لم تعد جائزة «شاعر شباب عكاظ» مجرد جائزة تالية لجائزة «شاعر عكاظ»، إنما تحولت في وقت وجيز إلى إحدى أهم الجوائز التي تدفع بشعراء جدد إلى المعترك الشعري، وتؤسس لعلاقة متينة بين الشعراء الفائزين والمتلقي الباحث دوماً عن القصيدة المتوهجة والحاملة لهمومه وقضايا واقعه. الجائزة التي يقف خلفها أمير منطقة مكة المكرمة الشاعر والأديب خالد الفيصل داعماً ومشجعاً، أضحت محل تطلع أي شاعر موهوب يعتقد أنه يكتب قصيدة تتخطى المألوف، وغدت خلال أعوام قليلة مفتاحاً يضمن للشاعر عبوراً سلساً إلى جغرافيا الشعر والذاكرة الشعرية. يقول الشاعر حيدر العبدالله الفائز بالجائزة في دورتها السابعة، إن تجربته في سوق عكاظ كانت نقطة التحول الحقيقية، والمنعطف الأهم في درب القصيدة، إذ تحول الشعر في داخله - كما يذكر - من مجرد هواية إلى قدر لا يمكنه الفكاك منه، «أن يتم تتويجك بلقب وبردة شاعر شباب عكاظ، في ظل الأمير الشاعر خالد الفيصل، وأن تبقى معلقاً في الأذهان مدة حول كامل، وأن يردد الناس أبياتك الوطنية في الصحف والتلفاز والشارع، كل ذلك شرف يثقلك ويلزمك بأن لا توقف البحث والتنقيب عن آبار الشعر في صحراء اللغة، سوق عكاظ صنعت مني بطلاً وطنياً ما كنت لأحلم بأن أكونه». وفي ما يخص انتقال التجربة من المحلية المحدودة بالجغرافيا والمتابعين، إلى أفق أوسع قليلاً، أوضح العبدالله أن تحقيق لقب شاعر شباب عكاظ عام ٢٠١٣، الذي يصفه بأكبر تتويج للشعراء الشباب في المملكة العربية السعودية، قاده إلى الفوز بالمركز الأول في مسابقة نادي جازان الأدبي عام ٢٠١٤، الأمر الذي سهّل على تجربته السفر «خارج الحدود الوطنية». وسرعان ما توّجت قصيدتي «البدائي الذي في النقش» بالمركز الثاني عربياً في جائزة ديوان العرب بمصر قبل أشهر عدة، ثم حظيت بشرف المشاركة في مهرجان ربيع الشعر العربي في مؤسسة البابطين بالكويت، والآن أنافس في أبوظبي على لقب «أمير الشعراء»، اللقب الأكبر عربياً للشعر الفصيح. واعتبر العبدالله أن دور الجوائز يكمن في تحفيز الشباب، فالجوائز «وسيلة الشاعر وعتاده للوصول إلى الضوء، وكسب ثقة الجمهور والنخب الثقافية، وهي بلا شك تثبت أقدام الشاعر في الأوساط الأدبية، وتختصر عليه الطريق. لكنه متى ما تحولت هذه الجوائز إلى غاية بحتة يصب الشاعر في سبيلها كل جهده واهتمامه، ويكتب نصوصه على مقاساتها، ويهمل تجربته الإبداعية الحقة، فهنا يكمن الخطر». في حين أكد شاعر شباب عكاظ في الدورة الثامنة، علي الدندن أن فوزه «بجائزة شاعر شباب عكاظ» جاء ليمنحه جرعة من التواصل مع الوسط الأدبي، وعمق الارتباط بالكائن الشعري والنخيل والينابيع، مشيراً إلى أن الكائن الشعري، «كائن حي بامتياز، فأنسجة الكلمات الصادرة عن الأنسجة الإنسانية وخلاياها تتبنّى وظائفها، فهي تبصر وتتنفس وتمشي وتندفع في حركة حرة، وتموت إذا فقدت ارتباطها بالواقع، تتذبذب بين الميل للعزلة تارة، والتواصل والتلاقح المحرِّض على التجدد وتغيير الدماء المعرفية تارة أخرى». ويلفت الدندن إلى أن جائزة مثل جائزة عكاظ ذات الثقل الثقافي والمعرفي، «تفرض على الفائزين بها، مسؤولية عدم الركون إلى النسقيّة، والبحث المتجدد عن نص مغاير، ونوافذ مختلفة لفهم الوجود وتفسير التجربة والإطلال على جمالية العالم من جهة، كما تحتم على الفائز مراجعة تجاربه السابقة وتجاوز مآزقها، من جهة أخرى. والإبداع الحقيقي يفرض نفسه». وعن طموح الدندن بعد تجربة «سوق عكاظ»، قال: «إنه سيجمع شتات قصائده بين دفتين ويشرّع الباب أمام تجارب جديدة، والاشتغال على عمل أدبي يحمل وحدة موضوعية، ويناقش جانباً معرفياً ووجدانياً لم يتم التطرّق إليه من قبل».
مشاركة :