عندما وقف وزير خارجيتنا غاضباً فيما آل إليه وضع مجلس الأمن الدولي، ليكشف للعالم أجمع احتجاجه أن الوضع أصبح لا يليق بهذه المؤسسة العالمية في كلمته المدوية: إن أسلوب وآليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته، منتهجاً بذلك سياسة أكثر ضجيجاً ووضوحاً في التعبير والرأي والقوة بهدف الإصلاح والتغيير. نجد أنفسنا ككادحين نحمل نفس الحيرة نحو مجلس الشورى «هنا» الذي وُضع ليكون صوتا شعبياً لكل من قطن هذا البلد المبارك لنؤكد بصورة ما هذا النهج الذي انتهجه هذا الوزير في أن جميع الجهود التي بذلت في الأعوام الماضية لم تسفر عن التوصل إلى الإصلاحات المطلوب إجراؤها. هذا المجلس «الشورى» الذي ترسخت دعائمه التنظيمية عام 1414 هجرية، لا يزال يتخبط في مواضيعه المدرجة على جدول أعماله منذ أن كان عدد أعضائه 90 عضواً وحتى الآن، فتارة يسقط زيادة معاشات المتقاعدين التي تقل عن ثلاثة آلاف ريال رغم معاناة تلك الفئة التي وصل بعضها إلى ما دون خط الفقر بل وصل الحال ببعض أعضائه كما حدث مع رئيس لجنة الموارد البشرية بأن يصف زيادة الرواتب بأنها «عاطفية»، بينما يطالب بحوافز للديبلوماسيين تكفل أداءهم الأمثل! ولا تتوقف غرائب «الشورى» عند ذلك بل استمر في إهداره الوقت الذي يتغاضى عنه أعضاؤه إلى مناقشة «حافز» واستقطاع مبالغه لاحقاً من المواطن بعد التحاقه بوظيفة وفي ذات الوقت ينتفض أعضاؤه لدعم «الخطوط السعودية» لإيقاف استمرار الخسائر التي تتعرض لها المؤسسة مقترحاً إنشاء صندوق مستقل لمعالجة تلك الخسائر التي تتكبدها. ولكون أعضائه بعيدين عن هموم المواطن الذي لا يجد سريراً يخلد إليه في أحد مستشفياتنا الحكومية ليجد الرعاية والعناية أثناء مرضه يسقط ذلك المجلس بكل سهولة تطبيق التأمين الصحي التعاوني على موظفي الدولة والمواطنين لعدم نظامية التوصية، بينما يخصص 20 دقيقة للنقاش حول فوائد فيتامين «د». ولكونهم أيضاً ينعمون بدخل مالي مجزٍ يكفل لهم ولأسرهم استقدام السائقين مثنى وثلاث دون أن يأبهوا برواتبهم الشهرية التي تقصف ظهورنا لم يوافق على تبني السماح بقيادة النساء للسيارات في المملكة، بل لم يقرر إحالتها إلى لجنة النقل لدراستها. إن مجلس الشورى لم يواكب المتغيرات الاجتماعية إلى حد ما، بل لم يواكب كذلك قراراته وتحديثها على موقعه الإلكتروني، حيث لم يحدث بياناته منذ أكثر من ثمانية أشهر وكأن لسان حاله يؤكد أن عالمه لا ينتمي لعالمنا ومعايشاتنا اليومية. لا شك أن الدور الرقابي الذي يقوم به مجلس الشورى بصورته الحالية محدود وينحصر في مراجعة روتينية للتقارير السنوية المقدمة من الأجهزة الحكومية، ومناقشة مشاريع الأنظمة الجديدة والتعديلات في المجلس بضعف الشفافية، إضافة إلى أن المواطن يجد صعوبة في إبداء الرأي حول هذه الأنظمة والتعديلات كما وصف ذلك تقرير جمعية حقوق الإنسان السعودية. هذا «المجلس» يجب أن يكون تحت النقد الشعبي خاصة عندما يصل به الحال إلى تغيب أعضائه كما حدث عند التصويت على تقرير وزارة التعليم العالي والجامعات مؤخراً حيث أوقع عدم اكتمال النصاب لآليات التصويت في مجلس الشورى، المجلس في حرج لعدم حضور 32 عضواً، فضلا عن سفر عضوين من المجلس. إننا كمواطنين نتساءل كما تساءل الفيصل- أين هو مجلس الشورى عن قضايانا الملحة؟ ماذا قدم لنا عندما اجتاح إعصار «الأسهم» حياتنا، أين هو عن مطالبات المعلمين في استعادة حقوقهم المالية، وأين هو عن معالجة الفقر الذي اجتاح حياة أسرنا، وجهوده في قضايا المعلمات القديمات والمستثنيات وارتفاع أسعار السلع والخدمات. لقد حان الوقت لإعادة النظر في آلية تشكيل مجلس الشورى، وتوسيع صلاحياته، لتشمل المراقبة وحق مساءلة الوزراء ومراقبة الموازنة، إضافة إلى شمول مراجعة أداء الأجهزة الحكومية الوزارات كافة دون استثناء، وإلا فهيئة الخبراء كفيلة بأن تقوم بدور «الشورى» الحالي مع إيجاد مجلس آخر يمثل المواطن وقضاياه الحقيقية، لكي لا نصل إلى ذروة عدم الثقة والامتناع عن سماع ما يدور تحت قبته، لعدم قربه من معاناتنا، كما حدث مع عمال نظافة ذلك «المجلس» عندما امتنعوا عن ممارسة أعمالهم اليومية بعد تأخر دفع رواتبهم لمدة أربعة أشهر!
مشاركة :