علماء الأوقاف: بر الوالدين سبب سعادة المسلم في الدنيا والآخرة

  • 11/29/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

انطلقت اليوم الجمعة القافلة الدعوية التاسعة عشرة المشتركة بين علماء الأزهر ووزارة الأوقاف إلى محافظة القاهرة إدارة أوقاف القاهرة الجديدة لأداء خطبة الجمعة تحت عنوان : "حقوق الوالدين وذوي الأرحام" ، وذلك في إطار التعاون المشترك والمثمر بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف من أجل تصحيح المفاهيم الخاطئة ونشر الفكر الوسطي المستنير، وبيان يسر وسماحة الإسلام ، ونشر مكارم الأخلاق والقيم الإنسانية ، وترسيخ أسس التعايش السلمي بين الناس جميعًا .وأكد الدكتور عماد عبد النبي محمود الأستاذ بجامعة الأزهر أن الإسلام جاء برسالة سمحة تدعو إلى كل خلق كريم ، وتُؤَصِّلُ لكل مبدأ نبيل، وتُرشد إلى كل سلوكٍ مستقيم، وتجعل من القيم والمثل العليا منهج حياة ، يضبط ميزان المعاملات بين الناس بالحق، والعدل ، والرحمة ، والمحبة ، والإنسانية، حيث يقول الحق سبحانه : "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" ، وإن من مظاهر عظمة الشريعة الإسلامية أنها وضعت قواعد وضوابط وحقوقًا للتعامل مع الوالدين والأقربين ؛ فالوالدان هما أحق الناس بالاحترام ، والتقدير ، والعناية ، فقد أمرنا الله تعالى في كتابه الكريم ببر الوالدين ، والإحسان إليهما ، وجمع سبحانه بين ذلك وبين الأمر بعبادته تعالى وعدم الإشراك به ، حيثُ يقول سبحانه : {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} ، كما أمر سبحانه بشكره على نعمه ، وقرن شكر الوالدين بشكره ؛ لعظيم فضلهما ، وسمو منزلتهما ، ورفعة قدرهما ، قال سيدنا عبد الله بن عَبَّاسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) : ثَلَاثُ آيَاتٍ نَزَلَتْ مَقْرُونَةً بِثَلَاثٍ ، لَمْ تُقْبَلْ مِنْهَا وَاحِدَةٌ بِغَيْرِ قَرِينَتِهَا ، ومنها : قَوْله تَعَالَى : {أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} ، فَمَنْ شَكَرَ لله ، وَلَمْ يَشْكُرْ وَالِدَيْهِ ، لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. ومن على منبر مسجد (شباب أهل الجنة) بالتجمع الأول أكد الشيخ جمال إبراهيم إبراهيم عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الإسلام أعلى من شأن الوالدين ، وأمر ببرهما، وحسن رعايتهما، والتلطف معهما، فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو (رضي الله عنهما) ، قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْجِهَادِ ، فَقَالَ لَه النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ . وأضاف: لقد ضربت ابنتا الرجل الصالح في قصة سيدنا موسى (عليه السلام) أروع الأمثلة في البر وحسن الرعاية ؛ فقد كان أبوهما شيخًا كبيرًا ، لا يقوى على العمل ، فقامتا بالعمل بدلًا منه ، دون تأففٍ ، أو ضجر ، قال تعالى : "وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ"، ولنا القدوة الحسنة في السيدة فاطمة (رضي الله عنها) في توددها ، واحترامها، وتلطفها مع أبيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؛ فقد كانت إِذَا دَخَلَ عَلَيها (صلى الله عليه وسلم) ، قامت مِنْ مَجْلِسِهَا ، فَقَبَّلَتْهُ ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا ، تلطفًا معه ، وفرحًا بقدومه ، وإجلالًا لقدره صلى الله عليه وسلم. ومن على منبر مسجد (خاتم المرسلين) بالتجمع الخامس أكد الشيخ معاذ فتحي محمد الحويحي عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الإسلام أمرنا بتوقير الوالدين ، وعدم إيذائهما ، فقال تعالى : {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} ، فقد نهى الله تعالى الإنسان عن أدنى كلمة تعبر عن الضجر ، ولو كان هناك كلمة أدنى من كلمة "أف" لنهى الله (عز وجل) عنها ، فالأولى ألا يتسبب الإنسان في أذاهما ، أو الإساءة إليهما بأي صورة من الصور، فقد قال سيدنا أبو هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) لِرَجُلٍ - وَهُوَ يَعِظُهُ فِي بِرِّ أَبِيهِ - : " لَا تَمْشِ أَمَامَ أَبِيكَ ، وَلَا تَجْلِسْ قَبْلَهُ ، وَلَا تَدَعُوهُ بِاسْمِهِ ، وَلَا تَسْتَسِبَّ لَهُ" ، أي : لا تُعَرِّضْه للسبِّ ، فلا ينبغي أن يتسبب المسلم في أي أذى لوالديه ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (إنَّ مِن أكبَرِ الكَبائِرِ أنْ يَلعَنَ الرجُلُ والِدَيه) ، قالوا : يا رسولَ اللهِ ، وكيفَ يَلعَنُ الرجُلُ أبَوَيه؟ قال : (يَسُبُ الرجُلُ الرجُلَ، فيَسُبُ أباه ، ويَسُبُ الرجُلُ أُمَّه ، فيَسُبُ أُمَّه ومن على منبر مسجد (طيبة) بالتجمع الخامس أكد الشيخ محمود طه الشيمي بالديوان العام أن الإسلام أوصى ببر الوالدين ، وحسن صحبتهما ، حتى ولو كانا على غير الملة، حيث يقول الحق سبحانه : {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} ، وهذا ما كان من سيدنا إبراهيم (عليه السلام) في دعوته مع أبيه ، وفي ذلك يقول الحق سبحانه : {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا" ، وهذه أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما) ، تأتيها أمها - وهي مشركة - راغبة : فسألت النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك ، قالت : يا رسول الله ، قدمت عليَّ أمي وهي راغبة ، أفأصِلُ أمِّي؟ قال: (نَعَمْ ، صِلِي أُمَّكِ).

مشاركة :