رفعت شركة أي.أم.أم.أس للخدمات في قطاع النفط دعوى في الولايات المتحدة ضد بنك البحر المتوسط (بنك ميد) اللبناني بتهمة رفض السماح لها بسحب ودائعها البالغة مليار دولار. ويترأس بنك ميد محمد الحريري، صهر رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري. ويضم مجلس إدارته نازك الحريري، أرملة رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، ووزيرة الداخلية الحالية ريا الحسن المنتمية إلى تيار المستقبل. وقال الرئيس التنفيذي لشركة أي.أم.أم.أس مرتضى لاخاني، الذي يتاجر في النفط والمنتجات النفطية الأوروبية والشرق أوسطية والآسيوية، لوكالة رويترز إنه لن يعلق خارج نطاق القضية، المقامة أمام المحكمة العليا في نيويورك بتاريخ 22 نوفمبر الجاري. وبحسب وثيقة قضائية نشرت على الموقع الإلكتروني لمحاكم نيويورك، فإن الشركة، التي تقدم خدمات لوجستية ومالية لمؤسسات نفطية في العالم رفعت شكوى أمام المحكمة العليا لولاية نيويورك متهمة المصرف اللبناني بأنه “سرق بوقاحة” مبلغ المليار دولار. وأعربت إدارة المصرف عن “رفضها بشدة الاتهامات”، مشيرة إلى أن “الوديعة التي تبلغ قيمتها مليار دولار هي وديعة محظورة بموجب تعليمات من أي.أم.أم.أس، تستحق بعد حوالي عامين من الآن”. وقال المصرف في بيان بين 30 أكتوبر و12 نوفمبر من العام الحالي، اكتشف بنك ميد “المخالفات المادية للعقد ومحاولات أي.أم.أم.أس توجيه الأموال المستحقة لبنك المتوسط في الخارج، مشيرة إلى أن المصرف عارض مثل هذه المحاولات واتخذ الإجراءات المناسبة. وفي الوثيقة القضائية، ذكرت الشركة أن المصرف أبلغها بأنه “يرفض الإفراج عن مبلغ المليار دولار أو السماح لها باستعادته”. وذكرت أي.أم.أم.أس أن بنك ميد اللبناني أبلغها في 12 نوفمبر الحالي بتعليق تسهيلات الائتمان “بسبب الظروف السلبية للوضع الاقتصادي في لبنان والأسواق المالية اللبنانية”. وتأتي القضية في حين يبدو لبنان على حافة الانهيار الاقتصادي. ومنذ سبتمبر الماضي، فرضت المصارف اللبنانية قيودا تزداد صرامة على سحب مبالغ مالية بالدولار. كما أنه من المستحيل صرف الليرة اللبنانية بالدولار في المصارف بالسعر الرسمي المحدد بـ1507 ليرة للدولار الواحد. وفي بلد اعتاد على استخدام العملة الأميركية في كل التعاملات اليومية، ارتفعت قيمة صرفها لدى الصيارفة ووصلت إلى ألفي ليرة للدولار الواحد. وساهمت الأزمة الاقتصادية في اندلاع حركة احتجاج شعبية غير مسبوقة منتصف أكتوبر الماضي، حيث يطالب المحتجون بمحاكمة طبقة سياسية فاسدة وغير كفوءة وبتحسين ظروف المعيشة الصعبة. وأكدت إدارة المصرف أنه “وفقا للعقود، تخضع العلاقة بين المصرف وأي.أم.أم.أس للقانون اللبناني وللولاية القضائية الحصرية للمحاكم اللبنانية”. وأشارت إلى أن الشركة الأميركية بدأت “بالفعل رفع دعوى في بيروت في 14 نوفمبر الجاري وتم تحديد جلسة في ديسمبر المقبل وأن المصرف سيقدم “الردود المناسبة إلى المحكمة اللبنانية”. وتابع المصرف أنه “ملتزم بمعاييره المصرفية العالية وحماية مصالح عملائه وتطبيق القوانين والممارسات اللبنانية وفقًا لما تقتضيه الظروف الحالية”. وكانت ستاندرد آند بورز غلوبال للتصنيفات الائتمانية قد خفضت تصنيف بنك البحر المتوسط ليدخل على نحو أعمق في النطاق عالي المخاطر. وعلل خبراء الوكالة اتخاذ تلك الخطوة بسبب تنامي ضغوط السيولة نظرا للتآكل السريع للودائع. وتصنف الوكالة البنك الآن عند سي.سي.سي وقالت إنه عرضة للمزيد من الخفض. وبدأت آي.أم.أم.أس تعاملاتها مع بنك البحر المتوسط في نوفمبر 2017 بودائع قصيرة الأجل تصل إلى تسعة أشهر بأسعار فائدة سنوية تصل إلى 6.5 بالمئة. وفي خضم هذه المشكلة، قال مصدر مالي مطلع إن لبنان سدد سندات دولية قيمتها 1.5 مليار دولار استحقت الخميس، فضلا عن قسيمة العائد. وكان يُنظر إلى السداد على أنه اختبار لقدرة لبنان على الوفاء بالتزامات ديونه في وقت تنوء فيه البلاد بأحد أكبر أعباء الدين في العالم وتعاني أزمة اقتصادية حادة. وكان مصرف لبنان المركزي قد قال في وقت سابق إنه مستعد لسداد استحقاقات السندات الدولارية عند حلول أجلها بهدف حماية الاستقرار المالي للدولة. وقبيل السداد، كان يجري تداول السندات قرب قيمتها الاسمية، وهو ما عكس توقعات السوق بأن الحكومة ستفي بالتزاماتها. وعلى النقيض، فإن كثيرا من السندات الدولية اللبنانية الطويلة الأجل يتم تداولها بأقل من نصف قيمتها الاسمية، مع قلق المستثمرين من مخاطر أزمات محتملة. وقال جيسون توفي كبير محللي الأسواق الناشئة لدى كابيتال إيكونومكس إن “السداد سيضع المزيد من الضغوط على الاحتياطيات المنهكة بالفعل، حيث لا تكفي لتغطية احتياجات لبنان التمويلية على مدى العام القادم والبالغة 100 مليار دولار”. وكان المركزي اللبناني قد قال في وقت سابق هذا الشهر إن “لديه احتياطيات متاحة للاستخدام قدرها 30 مليار دولار وإجمالي أصول بقيمة 38 مليار دولار”. وقال فاروق سوسا كبير الخبراء الاقتصاديين لدى غولدمان ساكس “يستنزف سداد استحقاقات السندات الدولية احتياطيات النقد الأجنبي بقدر حيازة غير المقيمين لها، لذا وفي هذه الحالة، فإن الاستنزاف يُقدر بنحو 1.5 مليار دولار”. وأضاف “مع تعمقنا في المنحني اللبناني، نجد أن الحيازات الأجنبية تهبط بشكل كبير، وهو ما يعني أن سداد استحقاقات السندات الدولية سيصبح أقل عبئا على الاحتياطيات”. وتفيد بيانات رفينيتيف أن لبنان أجرى إصدارين جديدين للسندات في 27 نوفمبر الجاري أحدهما قيمته 1.5 مليار دولار لأجل عشر سنوات والثاني 1.5 مليار دولار أيضا لأجل 16 عاما. ويقول خبراء في أسواق الدين إن الإصدارين الجديدين كانا آلية تمويل من البنك المركزي لسداد السندات التي حان موعد استحقاقها. وارتفعت تكلفة التأمين على الدين السيادي اللبناني من مخاطر العجز عن السداد بأكثر من المثلين منذ اندلاع الاحتجاجات.
مشاركة :