تحقيق إخباري: الحياة التجارية تعود لبعض أسواق حلب القديمة بعد سنوات من الدمار المروع

  • 12/2/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

حلب، سوريا 30 نوفمبر 2019 (شينخوا) على الرغم من أن مشاهد الدمار الهائل الموجودة في مدينة حلب وأسواقها القديمة، تعطي شعورًا باليأس لمعظم الزائرين الغرباء إليها، لكن بالنسبة لأهالي حلب، فإن تلك المشاعر لم تعد موجودة لديهم لأنهم يحبون الحياة، ويعملون على إعادة الحياة التجارية والألق القديم لبعض تلك الأسواق في المدينة القديمة. إن الأضرار التي لحقت بالجزء الشرقي الذي كان يسيطر عليه المسلحون سابقًا في مدينة حلب في شمال سوريا، كانت هائلة ومروعة، لكن الدمار الذي حدث هناك والصعوبات الناشئة عن العقوبات الغربية على سوريا لم تثن أهل حلب عن إعادة بناء مناطقهم بأيديهم لتصبح مقصدا لمعظم السوريين الراغبين برؤية المدينة وأسواقها. ولا تزال عملية الإصلاح وإعادة البناء على نطاق صغير نسبياً في بعض الأسواق والساحات في شرق حلب، مستمرة منذ عودة المدينة بالكامل تحت سيطرة الحكومة السورية في أواخر عام 2016. وتقريبا، فإن جميع الطرق في المدينة القديمة أعيد فتحها وتم تنظيفها بجهود أهلية وحكومية، ولا يزال الضرر في المباني واضحًا ويسبب قشعريرة عندما يحاول المرء تخيل ما حدث هناك. ومع ذلك، وفي خضم هذا الدمار، تبرز الحياة على شكل ورقة خضراء تنبت من نبات ميت، أو واحة خضراء في قلب الصحراء، تسعد العين وتطفئ العطش بعد رحلة متعبة. إن صوت الحياة ورائحة اللوحات الجديدة على الجدران والشعور الدافئ للبوابات الخشبية للسوق القديم، تجعل المرء ينسى ما رآه قبل الوصول إلى وجهته. في ديسمبر من العام الماضي، زار مراسلو وكالة أنباء ((شينخوا)) في دمشق، سوق السقطية، وهو سوق في مدينة حلب القديمة يعود إلى قرون، وهو جزء من منطقة أدرجتها منظمة اليونسكو على لائحة التراث العالمي. في ذلك الوقت، كان العمال يزيلون الأنقاض التي خلفتها الحرب، بينما كان آخرون يتسلقون سقف هذا السوق المسور لإصلاحه. كان العمل مستمرًا في هذا السوق الذي بدا رماديًا وقاتمًا. وقال المهندسون إن الأمر سيستغرق منهم ستة أشهر على الأقل لإعادة بناء وتأهيل السوق. بالتأكيد، تم إصلاح السوق بالكامل وإعادة فتحه في أكتوبر من هذا العام. وزار مراسلو ((شينخوا)) السوق مؤخرا، وقد تحولت الجدران الباردة الرمادية والأرضيات الحجرية الوعرة إلى مكان ساحر وممتع يخلط بين روح العمارة القديمة ونضارة المكان الجديد. داخل السوق، بدا أصحاب المتاجر سعداء باستعادة أعمالهم مرة أخرى بعد ثماني سنوات من إغلاقها بسبب الحرب ووجود المسلحين في تلك المنطقة. وأثناء وجود مراسلي ((شينخوا)) في السوق، سارع العشرات من أطفال المدارس بكل صخبهم كجزء من رحلة مدرسية نظمت لإظهار التراث للجيل الجديد، والذي فقدوه منذ فترة طويلة في طفولتهم المبكرة. كان مروان غوثي، البالغ من العمر 70 عامًا، يعمل في متجره في سوق السقطية منذ عام 1967 قبل أن يغادره عندما اندلعت الحرب في سوريا. والآن، عاد إلى متجره لبيع الفواكه المجففة والمكسرات وعلى الرغم من أنه رجل عجوز، إلا أنه ما زال يأمل في أن يصبح الغد أكثر إشراقًا في حلب. وقال "عندما تم تحرير المنطقة وانتهت المشاكل هنا، تمكنا من العودة بمساعدة الجمعيات المحلية. لقد ساعدنا بعضنا البعض على العودة إلى متاجرنا وشركاتنا وتحولت حياتنا من اليأس والكآبة إلى الأمل". من جانبه، قال أحمد كرازة، وهو جار غوثي، والذي يبيع الأشياء ذاتها، لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن المتاجر والشركات في السقطية ستكون أفضل عندما تتم إعادة تأهيل المناطق المدمرة المحيطة بها. وقال "عندما تتم إعادة تأهيل المناطق المحيطة بنا، سيصبح العمل أفضل وستكون الأسواق قريبة من بعضها البعض مرة أخرى، وهذا سيشجع المزيد من الناس على القدوم لزيارة السوق". وسوق السقطية هو واحد من الأسواق القليلة التي تم إصلاحها في حلب القديمة، لكنه بالتأكيد ليس الأخير. وحاليًا، يتم تنفيذ أعمال إعادة التأهيل في سوق الخابية، الذي يقع أيضًا في سوق حلب القديم ذي الأسوار. كما قام مراسلو وكالة ((شينخوا)) بزيارة الموقع عدة مرات من قبل، وكان شبه مهجور، باستثناء متجرين، هما مخبز ومحل خياطة. الآن، يتواجد عمال البناء في كل مكان، بعضهم يقف على السقالات، بينما آخرون يضعون الطوب فوق بعضه البعض، في خطى حثيثة لإعادة تأهيل السوق. وتتم إعادة تأهيل هذا السوق، على وجه الخصوص، بمساعدة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهو واحد من العديد من المنظمات الأخرى المهتمة بإعادة تأهيل المناطق في حلب القديمة. وقال عامر قواف، مدير المشروع في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مهتم بعملية إعادة التأهيل، وليس إعادة الإعمار، حيث أن إعادة التأهيل تشمل الترميم وليس البناء من نقطة الصفر. وأضاف "لذلك نحن نقوم بعملية إعادة التأهيل في هذا السوق مثل إعادة الأحجار إلى شكلها الأصلي وإظهار الطابع الأثري للسوق لأن هذا سوق قديم". من جانبه، صرح المهندس باسل الزاهر، وهو مهندس سوري مشرف على المشروع في سوق الخابية، لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن إصلاح الأسواق القديمة أمر صعب لأنه يتطلب الكثير من الدراسات لإعادة المناطق القديمة إلى شكلها الأصلي. وقال إن سوق الخابية يبلغ طوله 210 أمتار وسيستفيد من الترميم 109 متاجر. وتابع يقول "الآن حوالي 30 في المائة من المحلات التجارية هنا مفتوحة وأتمنى بعد الانتهاء من هذه المهمة سيتم فتح المزيد من المتاجر" . وأشار إلى أن العديد من الشركات والمؤسسات مهتمة بالاستثمار في إعادة إعمار حلب القديمة، مشيرا إلى أن هناك مشكلة في تمويل مشاريع الترميم نتيجة للعقوبات الغربية في سوريا. وقال إنه في الشهر المقبل، ستبدأ أعمال البناء في سوق خان الحرير، أو سوق الحرير، الذي يعود إلى القرن السادس عشر.

مشاركة :