أكدت دولة الإمارات أن الخطوات والقرارات الأحادية من شأنها المساس بالحقوق التاريخية والراسخة للشعب الفلسطيني والمنصوص عليها في 54 قراراً صادراً عن مجلس الأمن الدولي منذ العام 1967 والعمل على تأجيج مشاعر العرب والمسلمين في كل مكان، الأمر الذي قد تترتب عليه تداعيات خطيرة على صعيد تقويض فرص السلام، وتغذية وتيرة النزاعات والتطرف والإرهاب في المنطقة. وقال معالي زكي أنور نسيبة وزير دولة في كلمته التي ألقاها أمام الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي عقد أمس بالقاهرة: «إن إجتماعنا الطارئ يأتي لبحث التطور الخطير في موقف الولايات المتحدة الأميركية بشأن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما أن الموقف الذي عبر عنه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو والذي نصّ على اعتبار المستوطنات الإسرائيلية غير مخالفة للقانون الدولي تطور خطير يشكّل مخالفة صريحة للإجماع الدولي حول القضية الفلسطينية وما نصت عليه القرارات والقوانين الدولية ابتداء من القرار 252 الصادر في العام 1978 وانتهاءً بقرار مجلس الأمن 2334 لعام 2016 والذي أكد عدم شرعية الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو بلا شك يقوّض الجهود الدولية لحل الصراع العربي - الإسرائيلي ويعرقل مساعي إنعاش مسار عملية السلام». وأضاف: «تؤكد دولة الإمارات موقفها الثابت الداعم للمساعي الرامية للتوصل إلى حل دائم وعادل وشامل لقضيتنا الفلسطينية مبني على حل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود العام 1967 عاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ومبادئ مؤتمر مدريد». وأكد معاليه أن التطورات الأخيرة تجاه القضية الفلسطينية تحتّم على المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولياته وفقا لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لإنهاء الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية كافة في الأراضي الفلسطينية، ورفض الإجراءات المخالفة للقرارات الدولية ذات الصلة، واتخاذ التدابير كافة التي من شأنها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي العربية والفلسطينية مع حماية وصون حقوق الشعب الفلسطيني. وقال: «كما تؤكد دولة الإمارات أهمية مواصلة جامعة الدول العربية دورها المحوري والهام في دفع جهود حل القضية الفلسطينية، من خلال الاستمرار في دعم هذه القضية في المحافل الإقليمية والدولية والتحرك نحو إبطال أية إجراءات مستقبلية أو محاولة فرض أمر واقع تؤثر على سير عملية السلام وتقوّض فرص إحلال السلام العادل والدائم والشامل المنشود». من جانبه، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، إن إعلان الولايات المتحدة شرعنة الاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية يعد «تطوراً بالغ السلبية». وأضاف أمين عام الجامعة العربية أن «إقرار أميركا شرعية الاستيطان لا يغير شيئاً من كون المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية ولا قانونية، بل يعد إقراراً بواقع الاحتلال». وأشار إلى أن القرار الأميركي يضرب بقرارات الشرعية الدولية عرض الحائط، مؤكداً أن الاستيطان يظل نوعاً من الاحتلال وهو باطل طبقاً للقوانين الدولية. وتابع: «نقف جميعاً مع الشعب الفلسطيني وندعمه ونحمل قضيته للعالم أجمع، فالإعلان الأميركي بشرعنة الاستيطان يقوض عملية السلام». وأكد أبوالغيط أن الاستيطان الإسرائيلي مهما طال به الأمد يظل غير شرعي وإلى زوال. وفي سياق متصل، أعلن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن فلسطين ستطالب بدعم عربي لعقد اجتماع للدول الأطراف في اتفاقية جنيف لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على ممارسته تجاه الشعب الفلسطيني. جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك عقده المالكي مع أحمد أبوالغيط ومحمد علي الحكيم وزير الخارجية العراقي، ورئيس الاجتماع غير العادي لمجلس وزراء الخارجية العرب. وقال المالكي إنه وفقاً لاتفاقية جنيف فإن الدول المتعاقدة في الاتفاقية ملزمة بالتعامل مع الانتهاكات التي تمارس بحق الشعب الواقع تحت الاحتلال، ولكنها لم تقم بدورها في محاسبة إسرائيل ومساءلتها وفرض عقوبات عليها. وأقر المالكي بوجود صعوبات في عقد هذا الاجتماع الخاص باتفاقية جنيف في ظل إمكانية التملل من قبل بعض الدول والرفض الأميركي المتوقع، مشيراً إلى وجود دعم عربي لهذا التوجه تحت الرئاسة العراقية لمجلس الجامعة. وأشار المالكي إلى أن القرار الأخير الأميركي بشرعنة الاستيطان في الأراضي العربية المحتلة، غير شرعي وغير قانوني، وهو جزء من سلسلة القرارات الأميركية بحق الشعب الفلسطيني التي تبنت الموقف الإسرائيلي بالكامل. وأضاف لا نتوقع أن تتوقف إدارة ترامب عند هذه النقطة، لأن هذا الإجراء التاسع لها، ما يستلزم من الجامعة العربية ودولها الوقوف مع الشعب الفلسطيني وقضيته ودوله واتخاذ خطوات استباقية لدرء المخاطر المحتملة. وحذرت جامعة الدول العربية من أن النهج الذي تتبعه الإدارة الأميركية باتخاذ قرارات أحادية مخالفة على نحو فاضح للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، يعتبر تهديداً حقيقياً للأمن والسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم، واستهتاراً غير مسبوق بالمنظومة الدولية القائمة على القانون الدولي والالتزام به. وأدانت جامعة الدول العربية، في ختام الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، قرار الولايات المتحدة الأميركية الذي أعلنه وزير خارجيتها يوم 18 نوفمبر الجاري، باعتبار الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 لا يخالف القانون الدولي، واعتبار هذا القرار باطلاً ولاغياً وليس له أثر قانوني. وأكدت الجامعة العربية أن الإعلان الأميركي مخالفة صريحة لميثاق وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها قرار مجلس الأمن رقم 2334 لعام 2016، والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية لعام 2004، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998. واعتبار القرار الأميركي محاولة مبيتة لشرعنة ودعم الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي، وهو من شأنه أن يقوض فعلياً مبادرة السلام العربية بعناصرها كافة. كما أدانت الجامعة العربية السياسة الاستيطانية الإسرائيلية التوسعية غير القانونية بمختلف مظاهرها، على كامل أرض دولة فلسطين المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، باعتبار أن المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية تشكل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وتهدف إلى تقسيم الأرض الفلسطينية وتقويض تواصلها الجغرافي. ودعت الجامعة العربية إلى حشد الجهود العربية على مستوى الحكومات والبرلمانات ومنظمات المجتمع المدني، للعمل مع الشركاء الدوليين لاتخاذ إجراءات لمحاسبة إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على سياستها وممارساتها الاستيطانية غير القانونية. والدعوة إلى مقاطعة أي مؤسسة أو شركة تعمل في المستوطنات الإسرائيلية، ومقاطعة بضائع المستوطنات. وحذرت الجامعة من استغلال الغطاء غير القانوني الذي توفره القرارات الأميركية الأحادية، لتشجيع الحكومة الإسرائيلية على سن تشريعات باطلة وغير قانونية تهدف إلى ضم غور الأردن وأجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وتكثيف وتيرة الاستيطان الاستعماري، وتهويد مدينة القدس المحتلة وانتهاك مقدساتها الإسلامية والمسيحية. كما أدانت جامعة الدول العربية في ختام الاجتماع الوزاري العدوان الإسرائيلي الهمجي الأخير على قطاع غزة، وراح ضحيته عشرات الشهداء والجرحى، وإدانة سياسة الاغتيالات الإسرائيلية والإعدام خارج نطاق القانون، والاعتقال العشوائي، وقصف وهدم المنازل والبنى التحتية للشعب الفلسطيني، والمطالبة بتقديم المسؤولين الإسرائيليين عن هذه الجرائم إلى المحاكم الدولية.
مشاركة :