في مثل هذا اليوم الاثنين، شهد عام 25 للشهداء 309م استشهاد القديس مار مينا العجائبى، الذي ولد بنيقيوس في أواخر القرن الثالث المسيحي من أب اسمه أودوكسيوس وأم اسمها أوفومية.كان أبوه واليًا على مدينة نيقيوس وهي مدينة قديمة محلها الآن زاوية رزين بمركز منوف بمحافظة المنوفية، فحسده أخوه أناطوليوس وسعى به عند الملك فنقله واليًا في نواحى شمال أفريقيا – منطقة مريوط – ففرح به أهلها، لأنه كان تقيًا خائفًا الله وكانت أوفومية سيدة تقية مواظبة على الأصوام والصلوات، ولأنها كانت عاقرًا، فكانت تطلب كثيرًا من السيد المسيح أن يهبها نسلًا طاهرًا، وكانت تصوم إلى المساء وتُقدِّم صدقات كثيرة للفقراء والمساكين. وفي عيد نياحة القديسة العذراء ذهبت القديسة أوفومية إلى كنيسة العذراء بأتريب وهي مدينة قديمة محلها الآن مدينة بنها، وما زالت آثارها موجودة حتى الآن، وهناك رأت الجموع يتقاطرون على الكنيسة وهم فرحون متهللون، والسيدات يحملن أطفالهن بفرح، فوقفت أمام أيقونة العذراء وصلَّت رافعة قلبها متضرعة إلى الله بلجاجة أن يهبها نسلًا فسمعت صوتًا من الأيقونة يقول "آمين".بعد انتهاء القداس الإلهي، رجعت إلى بيتها وأخبرت زوجها البار أودوكسيوس بما حدث، ففرح معها وقال "إن ثقتنا كبيرة في إلهنا القادر أن يفعل كما سَمِعْتِ" وبعد قليل حملت القديسة أوفومية وكانت تشكر الله على هذه النعمة، وعند الولادة أرادوا تسمية الطفل باسم جده بلوديانوس، ولكن أمه رفضت بسبب كلمة "آمين" التي سمعتها من أيقونة القديسة العذراء، ودعت اسمه "مينا" قائلة أن مينا هي "آمين" بنفس حروفها، وحدث فرح وابتهاج بولادته، ووزع أودوكسيوس صدقات كثيرة على الفقراء والمحتاجين بهذه المناسبة السعيدة.اهتم والداه بتربيته تربية روحية وهذَّباه بتعاليم الكنيسة، وكانا يشجعانه دائمًا على قراءة الكتاب المقدس، وكانا يترددان به كثيرًا على الكنيسة، فشب على التقوى والفضيلة، ولما بلغ مينا الحادية عشر من عمره انتقل أبوه للفردوس سنة 296م، وبعد ثلاث سنوات لحقت به أمه. فورث عنهما ثروة كبيرة، وزع منها الكثير على الفقراء والمساكين.وفي نحو سنة 300م دخل مينا إلى الجيش، ولأن القائد كان صديقًا لأبيه جعله التالي له في السلطة، فأحبه الجميع للُطفه وتقواه، وصدر منشور الملكين دقلديانوس ومكسيميانوس يأمر بعبادة الأوثان واضطهاد المسيحيين فوزع مينا كل ثروته على الفقراء والمساكين، وترك الجُندية، ورحل إلى الصحراء ليتمكن من التمتع بالعشرة الإلهية في عبادة نقية. عاش في البرية نحو خمس سنوات في أصوام وصلوات نهارًا وليلًا. وفي إحدى الليالي سمع صوتًا يأمره بالنزول إلى المدينة، والاعتراف بالسيد المسيح أمام الوالي وسينال ثلاثة أكاليل، واحد من أجل البتولية، وواحد من أجل العبادة والنسك، وواحد من أجل الاستشهاد.لما سمع مينا هذا الصوت، ترك البرية، وذهب إلى المدينة، واعترف جهارًا بالسيد المسيح أمام الوالي وسط جمهور كثير، فتعجب القائد جدًا، وأمر بالقبض عليه وإلقائه في السجن وفي اليوم التالي أحضره وحاول ملاطفته لمَّا عرف بشرف نسبه، لكي يسجد للأوثان ووعده بوعود كثيرة، لكن القديس كان يجيب في وداعة "إن طلبي الوحيد من إلهي أنْ يحفظ حياتي من الفساد، ويهبني الإكليل الذي لا يُفنى". وإذ فشل الوالي في إقناعه بعبادة الأوثان بدأ يعذبه بعذابات كثيرة مثل جلده بأعصاب البقر، وتعليقه على الهنبازين، وتمزيق جسده بأسياخ حديدية، وتدليكه بمسوح من شعر، ووضع مشاعل ملتهبة تحت ضلوعه، ثم ألقاه في السجن، فظهر له المخلص وعزاه وشجعه وشفي جراحاته، ولما احتار الوالي في تعذيبه، كتب قضيته وأمر بقطع رأسه وحرق جسده بالنار. نفَّذ الجنود أمر الوالي فاقتادوا القديس مينا إلى مكان تنفيذ الحكم، وهناك رفع عينيه إلى السماء وصلى صلاة حارة، ثم مدّ عنقه للسيَّاف فقطع رأسه المقدس، فنال إكليل الشهادة، ولما حاولوا حرق الجسد الطاهر، مكث في النار ثلاثة أيام وثلاث ليال ولم تُؤَثِّر فيه، فأتى بعض المؤمنين وأخذوه من وسط النيران وكفنوه بأكفان فاخرة ودفنوه بإكرام جزيل.
مشاركة :