من أكثر الأمور التي لا تساعد على الادخار المادي، وقد تؤدي للإحباط والاكتئاب، هي حرص البعض على مقارنة نفسه بمن حوله بشكلٍ خاص، وبغيره بشكلٍ عام، وباعتبار الادخار المالي هو من أهم الوسائل الضرورية للاستقرار الأسري ومواجهة الاحتياجات المستقبلية، وخصوصًا الطارئة منها، فإن اهتمام البعض بقضية المقارنة والنظر إلى من حوله، تُمثِّل عنصرًا سلبيًا لا يساعد على نجاح أي ادخار مادي. بالرغم من أنه لا يُنصح بالمقارنة؛ لما لها من تداعيات سلبية ونفسية على الفرد، إلا أن البعض يرى بأن من يُصِر على أن يُقارن نفسه مع الآخرين، فليُقارن نفسه مع مَن هم في وضع أقل منه، وليس مَن هُم في وضع أعلى منه، علمًا أن البعض قد لا يعلم حقيقة مَن يُقارن نفسه بهم، فبعض الناس الذين يتم مقارنة أنفسنا بهم قد يكونون يعيشون أوضاع وهمية وغير حقيقية، فهم قد يسكنون في بيوتٍ كبيرة وراقية، وقد يركبون سيارات فارهة ويلبسون ملابس من أشهر وأغلى الماركات، ويُسافرون كل عام عدّة مرات للفسحة والتنزه، ثم تفاجأ بأن بعض هؤلاء لديه الكثير من الديون، وأنه مطالب بالعديد من القضايا المختلفة في المحاكم، بل وقد يُحكم عليه في نهاية المطاف بالسجن. مَن يريد أن يقارن أو ينظر إلى من حوله، فليبدأ أولًا بالنظر إلى نفسه، فيعمد إلى تطوير ذاته وتنظيم وقته وتحديد مسؤولياته ورفع مستوى قدراته ومهاراته المختلفة، ثم يقوم بتقييم نفسه ووضع أهدافه الرئيسة بما فيها المادية والأسرية، ومن الضروري أيضًا أن يقوم بحفظ وتدوين كل مصروفاته وتوثيقها ومراجعتها بشكلٍ دوري أو شهري، ثم يبدأ بمقارنة نفسه عامًا بعد عام، فيُحلِّل وضعه المالي ومصروفاته ومدخراته، ويتعرَّف على الأسباب المختلفة التي دعته للقيام بتلك المصروفات، أو شراء بعض الأشياء، ويواصل مقارنة تلك الأشياء وتقييمها عامًا بعد عام، وهكذا يمكن أن تساهم مثل تلك المقارنة في تحفيزه لتطوير وضعه، والوصول نحو الأفضل. انتشار وسائل التواصل الاجتماعية ساهم بشكل كبير في انتشار هذا السلوك السلبي للمقارنة مع الآخرين، وخصوصًا مع بعض المشاهير، مما أحدث ردود فعل سلبية لبعض فئات المجتمع، ولذلك فعلى كل فرد أن يعي أنه دائمًا سيكون هناك مَن هو أفضل منه، وأن هذه المقارنة ستكون خاسرة، وكُلَّما قلَّل الإنسان من الاهتمام بالآخرين ومقارنة نفسه بهم، واهتم بذاته واحترمها، فسيجد بأن احترام الآخرين له سيزداد وتزداد ثقته في نفسه، فالمقارنة تسرق الفرح، وكلما قلَّل الإنسان اهتمامه بتلك المقارنة، كلما كان أكثر سعادة.
مشاركة :