على مدار ما يقرب من 5 عقود، شهدت العلاقات الإماراتية - الأوروبية نمواً متصاعداً، وجمعت بين الطرفين مواقف متقاربة ومصالح متبادلة. ويؤكد السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأوروبية الأسبق، أن دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة أو منفردة، مهتمة جداً بتطوير علاقاتها مع الإمارات في ظل وجود مصالح مشتركة ومواقف متقاربة حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية. وأوضح في تصريحات لـ«الاتحاد» أن هناك العديد من العوامل ساهمت في نمو العلاقات في مقدمتها ثقة الأوروبيين في حكمة القيادة الإماراتية، واحترام سياساتها الخارجية التي جعلت من أبوظبي عاصمة مهمة في الشرق الأوسط. وتلعب أدواراً إيجابية وفاعلة على مسرح الأحداث إقليمياً ودولياً. وقال إن الأوروبيين حريصون على تعزيز علاقاتهم مع الإمارات ويظهر ذلك بوضوح في كثافة التمثيل الدبلوماسي حيث يوجد 27 سفارة في الإمارات، فضلاً عن 20 مجلس أعمال إماراتي مع دول الاتحاد الأوروبي. وبدوره أوضح المحلل السياسي عمار وقاف، مدير مؤسسة «غنوسوس» للأبحاث في بريطانيا، أن الاتحاد الأوروبي ينظر إلى الإمارات كحجر زاوية في العلاقة بين أوروبا ودول الخليج العربية لاستدامة الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي فيها، على مر عقود من الزمن. وأشار في اتصال هاتفي مع «الاتحاد» إلى أن الأوروبيين عموماً ينظرون للإمارات كواحة للاعتدال في منطقة تشهد الكثير من أحداث التطرف. ووقعت الإمارات والاتحاد الأوروبي في 2016 اتفاقية المعاملة بالمثل بشأن الإعفاء من تأشيرات الدخول لمواطني الطرفين، مما ترتب عليه تمكين مواطني الإمارات من الدخول إلى دول الاتحاد من دون تأشيرة دخول. وتعد دول الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات على مستوى العالم، حيث وصل حجم التبادل التجاري غير النفطي في 2017 أكثر من 75 مليار دولار، وبلغ في أول 9 أشهر من 2018 أكثر من 47 مليار دولار. واستحوذت الإمارات خلال العام 2018 على 42% من إجمالي صادرات الاتحاد الأوروبي إلى دول مجلس التعاون الخليجي. وأوضحت يسرا الشرقاوي الباحثة المتخصصة في الشؤون الأوروبية والعلاقات الدولية، لـ«الاتحاد»، أن العلاقات الأوروبية - الإماراتية تشهد تطوراً إيجابياً متواصلاً في مختلف المجالات والقطاعات، ارتكازاً على إدراك الجانب الأوروبي لأهمية الدور الذي تلعبه الإمارات سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً. وأشارت إلى أن بروكسل -مقر الاتحاد الأوروبي- تتفهم أن الإمارات باتت قوة إقليمية ودولية مؤثرة، وتحرص على التشاور معها بخصوص عدد كبير من القضايا الإقليمية والدولية. وأشارت الشرقاوي إلى أن هناك إدراكاً أوروبياً بتنامي دور الإمارات كمحطة انتقالية سواء فيما يتعلق بتجارة البضائع أو الخدمات، موضحة أن مستويات التبادل التجاري بين الإمارات وأوروبا تجاوزت الـ52 مليار يورو في مجال البضائع، و15 مليار يورو فيما يخص الخدمات بين الجانبين. كما أشارت إلى تنامي أوجه التعاون الثقافي والتعليمي بين الإمارات والدول الأوروبية في السنوات الأخيرة، مشددة على اهتمام الإمارات بالاستفادة من التجارب التعليمية الناجحة، ونقل الخبرة الأوروبية في هذا المجال إلى المدارس والجامعات. وأوضحت أن الإمارات في طريقها إلى أن تكون «مركز التعليم» في الشرق الأوسط، ومرشحة بقوة لأن تكون وجهة أساسية ورئيسة في مجالات التثقيف والتعليم والتنوير في العالم كله. وقالت إن الإمارات تحرص على أن تكون علاقاتها مع أوروبا متنوعة وشاملة، ولا تقتصر فقط على الجوانب السياسية أو الاقتصادية، فهناك اهتمام متماثل بتطوير العلاقات الثقافية، والجانب الأوروبي يرحب بالتعاون الثقافي مع الإمارات على النحو الذي ظهر من الجانب الفرنسي عند افتتاح متحف اللوفر في أبوظبي. وفي نوفمبر 2017، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء حضوره افتتاح متحف اللوفر في أبوظبي، شراكة فرنسا والإمارات في تعزيز روح التسامح والمساواة بين الشعوب، وتعملان معاً من أجل تعزيز مفهوم التقارب الثقافي والإنساني بين مختلف الحضارات.
مشاركة :