أحمد شيخو يكتب: مواجهة الإرهاب

  • 11/27/2019
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

لايخفى على أحد أن مجتمع شمالي سوريا بكافة مكوناته من العرب والسريان الآشوريين والكرد وبدياناته الإسلامية والمسيحية والإيزدية عاشوا التكامل والوحدة المبنية على التنوع والتعددية وأصبحوا سدًا منيعًا في وجه الإرهاب، ولم يستطع الإرهابيين أمام هذا المجتمع إلا أن ينهزموا  ويسلموا أنفسهم لقوى ومؤسسات هذا المجتمع.من الذي جعل أناس في منطقة مهمشة من سوريا وبعضهم هم جزء من أمةً هضمت حقوقها وجِزَء أرضها أن يكونوا نواةً صلبة لمجتمع يفعل مايعجزعنه الكثيرمن الدول والامم.سوف نبحث في اسباب نجاح تجربة هذا المجتمع في مواجهة الارهاب .مع العلم ان قوات سوريا الديمقراطية وبالتعاون مع التحالف الدولي لمحاربة داعش خاضوا الحرب ضد الارهاب بشمالي سوريا، هنا نبحث في سر المجتمع الذي اوجد قوات سوريا الديمقراطية ووقف ورائها وقدم أكثر من 11الف شهيد وعشرات الالالف من الجرحى من افرادها لحماية نفسه والانسانية .ان الكثير من المجتمعات والدول المصطنعة تغلغل فيها التطرف ووجد عندهم بيئات حاضنة وموارد مالية وطاقة بشرية وامكانات .سوف نسرد تكوين هذا المجتمع الحديث القديم معًا بتسعة بنود :1_ تكوين فرد تشاركي حر، فالفرد الذي يجسد الانانية والذي يتمتع بحرية زائفة وفردانية بالغة ضد المجتمع، انما يعيش ضمنيًا العبودية ويكون سهلا للارهاب .ونظرًا لسيادة المال والبطالة في العقود الاخيرة يُنظر للفرد بمقدار تأمينه الربح دون النظر الى انسانيته و ثقافته ومجتمعه. فالحرية والارادة الشخصية المتوازنة مع حرية وارادة المجتمع وتجسيد الفرد لتلك الشخصية، يمكننا من ايجاد الفرد المقاوم للارهاب. 2_تكوين الارادة السياسية للمجتمعات المحلية، وذالك ان يكون لكل مكون مجتمعي ادارته الذاتية وفق خصوصيته. حيث ان المجتمع العاجز سياسيًا هو مجتمع متفسخ ومتناثر وعاجز عن الصمود ومرشح لتأمين حواض للارهابين .وعليه فإن الخصوصيات التي تعيش بارادتها وثقافتها بريادة الطبقات الشعبية والمتنورين ضمن وحدة طوعية ديمقراطية متماسكة تشكل سدًا منيعًا في وجه الارهاب.3_ بناء انسان صحي سليم، ان التعليم، الاعلام والتربية اصبحت في كثير من البلدان صناعة لانتاج فرد مخادع وانتهازي نتيجة تعرضه ضمن هذه القطاعات للقصف الذهني والروحي كي يتحول الى عنصر مناهض للمجتمعية مجرد من كينونيته الاخلاقية والسياسية وبذالك يصبح هذا الفرد مشروع استهلاكي مفتوح يستثمر فيه التطرف. كما نعتقد ان الاحادية والاقصائية والقوموية والدينوية والجنسوية جينات ذهنية وعاطفية تنتج الامراض على الدوام. ومن هذا المنطلق التشاركية والتشاورية هي بداية لصحة الانسان البعيد عن الامراض المؤدية الى تقبل التطرف . 4_بناء المرأة الحرة، نعتقد ان الحياة العصرية اصبحت فخًا يحيط بالمراة عبر تزيفها الحرية المقدمة لها نتيجة النظام الذكوري .ان المراة التي كانت اول ضحايا الاستعباد والسلطة وهي الان وفي اغلب الاحيان وسيلة لمنح السلطة لمن لاسلطة له وهي اصبحت مقلدة للرجال وفي بعض الاحيان مللكة السلع ومحققة للغرائز وبذالك اصبحت النواة في المجتمع خارج كينونتها وادائها بتكّوين المجتمع وبناء الحياة وحمايتها.وعليه نعتقد أن المرأة المشاركة في كافة الاعمال والتي اعيد لها دورها الذي سرق منها في كافة مناحي الحياة قادرة ان تصبح رياديةً في بناء المجتمع وحمايته من التطرف والارهاب. 5_انشاء الاقتصادي المجتمعي، ان التهميش والفقر والبطالة والديون الدولية اصبحت متزايدة في مجتمعات ودول العالم نتيجة للسياسات الاقتصادية العالمية والوطنية والشركات العابرة المعتمدة على التكنولوجيا والمال والتي هدفها الربح دون تامين احتياجات المجتمعات المحلية الخاصة التي تكون ماهيته التماسكية ورفاهيتها، كما ان عدم تامين واغناء الخيارات المختلفة للتنمية جعل الكثير من البرامج لاتحقق النتائج المرجوة لتحسين الاقتصاد. بذالك اصبح الفرد عاطلًا عن العمل ومشردًا اجتماعيا ً ومهيًا للانحراف واللجوء الى الارهابين.كما ان ابعاد المجتمع والمرأة عن التحكم بالاقتصاد ، و الابتعاد عن خصوصية مناطق الشرق الاوسط الزراعية والاعتماد على غيرها جلب فائض من العاطلين عن العمل في المدن بعد الهجرة من الارياف وهذا كله ادى الى اختلال توازن المجتمعات .6_القانون و القضاء، مع ابتعاد الجهات والسلطات عن تطبيق القوانيين التي وضعتها هي بنفسها والتحايل والالتفاف حول القوانيين لخدمة جهات معينة بالاضافة مع ضعف الاخلاق والتصالح في المجتمعات وعدم وجود قوانيين تراعي خصوصيات بعض المجتمعات المحلية ،ادى الى ضعف ثقة الناس بتحقيق العدالة عن طريق القضاء وزاد من بحث الافراد عن تحقيق العدالة بطرق مختلفة بعضها تؤدي الى التطرف .كما أن المركزية الشديدة في النظم زادت من تفاقم الازمات بدل الحل واصبح هناك عدم معرفة كافية بالمشاكل وحلولها .وهنا تم تقديم نظم الادارات الذاتية للمجتمعات المحلية في شمال سوريا كحل بديل للنظام المركزي مع التاكيد على وحدة الشعب السوري .وعليه فان تقوية واحياء الاخلاق واحترام القوانين ووضعها بحيث تكون مكملة للبعد الاخلاقي والتصالحي وليس من منطق العقاب والجزاء يجعل الفرد مطمئنا ً نسبيًا ومحصنًا ضد الذهاب الى التشدد.7_الثقافة، ثقافة مجتمع ما وحالته الروحية والذهنية تشكله الذهنية التقليدية، الحقيقة العاطفية ، الدين والميتولوجيا، الفلسفة ،العلم ومختلف الحقول الفنية .ان استعباد الناس منذ القدم لم يكن بالسيطرة على قوته فقط بل على ذهن الانسان وعالمه الروحي والفكري وبالتالي التحكم بافعاله وسلوكه، واليوم عندما يعيش الانسان بحالة فراغ فكري وذهني يسهل على المتطرفين اشغاله والتحكم به.واليوم الوعي المجتمعي الجمعي مسؤولية ملحة ومطلوبة من الجميع ، كما ان ادوات تشكل ذالك الوعي تعددت اليوم واضيف لها وسائل التواصل الافتراضية التي تلعب الدور المشكل وفق الداعمين والممولين.كما ان التعامل مع الحقول الفنية بمنظور نفعي وغرائزي ومبتعد عن التاريخ والثقافة الحقيقية المجتمعية عكس دور الفنون من خلق انسان كامل ومتوازن الى انسان مقلد ومستهلك وقابل للانخداع والتضليل . 8_الدفاع الذاتي الجوهري، لكن نوع من عالم الكائنات الحية نظام دفاعي خاص به وما من كائن حي بدون الية دفاع. وبدون تلك الالية فان ذالك العنصراوالجسيم يُفسَد ويخرج من كينونته ويتحول الى عنصر مغاير. وعند الكائنات الحية يغدو فريسة سهلة لكائنات اخرى او تموت . وينطبق الامر عينه على الفرد . فمتى ما اقتنع الفرد والمجتمع ان الاخرين يدافعون عنه ولم يحصن نفسه يغدوفريسةً للمتطرفين.هذا الدفاع للحماية وليس لبسط النفوذ على ابناء الجنس الواحد او على الانواع الاخرى من الكائنات. كما أن الدفاع وظيفة مجتمعية بقدر ماهي بيولوجية، وعلى الجميع الدفاع المشتاركة .9_الدبلوماسية المجتمعية، نعلم ان الدبلوماسية في راهننا تستعمل لادارة الربح او لتوطئة الحروب. لكن هي في الاساس اداة لارساء السلم والتبادل الخلاق بين المجتمعات وحل القضايا العالقة وتكريس العلاقات المفيدة . وهي وظيفة اخلاقية وسياسية نبيلة يؤديها الحكماء لتعزيزعلاقات الصداقة بين الشعوب المتجاورة وهي تعتبر قوة لبناء المجتمعات المشتركة والتركيبات الجديدة لمجتمعات ارقى .وعليه تم بناء المجتمع بممارسة دبلوملسية هادفة لتحقيق الوحدة الطوعية الديمقراطية بين المكونات والشعوب . وللبنود السابقة هاجمت العثمانية الجديدة الاردوغلانية شمال وشرق سوريا بعلم الكثيرين ليقينهم ان مشروع الامة الديمقراطية المستند الى قوى المجتمعات المحلية المتكاملة والذي انتصر على داعشهم سوف يلهم الكثيرين كنهج لمواجهة الارهاب والتطرف .

مشاركة :