي المرتبط بالبادية، بكل ما تحمله تلك العلاقة من تفاصيل وخصوصية، وتمكنت من تعريف 20 شخصاً بفنون الغوص القديمة، أو أساليب الصيد بالسلوق، وثقافة تربية الصقور لأغراض القنص وغيرها، فإنني قد أكون نجحت في رسالتي، ولا يجب النظر إليها بمعيار كمي. وتابع هؤلاء الذين اقتربوا من الموروث سيتحولون تلقائياً إلى حاملين لقيمه ومنظومته وتفاصيله، وسيقومون بنشره في دوائرهم الشبابية والعائلية، وهذا هو الإحياء الحقيقي للتراث. وتطرق بن دلموك إلى مبادرة وثيقتي التي انطلقت بناء على توجيهات من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، مشيراً إلى أن المبادرة تمكنت من الوصول إلى شرائح مختلفة من المجتمع، ممن يحملون ويمتلكون مخطوطات أصبحت الآن بمثابة وثائق تلقي الضوء على الكثير من الجوانب والتفاصيل التي تعود إلى حقب ماضية. وتابع: الإيجابي في هذا الأمر هو حجم التفاعل الكبير من أناس في هذا الإطار، وهو أمر يعود إضافة إلى حس المبادرة الوطنية، إلى أن المبادرة تحتفظ لمقدم الوثيقة بملكيته لها، وتكتفي بأخذ نسخة ضوئية عنها، كي تضمن حفظها، سواء للباحثين في شؤون التراث، أو للأجيال المقبلة. من جهتها، أعربت فاطمة عارف البنّاي، مدير المكتب الإعلامي في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، عن حرص المركز على الوجود في هذه المنصة الإعلامية الفاعلة من خلال هذا المجلس، مضيفة أن من دواعي سرورنا أن يسهم المركز في دعم منتدى الإعلام العربي ضمن دورته الرابعة عشرة، كشريك تراثي للحدث. وتابعت نتطلع أن تكون شراكتنا مع المنتدى نموذجاً يُحتذى في مجال التعاون البنّاء بين القطاعين التراثي والإعلامي، لاسيما أن تعزيز الجوانب التراثية في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفعاليات ذات الطابع الدولي خطوة مهمة لإبراز الوجه الحضاري للدولة، وتركيز الضوء على ثقافتها العريقة. وأضافت: نأمل أن تقدم هذه الشراكة قيمة مضافة وإيجابية تدعم المنتدى الذي يستقطب كوكبة من أبرز الشخصيات الإعلامية الرائدة وقادة الفكر وصناع القرار من مختلف أنحاء المنطقة والعالم، ونتطلع للترحيب بضيوفه بكرم الضيافة العربية وحفاوة الشعب الإماراتي في مدينتنا دبي، باللمسة الإماراتية.
مشاركة :