اللبنانيون يربحون جولة في معركة استرداد الودائع المجمدة

  • 5/11/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

اعتبر محللون في خطوة مصرف لبنان المركزي المتعلقة بتخفيف القيود على سحب الودائع أن اللبنانيين ربحوا جولة في معركة طويلة وشاقة لاسترداد أموالهم العالقة لدى البنوك بسبب القيود الصارمة التي تم اتخاذها طيلة أشهر في محاولة لمنع انهيار النظام المالي. بيروت - أعلن مصرف لبنان المركزي أنّه سيُطلق آلية تسمح لأصحاب الحسابات المصرفية بالعملات الأجنبية بأن يسحبوا بصورة تدريجية وبالعملات الأجنبية جزءاً من أموالهم العالقة في مصارف البلاد منذ خريف 2019 على أن تكون بشرط حصوله على التغطية القانونية اللازمة. وقال في بيان في وقت متأخر الأحد إنّه “يفاوض حالياً المصارف اللبنانية بهدف اعتماد آلية تبدأ بموجبها المصارف بتسديد تدريجي للودائع حيث يمكن للمودعين صرف 25 ألف دولار من أموالهم على دفعات التي كانت قائمة قبل 17 أكتوبر 2019 وكما أصبحت في 31 مارس 2021، وذلك بالعملات كافة”. وأضاف “سيتم تقسيط هذه المبالغ على فترة زمنية سيتم تحديدها قريبا. ومن المتوقع أن يبدأ الدفع اعتبارا من 30 من يونيو 2021 شرط الحصول على التغطية القانونية”. وصرّح مصدر في مصرف لبنان المركزي لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ المقصود بالتغطية القانونية هو “تبنّي البرلمان قانون الكابيتال كونترول” أي ضبط رؤوس الأموال. وسيكون التحدي الأبرز الآن هو كيفية تنفيذ الخطوة لأن هناك مشاكل تتعلق بالمصارف والتي قد ترفض القيام بهذه العملية خشية أن تجد نفسها في ورطة إذ أنها تعاني أصلا من شح في السيولة النقدية. وكانت البنوك اللبنانية في ما مضى من أكثر بنوك العالم ربحا وكانت تتولى تحويل الأموال من اللبنانيين في المهجر إلى خزائن الدولة مقابل أسعار فائدة عالية لكن مع اشتداد الانهيار الاقتصادي في لبنان ونضوب التحويلات الدولارية من الخارج بدأت السيولة تنفد في النظام المالي. ومنذ بداية الأزمة المالية في أواخر 2019 جمدت البنوك ودائع العملاء ومنعت تحويل النقود إلى الخارج. ورفع مودعون دعاوى قانونية متهمين البنوك بالإهمال والاحتيال وسط مخاوف من تبدد مدخراتهم. لكن البنوك نفت ارتكاب أي مخالفات وأكدت مرارا أن الودائع في أمان. وعمقت الإجراءات الاحترازية التي فرضتها السلطات لمكافحة الجائحة الأزمة القائمة في بلد يشهد فيه المودعون تهاوي قيمة مدخراتهم بسبب ارتفاع الأسعار وضعف العملة المحلية وفرض قيود وصلت في بعض الأحيان إلى السماح بسحب 100 دولار في الأسبوع فحسب. مصرف لبنان المركزي: سيتم تقسيط المبالغ على فترة زمنية سيتم تحديدها قريبا مصرف لبنان المركزي: سيتم تقسيط المبالغ على فترة زمنية سيتم تحديدها قريبا وفرضت المصارف طيلة أشهر قيوداً متصاعدة على سحب الأموال، إذ لا يمكن للزبائن في بعض المصارف سحب أكثر من 800 دولار شهرياً. وامتدت القيود خلال الأشهر الأخيرة على سحب الليرة اللبنانية التي يشكل فك ارتباطها بالدولار كابوسا للمسؤولين نظرا لكونها شريان الحياة بالنسبة إلى نشاط المصارف. ولا يمكن لأصحاب الودائع بالدولار إجراء سحوبات نقدية إلا بتحويلها إلى الليرة اللبنانية وبسعر صرف أدنى بكثير من المتداول به في السوق السوداء. وحاليا يتخطّى سعر صرف الدولار في السوق السوداء 12.5 ألف ليرة، في حين يبلغ سعر الصرف في المصارف 3900 ليرة، علماً أنّ سعر الصرف الرسمي هو 1507 ليرات. وأثّرت هذه الأزمة المالية خصوصاً على أصحاب الودائع الصغيرة والمتوسّطة. والظروف الاجتماعية والاقتصادية في لبنان في تدهور مستمرّ منذ شهر أغسطس الماضي وبات أكثر من 50 في المئة من اللبنانيين تحت خطّ الفقر في حين تخطّت نسبة التضخّم 140 في المئة في العام 2020. وأعلن المركزي أنه سيطلق منصة إلكترونية لتنظيم عمليات الصرافة بمشاركة المصارف والصرافين، فور حصوله على قرار وزير المالية غازي وزني بهذا الشأن. ووفقاً للمنصة سيقوم المركزي بالتدخل عند الضرورة لضبط التقلبات في أسعار سوق الصرافة، مع الإشارة الى أن سعر صرف الدولار ستحدده حركة السوق التي ستكون مفتوحة أمام الأفراد والمؤسسات. وتسمى عملية تحديد أسعار الصرف وفق العرض والطلب، ضمن ضوابط من البنك المركزي، بالتعويم الجزئي للعملة، إلا أن البيان لم يورد صراحة إن كان ما ينوي القيام به هو تعويم لليرة من عدمه. وحذر البنك الدولي في تقرير بعنوان “الكساد المتعمد” نشره في ديسمبر الماضي من أن الأزمة الحادة في لبنان جعلت الاقتصاد عرضة “لكساد شاق” وصفه بـ”المتعمد” مع إخفاق القوى المسيطرة على المشهد في احتواء الانهيار، داعيا إلى تشكيل حكومة تنكبّ على تنفيذ برنامج إصلاح شامل على وجه السرعة. واعتبر خبراء البنك في تقريرهم أن “الافتقار المقصود إلى إجراءات سياسية فعالة من جانب السلطات أدى إلى تعريض الاقتصاد لكساد شاق وطويل”. ورجّحوا أن تكون الأزمة الاقتصادية أعمق وأطول من معظم الأزمات الاقتصادية في العديد من البلدان وأن المساعدات الدولية والاستثمار الخاص يشكلان ضرورة لتحقيق الانتعاش وإعادة الإعمار الشاملين. ورغم الضغوط الدولية التي تقودها فرنسا، لا تزال القوى السياسية جراء الانقسامات والخلافات على الحصص عاجزة عن تشكيل حكومة تنكب على تنفيذ إصلاحات يشترطها المجتمع الدولي لمساعدة لبنان للخروج من محنته.

مشاركة :