دمشق بلا خيارات لتمويل موازنة 2020

  • 11/30/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

عكس إقرار سوريا قانون الموازنة العامة للعام المقبل موجة من الإحباط بين الأوساط الاقتصادية والشعبية، كون السلطات بلا خيارات ممكنة لتمويلها في ظل الشلل المطبق على كافة أنشطة الحياة في البلاد. وصادق الرئيس بشار الأسد على الموازنة البالغ حجمها الإجمالي 9.2 مليار دولار، من دون أن تلحظ الحكومة عجز قطاع الكهرباء الذي مني بأضرار ضخمة خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من ثمانية أعوام. وتسبّب النزاع الذي تشهده البلاد منذ 2011 بدمار هائل في البنى التحتية وألحق خسائر كبرى بالاقتصاد، وقدرت الأمم المتحدة قبل أكثر من عام كلفة الدمار بنحو 400 مليار دولار. وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن الرئيس بشار الأسد أصدر القانون القاضي “بتحديد اعتمادات الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2020 بمبلغ إجمالي قدره 4 تريليونات ليرة سورية”. ولم تختلف القيمة الإجمالية لموازنة 2020 عن موازنة هذا العام، إلا أن الموازنة الجديدة لا تلحظ خسائر شركة الكهرباء. وكان برلمانيون قد انتقدوا خلال جلسات نقاش الموازنة حجم العجز المالي، الذي ازداد بنسبة 54 بالمئة عن الموازنة الحالية. ونقلت صحيفة الوطن المحلية الأربعاء الماضي عن وزير المالية مأمون حمدان قوله في جلسة إقرار الموازنة، إنه “لم يتم إظهار كل العجز باعتبار أن عجز شركة الكهرباء الذي بلغ 711 مليار ليرة (1.6 مليار دولار) بقي خارج الموازنة” على أن تتم إضافته إلى موازنة 2021. ومني قطاع الكهرباء خلال سنوات النزاع بأضرار كبرى، قدّرها مدير المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء محمود رمضان في سبتمبر الماضي بأنها تتجاوز 1.2 تريليون ليرة. وإصدار الموازنة جاء بعد أسبوع من قرار للأسد قضى بزيادة في رواتب العاملين المدنيين والعسكريين، تراوح بين 37 و46 دولارا، استفاد منها أكثر من 2.1 مليون موظف ومتقاعد. ويعاني السوريون من ظروف معيشية صعبة مع تفشي البطالة وانخفاض قيمة العملة المحلية الذي يشكل دليلاً ملموساً على الاقتصاد المنهك، في ظل تقلّص المداخيل والإيرادات وانخفاض احتياطي القطع الأجنبي. ويأتي إقرار الموازنة بينما يبلغ سعر صرف الليرة الرسمي 434 للدولار، وفق مصرف سوريا المركزي، فيما انخفضت قيمتها بشكل حاد في السوق السوداء الخميس إلى 800 ليرة، في أدنى مستوياتها منذ اندلاع النزاع. وقال عدد من الأهالي ببلدة قدسيا شمال العاصمة دمشق لوكالة الأنباء الألمانية إنه لم يعد بمقدورهم شراء احتياجاتهم بسبب ارتفاع الأسعار ودفع هذا الأمر بعض التجار إلى إغلاق محلاتهم تضامنا مع الأهالي، بينما أغلقت بعض المحلات أبوابها بسبب الارتفاع المتواصل للأسعار على أمل أن يكون سعر البضاعة غداً أو بعده أقل. وقال مصدر في لجنة الصناعة إن أسواق مدينة حلب تعيش حالة من الجمود بسبب ارتفاع الأسعار وتغيرها بشكل متكرر يوميا، وضعف القدرة الشرائية لدى الأهالي الذين نفدت مدخراتهم. وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه في تصريح لـوكالة الأنباء الألمانية “ما يحصل في عموم المناطق السورية هو نتيجة سوء السياسة الاقتصادية للحكومة، الصناعيون في واد ووزراء اللجنة الاقتصادية في واد آخر”. ويقول محللون إن التحديات التي سببها هبوط سعر صرف الليرة تتطلب إجراءات عاجلة ومرنة تواجه هذه الموجة، منها ما يتعلق بسوق الصرف نفسه، ومنها ما يتعلق بالأداء الاقتصادي العام. وأشاروا إلى أن سوق الصرف له تدابير النقدية والمالية المؤثرة والأداء الاقتصادي يتطلب مواكبة بعيدا عن البيروقراطية التي تمنع السرعة والإنجاز. وتخضع سوريا لعقوبات اقتصادية أميركية وأوروبية تسبّبت بمزيد من الخسائر وبأزمة وقود العام الحالي فرضت تقنينا في الكميات الموزعة على المستهلكين. ويرى العديد من المحللين أن النهوض الاقتصادي في سوريا يحتاج إلى دعم تصدير الإنتاج المحلي بالدرجة الأولى، وعدم التباطؤ في موضوع دعم الصادرات بالسرعة القصوى. وبعدما باتت القوات الحكومية تسيطر على أكثر من 60 بالمئة من مساحة سوريا وتنتشر في مناطق سيطرة الأكراد في شمال شرق البلاد، يكرر مسؤولون عدة بينهم الأسد التأكيد على أن بلادهم تواجه حربا جديدة تتمثل بالحصار الاقتصادي والعقوبات.

مشاركة :