العلاقات السعودية الإماراتية أنموذج شديد الخصوصية في منظومة العلاقات بين الدول، يشهد على قوته جذور تاريخية راسخة، ومسيرة تعاون وشراكة تقوم على ركائز قوية تتجسد في رؤية القيادة الحكيمة في البلدين الشقيقين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود،وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، لتعزيز هذه الشراكة والتعاون الاقتصادي لما فيه الخير والمصالح المتعاظمة للشعبين والتنسيق المشترك على كافة المستويات السياسية والعسكرية والأمنية تجاه قضايا الأمة والتحديات الخطيرة التي تموج بها المنطقة ، والتصدي للأطماع والمشاريع الإقليمية التي تستهدف تقويض الاستقرار الإقليمي الذي يؤثر على الاستقرار والسلام العالمي ، لما لهذه المنطقة من أهمية جيوسياسية واقتصادية بالغة الأهمية. وتأتي الزيارة الهامة التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ، إلى أبوظبي تتويجا لهذه العلاقات الراسخة والتنسيق المشترك ، امتدادا للزيارة المتبادلة للقيادة الحكيمة في البلدين الشقيقين. وتمثل التطور في تكثيف التشاور والاتصالات والزيارات المتبادلة للوصول إلى آفاق أرحب وأكثر ازدهارًا وأمنًا واستقرارًا والتنسيق لمواجهة التحديات في المنطقة لما فيه خير الشعبين الشقيقين وشعوب دول مجلس التعاون كافة. فالروابط السعودية الإماراتية الوثيقة تشكل عمق التلاحم هذه الرؤية المشتركة لحاضر ومستقبل مصالح البلدين والتكامل الشامل، منذ تأسيس مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي بدأ أول اجتماعاته تحت عنوان “استراتيجية العزم” والإعلان عن 44 مشروعا استراتيجيا مشتركا في المجالات الاقتصادية والتنموية والعسكرية، وأنجز المجلس خطوات مهمة لتعميق واستدامة العلاقات بين البلدين وتعزيز المنظومة الاقتصادية المتكاملة بينهما، وإيجاد الحلول المبتكرة للاستغلال الأمثل للموارد الحالية، وبناء منظومة تعليمية فعّالة ومتكاملة قائمة على نقاط القوة التي تتميّز بها الدولتان، وتعزيز التعاون بينهما في المجال السياسي والأمني والعسكري، وضمان التنفيذ الفعال لفرص التعاون والشراكة، إضافة إلى إبراز مكانة الدولتين في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية والتكامل السياسي والأمني العسكري وتحقيق الرفاه الاجتماعي في البلدين. والمتابع لاستراتيجية العزم يلحظ بوضوح خطواتها الفعالة خطوة غير مسبوقة في توحيد جهود دولتين عربيتين، عمل عليها 350 مسؤولا من البلدين ينتمون إلى 139 جهة حكومية ، بينما حدّدت قيادتا البلدين خمسة أعوام لتنفيذ المشروعات الاستراتيجية التي تهدف إلى بناء نموذج تكاملي استثنائي بين البلدين من خلال ثلاثة محاور رئيسية تضمن تعزيز المصالح وتوحيد الإمكانات. وقد أكد ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن العلاقات بين الدولتين كانت، ولا تزال وستظل، علاقات متينة وصلبة لأنها تستند إلى أسس راسخة ومتجذرة من الأخوة والتضامن والمصير المشترك، إضافة إلى الإرادة السياسية لقيادتي البلدين الشقيقين وما يجمع بين شعبيهما من روابط الأخوّة ووشائج المحبة والتقدير، وتأكيده على أن الإمارات والسعودية تقفان معاً، بقوة وإصرار، في خندق واحد في مواجهة القوى التي تهدد أمن دول المنطقة وحق شعوبها في التنمية والتقدم والرخاء. كما أكد مكانة المملكة ودورها الرئيسي باعتبارها الركيزة الأساسية لأمن المنطقة واستقرارها وصمام أمانها في مواجهة المخاطر والتهديدات التي تتعرض لها، لما تمثله من ثقل وتأثير كبيرين على الساحتين الإقليمية والدولية، وما تتسم بها سياستها في ظل قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، من حكمة واتزان وحسم وعزم في الوقت نفسه. الشراكة الاقتصادية تعد العلاقة التجارية والاقتصادية بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الأكبر بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، والإمارات واحدة من أهم الشركاء التجاريين للمملكة على صعيد المنطقة العربية بشكل عام ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين أكثر من 72 مليار ريال ، وتتصدّر دولة الإمارات قائمة الدول الخليجية المصدرة إلى المملكة, كما تأتي في مقدمة الدول الخليجية التي تستقبل الصادرات السعودية، وتأتي في مرتبة متقدمة في قائمة الدول العشر الأولى التي تستورد منها المملكة، وتلعب الاستثمارات المشتركة بين المملكة والإمارات دورًا حيويًا في هذا الجانب، إذ تتجاوز استثمارات المملكة في الإمارات 35 مليار درهم، حيث تعمل في الإمارات حاليًا نحو 2366 شركة سعودية مسجلة لدى وزارة الاقتصاد و66 وكالة تجارية، ويبلغ عدد المشاريع السعودية في الإمارات 206 مشاريع، بينما يصل عدد المشاريع الإماراتية المشتركة في المملكة إلى 114 مشروعًا صناعيًا وخدميًا، برأسمال قدره 15 مليار ريال. وتتضمن “إستراتيجية العزم” مشاريع إستراتيجية لكل من المحاور الثلاثة الرئيسية، تمثل مرحلة جديدة في التكامل الإماراتي السعودي، ويهدف المحور الاقتصادي في “إستراتيجية العزم” إلى تعزيز المنظومة الاقتصادية المتكاملة بين البلدين وإيجاد الحلول المبتكرة للاستغلال الأمثل للموارد الحالية. ويركز المحور الاقتصادي على مجالات الخدمات والأسواق المالية و القطاع اللوجستي والبنية التحتية، والانتاج والصناعة، وأمن الإمدادات، والاتحاد الجمركي والسوق المشتركة، والبيئة والزراعة والمياه، والطاقة المتجددة، والسياحة والتراث الوطني، وريادة الأعمال، والشراكات الخارجية، والتطوير الحكومي والخدمات الحكومية، والإسكان، والشباب، والرياضة، والنفط والغاز والبتروكيماويات. لقد التحم الشعبان السعودي والإماراتي واختلطت دماء أبنائهم الزكية على أرض اليمن في معركة الدفاع عن الشرعية من أجل استعادة الحق لأصحابه، وحماية الأمن القومي العربي من الانقلابيين الطامعين ، وحليفتهم إيران التي طالما سعت لزعزعة أمن واستقرار منطقة الخليج والعالم العربي ، ودائما مواقفهما متطابقة تجاه القضايا العربية المشتركة ، وتمثل ركناً أساسياً من أركان الأمن القومي العربي والاستقرار الإقليمي، خاصة مع ما تتميز به سياسة البلدين من توجهات حكيمة ومعتدلة ومواقف واضحة في مواجهة نزعات التطرف والتعصب والإرهاب، والتشجيع على تعزيز الحوار بين الحضارات.
مشاركة :