بدأت السعودية أمس بتطبيق اللائحة التنفيذية الجديدة لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية، لتصبح نافذة على جميع الجهات الحكومية، وكذلك الشركات القائمة بالأعمال نيابة عن الجهات الحكومية بهدف رفع كفاءة الإنفاق الحكومي وتعزيز الشفافية والنزاهة. ونسبت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إلى وزير المالية محمد عبدالله الجدعان قوله إن ”اللائحة تُعد نتاج تعاون بين وزارة المالية ومركز تحقيق كفاءة الإنفاق وهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، إضافة إلى عدد من الجهات ذات العلاقة”. وأضاف أن اللائحة ”تعمل على تقديم مكاسب وفرص للقطاع الخاص من خلال آليات وأساليب الشراء الجديدة التي ستعطي أفضلية للمحتوى المحلي، مع منح المنشآت الصغيرة والمتوسطة أفضيلة في السعر بنسبة 10 بالمئة في عقود الأعمال والخدمات التي لا تندرج ضمن نطاق العقود عالية القيمة”. ويندرج النظام الجديد في إطار حرص الرياض على تعزيز فاعلية التخطيط المالي وإدارة الموارد المالية بفاعلية وحوكمة الإجراءات ذات الصلة بالمشتريات الحكومية وفق أفضل الممارسات المعمول بها عالميا. ويرى خبراء أن الرياض تحاول تحدي التقلبات وتذبذب أسعار النفط في الأسواق العالمية، بالضغط على كلفة الإنفاق الحكومي من خلال حزمة من الإجراءات وتقديم حوافز للقطاع الخاص لقيادة دواليب الاقتصاد والمساهمة في عجلة التنمية. كما تسعى الحكومة أيضا إلى معالجة جوانب القصور في النظام السابق من أجل الارتقاء بكفاءة الإنفاق في المشاريع التنموية وتعزيز قيم النزاهة والمنافسة، من خلال منع تأثير المصالح الشخصية، وحماية المال العام وضمان مبدأ تكافؤ الفرص. وأوضح الجدعان أن المحتوى المحلي يهدف إلى تنمية الإمكانات المحلية وإيجاد الفرص الوظيفية وزيادة الناتج المحلي الإجمالي. وأكد أن إدراج متطلبات المحتوى المحلي في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الجديد سيسهم في تعزيز القدرات والمنتجات المحلية. وتمنح اللائحة الأولوية والتفضيل السعري للمنتجات المحلية والشركات المدرجة في السوق المالية، وهو ما من شأنه تحفيز الشركات على الإدراج في السوق المالية لتعزيز دورها وتطوير مساهمتها في الناتج المحلي. وأشار وزير المالية إلى أن ”هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية تعمل على إصدار قائمة بالمنتجات المحلية الواجب شراؤها من مصنعين محليين، كما سيكون للهيئة بالتعاون مع مركز تحقيق كفاءة الإنفاق دور كبير في تحديد المشاريع التي يجب تطبيق آلية الحد الأدنى للمحتوى المحلي فيها”. وسيكون للائحة دور مهم في التقييم المالي من خلال آلية تهدف إلى تخصيص وزن للمحتوى المحلي أثناء مرحلة التحليل المالي للعروض بحيث تعطي النسبة العالية من المحتوى المحلي فرصا أعلى للفوز بالمنافسة، كما ستكون مسؤولة عن عقود توطين الصناعة ونقل المعرفة. وستوفر اللائحة مزيداً من الشفافية في كل إجراءات المنافسات والمشتريات، من خلال إتمام الإجراءات، بما في ذلك تقديم وفتح العروض، عبر البوابة الإلكترونية الموحدة التي أطلق عليها اسم “اعتماد”. وتعول الرياض على مساهمة النظام الجديد في تعزيز التنمية الاقتصادية وتطوير أعمال المشتريات الحكومية وإجراءاتها بما يحقق مستهدفات المحتوى والصناعة المحلية، ويدعمها بالعنصر البشري، بزيادة فرص العمل للمواطنين. وتقترب السعودية من إنشاء بوابة موحدة لقياس المحتوى المحلي، حيث سيكون لها دور مهم في رقمنة التعاملات الحكومية من خلال متابعة الإجراءات الخاصة بالمحتوى المحلي، حيث تسمح لمقدمي العروض قياس مساهماتهم في المحتوى المحلي ومتابعة تطوراتها أثناء إجراءات التعاقد. ولضمان فاعلية الإجراءات وضمان تطبيقها ستفرض الحكومة غرامات مالية على غير الملتزمين بمتطلبات المحتوى المحلي وذلك لتحقيق نتائج إيجابية بمشاركة جميع الأطراف المعنية. وكانت خطوات التحول الاقتصادي في السعودية قد تسارعت منذ إعلان تحولات حازمة في أولويات الإنفاق الحكومي استنادا إلى معايير صارمة لتحديد الجدوى الاقتصادية. وبرهنت الحكومة عن ذلك في العديد من الإجراءات. وقامت قبل ثلاث سنوات بوقف التعاقد على تنفيذ مشروعات تصل قيمتها إلى 267 مليار دولار وتأجيل تسديد المتأخرات المستحقة للشركات الخاصة إلى حين تدقيق الالتزامات. وجاء تطبيق اللائحة بعد يوم واحد من إعلان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز عن موازنة العام المقبل، وهي الأكبر في تاريخ البلاد حيث بلغ حجم الإنفاق فيها نحو 295 مليار دولار. وكثفت المملكة السعودية من إجراءاتها في خفض الدعم الحكومي لتقليص حدّة آثار خفض إنتاج النفط، وتضمن ذلك فرض بعض الضرائب والرسوم لزيادة إيرادات الموازنة. وتشير البيانات إلى أن موازنات دول الخليج بصفة عامة اقتربت من تحقيق التوازن وتتجه للانتقال إلى تحقيق فائض للمرة الأولى بعد خمس سنوات عجاف، في وقت تنتظر فيه اتضاح اتجاه أسعار النفط ونتائج اجتماع منظمة أوبك خلال الشهر الحالي. وكانت الرياض قد أعلنت أنها تخطط لخصخصة الأصول الحكومية في 14 قطاعا، وتوقعت أن تجمع من خلالها نحو 200 مليار دولار، وذلك في إطار “رؤية المملكة 2030” التي تهدف لإعادة هيكلة الاقتصاد وبنائه على أسس مستدامة. وتبلغ الإيرادات المتوقعة لأكبر منتج للنفط في العالم في موازنة العام المقبل نحو 222.4 مليار دولار، بتراجع نسبته 9.2 بالمئة عن إيرادات العام الحالي المتوقعة عند 244.8 مليار دولار. ويرجح أن يرتفع عجز الموازنة إلى 50 مليار دولار، بارتفاع سنوي بنحو 42.7 بالمئة عن المقدر في العام الحالي والبالغ 35 مليار دولار.
مشاركة :