تحقيق إخباري: سوق الأحمدية بحلب القديمة ينهض من جديد لتعود إليه الحياة بعد سنوات من الحرب

  • 3/29/2022
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

حلب، سوريا 29 مارس 2022 (شينخوا) كخلية نحل وبإيقاع متسارع، تعمل الورشات الفنية المختلفة في سوق الأحمدية بمدينة حلب القديمة لإعادة تأهيله وترميمه، ليفتح أبوابه أمام الزائرين قريبا، وليستعيد السوق جزءا من ألقه، مع باقي الأسواق المجاورة له التي سبقته بالعودة إلى الحياة بعد سنوات من الحرب الطاحنة التي دمرت أسواق حلب القديمة بمجملها. وسوق الأحمدية الذي يعد من الأسواق التسعة للشارع المستقيم الممتد من باب أنطاكية غربا حتى نهاية سوق الزرب شرقا والمطل على قلعة حلب الاثرية، وهذا السوق قبل الحرب كان يعرف بأنه سوق متخصص بتجارة الألبسة والقطنيات والمكسرات. ويتضمن سوق الأحمدية الذي يمتد على طول 39 مترا، 19 محلا تجاريا وسبيلا للمياه ومقهى الشلبي الذي يكسب السوق أهمية لندرة المقاهي في الأسواق المشابهة والذي يعد تحفة فنية بطرازه المعماري الفريد. واستقطبت أسواق مدينة حلب القديمة قبل اندلاع الحرب في العام 2011 آلاف من التجار والسياح وكانت تلك الأسواق تعج بالحيوية والنشاط، وفي العام 2013 أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) مدينة حلب القديمة على قائمتها للتراث المهدد بالخطر جراء الأضرار والدمار والنيران التي لحقت بها خلال الحرب. وفي شهر مايو من العام 2021 وقعت وزيرة الثقافة السورية الدكتورة لبانة مشوح اتفاقية خاصة بترميم وتأهيل سوق الأحمدية في حلب القديمة، بالتشاركية مع الأمانة السورية للتنمية ومؤسسة (الآغا خان) ومحافظة حلب ومجلس مدينة حلب والمديرية العامة للآثار والمتاحف. وتحدثت المهندسة لولوة خربطلي المشرفة على ترميم السوق، والتي تعمل في مؤسسة (الآغا خان) للخدمات الثقافية خلال وجودها بسوق الأحمدية أن مؤسسة (الآغا خان) للخدمات الثقافية كجهة دراسة وممولة ومشرفة على المشروع شاركت مع مجلس مدينة حلب والمديرية العام للآثار والمتاحف والأمانة السورية للتنمية في اختيار سوق الأحمدية بأعمال التأهيل والترميم لهذا السوق، مبينة أن أعمال الترميم شارفت على الانتهاء. وقالت خربطلي لوكالة أنباء (شينخوا) بدمشق إن "سوق الأحمدية يمتد على طول 39 مترا ويتألف من 19 محلا تجاريا"، لافتة إلى أن المهن الموجودة شعبية موزعة بين محلات لبيع البياضات والقطنيات والمكسرات. وأضافت المهندسة خربطلي أن "السوق يحتوي على معالم معمارية جميلة جدا ومنها مقهى الشلبي الذي يعد من أجمل المقاهي وإضافة لسبيل الماء، واللذان يتم ترميمهما بنفس العناصر المعمارية الفنية الجميلة". وروت المهندسة خربطلي بكثير من الحزن عن الخراب والدمار الذي لحق بأسواق مدينة حلب القديمة عموما، التي كانت تشكل هوية معمارية لافتة، ولكن بنفس الوقت أشارت إلى أن عملية الترميم للأسواق تبدأ من الأسواق الأقل تضررا، لان ذلك يشكل عودة سريعة لأصحاب المحال التجارية. وقالت خربطلي إن "أعمال الترميم شملت بالبداية إزالة التعديات والمخالفات التي كانت موجودة، وبعدها توجهنا للواجهات الحجرية وأعدنا الرسوم المعمارية من كحلة وإعادة الفاقد من الأحجار المتضررة"، مشيرة إلى أن سوق الأحمدية جزء منه مغطى والجزء الباقي منه مكشف. وأوضحت أن أعمال الترميم شملت أيضا القبة الموجودة في السوق، وهي من أجمل القباب المقرنصات، والتي تعرضت لضرر جزئي، مؤكدة أنه تم إعادة تأهيل تلك القبة وإعادتها إلى ما كانت عليه سابقا. وعبرت المهندسة خربطلي عن سعادتها بتمكن الورش الفنية من إعادة ترميم واجهات المحلات التجارية بنفس الطراز المعماري، وكذلك الابواب المؤلفة من قطع معدنية وأجزاء خشبية وليتم توحيد شكلها مع الأبواب السابقة في الأسواق المرممة سابقا، مثل سوق خان الحرير وسوق الفستق المجاورين له. وأشارت خربطلي إلى أنه تم تهيئة البنى التحتية لهذا السوق من كهرباء وماء وصرف صحي وهاتف تحت الأرض، وتزويد السوق بلوحات كهربائية تنسجم مع النسيج العمراني للسوق. وقالت "نحن سعداء جدا أننا استطعنا أن ننجز الأعمال ضمن الفترة الزمنية المحددة، وضمن المواصفات الفنية التي وضعناها، وضمن المواد التقليدية والأدوات التقليدية التي كانت معتمدة بالدراسة". ونوهت خربطلي بأن عملية الترميم لأسواق مدينة حلب القديمة بدأت من سوق السقطية الذي انتهى ترميمه في العام 2019، مشيرة إلى أن اختياره بسبب موقعه الاستراتيجي الذي يتوسط أسواق حلب القديمة على المحور الرئيسي الذي يمتد من باب انطاكية غربا، وصولا إلى سوق الزرب شرقا، تلاه سوق خان الحرير باعتبار انه يشكل أحد مداخل حلب القديمة الرئيسة، ومن ثم ساحة الفستق باعتبارها صلة وصل، لافتة إلى أن سوق الأحمدية تيم اختياره لانه آخر سوق كانت فيه نسبة الاشغال قليلة وحجم الضرر قليل. وأعربت خربطلي عن أملها أن تستمر عملية الترميم لتصل إلى سوق الزرب لكي يتمكن أصحاب المحلات التجارية من العودة اليه، ويعود الألق لكامل مدينة حلب القديمة. وأشارت إلى ان أسواق مدينة حلب القديمة المسقوفة تمتد على مسافة تقدر بـ 13 كليو مترا، المحور الرئيسي منها يمتد من باب انطاكية إلى سوق الزرب بطول واحد ونصف كيلو متر، مبينة أن ما تم إنجازه يشكل نسبة قليلة. وقالت "أنجزنا 200 إلى 250 مترا، من أصل واحد ونصف كيلو متر على المحور الرئيسي من أصل 13 كيلو مترا"، مبينة أن هناك كما هائلا من العمل، معربة عن أملها بأن يساهم الجميع في بناء وإحياء مدينة حلب القديمة لتبقى على لائحة التراث العالمي. وتحدثت خربطلي عن الصعوبات التي واجهت عملهم أثناء عملية الترميم قائلة "هناك صعوبات كثيرة واجهتنا منها الحصار والعقوبات الأمريكية والغربية المفروضة على سوريا، والذي انعكس في صعوبة تأمين المواد الأولية لعملية الترميم، بالإضافة إلى الوضع الخدمي الموجود في البلد الذي فرض علينا صعوبات أيضا". وأضافت "نحن نعتمد في مخططاتنا وبدراساتنا على أرشيف قديم جدا، وعلى أسئلة أصحاب المحلات القديمة وبالتالي نقوم بعملية استقصاء، ونعيد بناء الأسواق كما كانت سابقا منذ تأسيسها، وليس كما كانت قبل نشوب الحرب". بالرغم من كل الخراب والدمار الذي لحق بمدينة حلب التي تعد العاصمة الاقتصادية والتجارية لسوريا، وثاني أكبر مدينة من حيث الأهمية بعد دمشق، إلا أن أسواق حلب مازالت تفوح منها رائحة عبق الماضي والتاريخ الذي يؤكد على عراقة هذه المدنية.

مشاركة :