ليس لأميركا من حليف سوى مصالحها، وأهدافها في المنطقة. تلعب على الوترين الحساسين في منطقة الخليج، تعدهم بالدفاع عن أمن الخليج، وتقوضه برفع العقوبات عن إيران، وتؤكد التعاون العسكري مع الخليج، وتنحاز إلى إيران بغض الطرف عن جرائمها في العراق وسورية ولبنان واليمن حالياً. ترى أميركا أيدي إيران العالقة في العراق! أليست هي من مهَّد لها الدخول والسيطرة على هذا البلد العريق بعد غزوها له؟ أليست هي من أفلت الأمور هناك وتسليمها لمن يدين بالولاء لإيران من دون أن تحسن السياسة في إدارة بلد كان -ومازال- بحاجة إلى الاستقرار، والاستنفار؛ لتكريس لحمته الوطنية، والبُعد عن طغيان الطائفية والتحيز لطائفة من دون أخرى، وسيادة الديموقراطية التي لعبت على أنفاسها في هذا البلد، وقالت إنه سيكون نموذجاً فريداً يحتذى به في الدول العربية، فجعلته أنموذجا في الفوضى، والحروب، والخراب، بعد أن أفسحت لإيران الطريق لتعبث به كما تشاء؟ ألم ترَ أميركا نفوذ إيران التي كانت تراها العدو الأكبر، منذ البداية فتغاضت عنها لتصبح الحليف الأكبر الذي يمهِّد لها الطريق في فتح مجال الفوضى الخلاقة، وتكوين الشرق الأوسط الجديد الضعيف، الخاضع لأطماعها في السيطرة عليه، لأجل الطاقة، والتجارة، والممرات المائية المهمة لمرور سفنها، وبضائعها؟ وهو ما أشار إليه أوباما في مقابلته الأخيرة التي نشرتها صحيفة «الشرق الأوسط» قبل قمة كامب ديفيد مع الزعماء الخليجيين بيومين، وتكرير كلمة مصالحنا في الخليج أكثر من مرة في المقابلة، ما هو إلا دليل على عدم الاكتراث بحماية سكان الخليج بقدر حماية مصالح بلاده، بمعنى «أنا وبعدي الطوفان» وما تمريره لكلمة خطر إيران على الشعوب العربية عامة، والخليجية خاصة، إلا من باب اللعب في ساحة المصالح المشتركة بينه وبين إيران، بمظهر الرجل المنصف الحريص على الحماية، وهو أشد حرصاً على تمرير أدواته؛ للتدمير عن طريق إيران ومشاريعها النووية، وإبقاء الخليج في مخالب القوتين الهمجيتين. يتكلم أوباما عن ضرورة مكافحة الإرهاب والتعاون مع شركائه الخليجيين في هذا المجال، وهو من غض بصره عن بشاعته، ووحشيته في سورية، وتردده عن ردع بشار وحزب الله السابحين في دماء الشعب السوري البريء، والاعتراض على كل الحلول الرامية لإيقاف نزف الدم، والتشرد، وتسلل «داعش» و«النصرة» وغيرهما لتتوالى جرائم الدم والإبادة الشاملة على هذا الشعب، وهو في كراسي المتفرجين؟ أليست أميركا هي من تخلت عن حليفها حسني مبارك في مصر عندما رأت فيه إعاقة لمشروعها الفوضوي في الشرق الأوسط وانحيازها إلى جماعة الإخوان لتكمل على الجيش المصري كما قضت على جيشي العراق وسورية؟ أليست هي من بدأ بالعبث في اليمن عن طريق مندوبها في الأمم المتحدة (ابن عمر) المنحاز لجانب إيران والحوثيين؛ لتمكينهم من خلال وساطته من جمع ترسانة حربية للقضاء على السعودية؟ لا أمان لأميركا كما لا أمان لإيران، فهما توأمان في السيطرة، والتلاعب والمصالح. على السعودية والشعوب الخليجية الاعتماد على إمكاناتها وشعوبها، والتعامل بالمثل من حيث حقوقها في الحصول على السلاح وتصنيعه، والحصول على ترسانة نووية مثل إسرائيل وإيران، من دون الخضوع لأميركا، أو روسيا، أو إيران، لتعتدل موازين القوى، وما الذي يمنع الانفراد في القرار، والحرية في تغليب مصالح الشعوب الخليجية وحمايتها؟ احذروا من تصديق أميركا في عزفها على مفردة استغنائها عن النفط، ولو كان صحيحاً فلماذا تحارب لأجل السيطرة على دوله المنتجة، ولماذا ترعى القلاقل والحروب لو لم يكن هو أهم أهدافها. اقطعوه عنها، ستدركون الحقيقة الغائبة عن موضع التخدير.
مشاركة :