يُعَدُّ فنُّ الخطِّ العربي فنًّا إسلاميًّا خالصًا؛ من صنيع الدين الإسلامي، وله ارتباطه الوثيق بالقران الكريم، ولم يَسْبِق للكلمة أن كانت فنًّا مرئيًّا في أُمَّة من الأمم قبل نزول القرآن الكريم، وإذا كان لكل أُمَّة من الأمم لغتها، ولها كتاباتها، فإن هذه الكتابات ظَلَّتْ في وظيفتها التعبيرية، باعتبارها رموزًا منطقية لمعانٍ يُرَادُ التعبير عنها، ولكن لم يحدث أن ارتفعت هذه الرموز لتصبح فنًّا جماليًّا، كما حدث للكلمة العربية بعد أن أضفى عليها القرآن الكريم رداء قداسته, ويعتبر الخطَّ العربي هو الفنُّ الوحيد الذي نشأ عربيًّا خالصًا، صافيًّا نقيًّا، ولم يتأثَّر بمؤَثِّرَات أخرى, ويقول بعض المستشرقين إذا أردتَ أن تدرس الفنَّ الإسلامي؛ فعليك أن تتَّجِهَ مباشرة إلى فنِّ الخطِّ العربي وهي انطلاقة للفنون الاخرى من الفنون الجمالية . من هو محمد بوحميدة؟ من أبرز الخطاطين الذين نشروا الخط العربي في الأحساء هو الأستاذ محمد بن عبدالرحمن بوحميدة ، حيث نشأ في بيتٍ متواضع بين أيادي تحتضن المواهب والإبداع بين أفراد أسرته, كان شغوفاً بالفنون الجميلة والخط العربي بشكل كبير، الأمر الذي جعل منه مبدعًا ومميزًا في هذا المجال حيث بدأ بتنميته وصقله منذ صغره. لكل فنان قصة لاكتشاف موهبته .. فكيف اكتشف بوحميدة موهبته؟ أشار البوحميدة لـ”الأحساء نيوز“: ” كبرت، وكبر معي فني، ولوحة “الحطاب والفأس” التي كانت بيد أخي الأكبر هي من جذبني وحببني بعالم الرسم، وجعلت من الطفل البالغ 3 سنوات فناناً شغوفاً رغم صغر سنه, وكنت اتمنى أن يكون الجيل السابق يعود لما فيه من مهارات أكتسبناها من المعلمين فلم تكن مادة التربية الفنية مادة عابرة ولم تكن مادة الخط العربي شيئاً يستهان به, بل كانت مواد أساسية للحصول على درجات لإجتياز المرحلة الدراسية. وهذا الشي صقل الموهبة وجعلنا نتفنن فيها, ويعتبر البوحميدة أحد الفنانين الذين لم يقتصر إبداعه وشغفه بالفن التشكيلي؛ بل أحب الخط العربي واتقنه على أيدي أساتذة كبار مُختصين، لم ينقطع عنهم، فهو مازال يتعلم منهم حتى الآن, ومن أبرز الأساتذة الذين نتذكرهم حتى الأن الفنان التشكيلي محمد الحمد والفنان التشكيلي محمد الصندل رحمه الله هذا في مجال الفن التشكيلي أما في الخط العربي فكان الاستاذ خليفة الدحيلان وجاء في الوقت الحالي الأستاذ إبراهيم العرافي خطاط الحرم المكي والأستاذ سعود خان وعبدالمجيد الأهدل ولدينا عدد من الأصدقاء مازلنا نتعلم منهم . بماذا يتّميز الفنان التشكيلي عن الخطاط ؟ واستطرد البوحميدة قائلًا: “إن الفن التشكيلي والخط العربي مختلفان ومميزان ومن خلالهما يستطيع الخطاط والفنان التشكيلي ان يُعبر عن أحاسيسه بهما, ويمكن للرسام أن يكون خطاط ولايمكن للخطاط أن يكون رسام, لأن الخط يرسم ولايكتب . كيف تُؤثر هذهِ الفنون على الأطفال والشباب؟ وذكر “البوحميدة” أن هذه الفنون نستخدمها في تنمية مهارات بعض الأطفال والشباب ولا يعلم بأنه يتقنها أو هي أحد الوسائل لاكتشاف المواهب التي لديه، فالرسم أحد أنوع العلاج النفسي حيث يقوم بعض الأطفال والشباب بالاستعانة بالرسم أو التشكيل بطريقة خاصة معبرًا عما بداخله من انفعالات نفسية أو بدنية لها تأثير سلبي على حياته ويصبو إلى تغييرها ليصل إلى الصفاء الروحي والشعور بالرضا عن النفس, وما الفن إلا تعبيرًا عن الأحاسيس والانفعالات الداخلية والخارجية سواء أكان ذلك التعبير عن طريق الرسم أم عن طريق مجالات الفن الأخرى كالكولاج والصلصال والخط العربي والأعمال اليدوية الأخرى. أكثر من 3000 مبدع تخرجوا على يديه وكشف “البوحميدة” أن لديهم مركز متخصص في تنمية هذه المهارات والإبداعات للبنين والبنات بمشاركة أحد القطاعات الحكومية والخاصة, بالإضافة إلى أنه غذى هذا الحب بتقديم دورات تدريبية والإشراف على البحوث الخاصة بالفنون للشباب والمهتمين الذين يسعون لتطوير مواهبهم، حيث تدرب على يده أكثر من 3000 شاباً وشابة من مختلف مناطق المحافظة . وأوضح “البوحميدة” أن أول الأعمال التشكيلية له كانت تتحدث عن المدرسة السيريالية والواقعية في الفن التشكيلي والتي نالت على استحسان الجميع في مواصلة السير نحو هذا الطريق . “بوحميدة ناقدًا على عدم دعم هذا الفن” وعن واقع الفنون التشكيلية والخط العربي في العصر الحالي قال”البوحميدة” مُتأسفاً أن كلاهما أصبح لا قيمة له في مجتمعنا، فنحن نجد الآن أن الفن التشكيلي، مجرد لوحات تُعرض في فترة إقامة المعارض والمهرجانات، ويمر عليه أفراد المجتمع مرور الكرام، من أجل الاطلاع عليها لا أكثر ولا أقل، دون أن تلفت انتباههم، ونتمنى من رجال وسيدات الأعمال الإهتمام بهذه المواهب وتقديم الدعم لها بتخصيص صالات عرض للأعمال الفنية بمختلف توجهاتها، إضافة إلى طرح مزادات خاصة لهذه الأعمال المعروضة لإستمرار هذا الإنتاج كونه يمثل ثقافتنا ولُغتنا.
مشاركة :