الحكومة العراقية بلا خيارات في مأزق تمويل ميزانية 2020 | | صحيفة العرب

  • 6/23/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تكشف مؤشرات ميزانية العراق لعام 2020، والتي لم تر النور حتى الآن، مدى تضاؤل هامش مناورة حكومة مصطفى الكاظمي، في إنقاذ الوضع الاقتصادي المأزوم سريعا، لاسيما بعد أن تأكد للجنة المالية في البرلمان أنه لا دلائل تشير بوجود ميزانية أصلا في ظل النقص الفادح في السيولة. بغداد - فرضت حقائق الواقع على الحكومة العراقية البحث عن مخرج ينهي مشكلة إعداد ميزانية 2020، والتي تعاني من عجز ضخم اضطرها إلى عدم إرسالها إلى البرلمان لمناقشتها. وذكرت وسائل إعلام محلية الاثنين أن اللجنة المالية بالبرلمان قالت إن حكومة مصطفى الكاظمي تتلكأ في إرسال مسودة مشروع قانون المالية لهذا العام بسبب تفاقم العجز البالغ قرابة 40 تريليون دينار (نحو 45 مليار دولار)، والذي لا يمكن تغطيته. واستبعد المسؤولون العراقيون أن يتم إرسال المسودة قبل نهاية الشهر الجاري، حتى أن أحد أعضاء اللجنة المالية قال إن “كل المؤشرات تدل على عدم وجود ميزانية للعام الحالي”. ونسبت صحيفة المدى المحلية لعضو اللجنة المالية حنين قدو قوله إن “الفترة المتبقية من السنة المالية لا تتجاوز الخمسة أشهر”. وستعتمد الحكومة على ميزانيات شهرية لصرف المستحقات التشغيلية، حيث أن وزارة المالية بحاجة إلى اقتراض 30 تريليون دينار لتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية للأشهر المتبقية من السنة الحالية. ويمر العراق، العضو في منظمة أوبك، بأزمة مالية نتيجة انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية بسبب انتشار مرض فايروس كورونا الجديد في معظم أنحاء العالم ما أدى إلى حصول ركود اقتصادي. 45 مليار دولار عجز الميزانية للعام الحالي، والذي يرى محللون أن الحكومة غير قادرة على تغطيته وكانت الحكومة قد قررت في وقت سابق تشكيل خلية الطوارئ للإصلاح المالي لتوفير السيولة المالية واتخاذ القرارات الخاصة بالإصلاح المالي من خلال ترشيد الإنفاق وتعظيم الموارد وإصلاح المؤسسات المالية. وبالإضافة إلى ذلك ستضع خطط تمويل لمشاريع الإعمار والتنمية والاستثمار، وموارد وآليات التمويل من خارج الإنفاق الحكومي. ولكن محللين يرون أنه من الصعب أن تواجه الحكومة الأزمات المزمنة التي خلفتها السياسات الفاشلة للحكومات السابقة بهذه الحزمة من المبادرات، خاصة مع استمرار الاضطرابات وتوقف معظم القطاعات عن النشاط والإمعان في التركيز على عائدات الطاقة. وانتقد الكاظمي السبت الماضي اعتماد الميزانية العامة للبلاد بنسبة 95 في المئة على النفط، معتبرا ذلك “دليل فشل السياسات السابقة”. وقال خلال زيارة لوزارة النفط، إن حكومته “تعمل من أجل تعظيم الإيرادات الأخرى، وأن تتحول الإيرادات النفطية إلى مشاريع عمل تنموية لخدمة الاقتصاد العراقي”. وتابع إن “قطاع النفط العراقي يعد من القطاعات العريقة، ويجب أن نعمل على استعادة عافيته”، داعيا إلى ضرورة إدخال إصلاحات مالية واقتصادية في عمل وزارة النفط. وتدرس الحكومة حاليا تشكيل صندوق للاستثمار لتأمين مستقبل أجيال البلاد المقبلة، وقال الكاظمي إن “إيرادات النفط تمثل المصدر الأساسي للدولة ولابد من تحقيق مبدأ العدالة من خلال توزيع الثروة بين الأجيال”. وزارة المالية بحاجة إلى اقتراض 30 تريليون دينار لتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين وزارة المالية بحاجة إلى اقتراض 30 تريليون دينار لتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين ويبدو أن النقاشات مستمرة بشأن الإصلاحات المرتقبة على الرغم من المزايدات السياسية ومحاولات التشويش عليها، لكننا نؤكد أن الفرصة مواتية لمعالجة الأخطاء السابقة. وعقب انتكاسات متتالية للحكومات المتعاقبة، اتخذ الكاظمي إجراء فعليا منذ استلامه مقاليد السلطة في مايو الماضي وهو التقليص من الرواتب.والاستقطاعات كبيرة للغاية، سواء بالنسبة للدولة ذات الاقتصاد الراكد أو بالنسبة للعراقيين الذين يعيش واحد من كل خمسة منهم تحت خط الفقر، إلى درجة أن الكاظمي أوضح في مؤتمر صحافي طويل أن هذه ليست “تخفيضات في الرواتب بل نقص في السيولة” يجب أن يتم تعويضه قريبا. وقال مسؤول حكومي لوكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق إن “الخزائن فارغة تقريبا بسبب نقص النقد، ولأنه لا توجد طريقة للحصول على المزيد قريبا، فكانت الفكرة تخفيض جميع الرواتب حتى رواتب الوزراء والنواب”. وتم الاستقطاع فقط من رواتب 27 في المئة من المتقاعدين، وأن الفرق سيدفع قريبا، لكن العجز لا يزال قائما، ويتزايد كل شهر بأكثر من أربعة مليارات دولار. وتبقى الرواتب والمعاشات التقاعدية البند الأول للإنفاق الذي يمكن للحكومة أن تستقطع منه، إذ يشكل معظم المبلغ الشهري المخصص لدفع مستحقات موظفي الدولة. ويعتبر هذا رقما كبيرا موروثا من المحسوبية في السلطة التي أنتجها سقوط النظام السابق في العام 2003. فحينها كان عدد موظفي الدولة أقل من مليون، واليوم هناك أربعة ملايين موظف، وأربعة ملايين عراقي آخرين يعتمدون أيضا على الدولة التي تدفع لهم رواتب تقاعدية أو تعويضات كسجناء سياسيين سابقين، ونازحين سابقين، وصناديق تعويضات أخرى أنشئت بعد إطاحة صدام حسين. وتوقف معظم القطاعات عن النشاط وتوقف معظم القطاعات عن النشاط ومع حصول واحد من كل خمسة عراقيين على معونات حكومية، تصبح الفاتورة أثقل على الدولة التي تعتمد في دفع كل نفقاتها على النفط الذي انهارت أسعاره قبل أشهر مع نقص شديد في الطلب عليه. ولكن عندما قامت السلطات بدفع الرواتب، بعد أول زيارة علنية قام بها الكاظمي بالتحديد إلى هيئة التقاعد، كان السخط جماعيا في بلد خرج لتوه من انتفاضة شعبية غير مسبوقة ضد الفساد والبطالة. وعلى سبيل المثال، يتقاضى السجناء السياسيون السابقون، الذين يتجاوز عددهم مئتي ألف، راتبا شهريا قدره 1.2 مليون دينار، وهم يخشون أن يكونوا ضحية سياسة التقشف الجديدة، ما دفعهم إلى التظاهر الأسبوع الماضي في بغداد وجنوب البلاد. وبالنسبة للعراقيين، هناك نفقات زائدة من جانب المسؤولين، حيث يتقاضى نائب في البرلمان راتبا يتراوح بين 3 و6 آلاف دولار، أي أكثر بعشر مرات من متوسط الراتب العراقي، يضاف إليها نحو 900 دولار بدل تكاليف أمنية. وإذا أرادت الدولة توفير الأموال للصمود اقتصاديا، عليها تحرير ميزانيات للاستثمار، ففي عهد صدام حسين، كان القطاع العام يوفر فرص عمل لجميع خريجي الجامعات، ولكن في مجال الصناعة والزراعة، وبدعم من الدولة، ما يوفر دخل جزء كبير من السكان.

مشاركة :