قال عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية، "إن اليمن يواجه أحداثا مأساوية تعرض لها جراء الانقلاب الوحشي الهمجي لميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع علي صالح"، مؤكداً أن هذه العصابات صادرت حق الشعب في الحياة الكريمة مثل بقية شعوب العالم، فاحتلت المدن والمؤسسات وقتلت المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ. وطمأن الرئيس هادي الشعب اليمني بأن الفرج والنصر قريبان، لبناء اليمن الاتحادي الجديد، موكداً أن مصير الهمجية الحوثية سيكون إلى "مزبلة التاريخ"، معدداً جرائم هذه الميليشيات من احتلال العاصمة صنعاء وقصف القصر الرئاسي في عدن، ومحاولة اغتيال رئيس الجمهورية مرات عديدة، والسيطرة بقوة السلاح على مؤسسات الدولة المختلفة، ونهب معسكرات الدولة. وأوضح الرئيس اليمني خلال كلمته في افتتاح فعاليات مؤتمر "من أجل إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية" في الرياض أمس، أن هذا المؤتمر المهم والاستثنائي يأتي في ظل ظروف بالغة التعقيد والخطورة، مبيناً أن الميليشيات عاثت مسيرتهم الشيطانية خراباً وتدميراً في كل مدن وقرى اليمن، وبوحشية لا مثيل لها. وقال "إن انطلاق مؤتمر الرياض في هذه اللحظة التاريخية يكتسب أهمية استثنائية كبيرة بوصفه المحطة السياسية الأبرز بعد الانقلاب وتقع علينا جميعاً مسؤولية تاريخية فارقة نظراً للوضع الاستثنائي الذى يمر به الشعب اليمني العزيز، فالمؤتمر هو مؤتمر لأبناء الشعب اليمني بمختلف مكوناته وأطيافه السياسية والاجتماعية، ولا يمكن مطلقاً أن يتم استثناء أي طرف طالما كان أمن واستقرار اليمن هدفه وبناء الدولة المدنية الاتحادية غايته دون استعلاء أو ادعاء أو استقواء". جانب من فعاليات مؤتمر "من أجل إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية" في الرياض أمس. تصوير: خالد الخميس- "الاقتصادية" وزاد "يؤلمنا كقيادة لهذا البلد أن نرى وطننا تحت حصار الميليشيات الانقلابية، يؤلمنا قلق الأطفال وأنين الكبار وأسئلة الشباب عن المستقبل، تؤلمنا مشاهد النزوح الجماعي من مدن حولتها الميليشيات إلى أشباح، يؤلمنا أن نرى مدنا كانت حواضر للعلم والثقافة والمدنية والحياة والتسامح، فحولتها تلك القوى المتوحشة والظلامية إلى مدن أشباح بعد أن قصفتها وهجرت أهلها، تؤلمنا طوابير المواطنين بحثاً عن فرص الحياة في ظل عصابات الموت، تؤلمنا مشاهدة أبناء شعبنا وهم إما عالقون في المطارات والعواصم أو نازحون في المخيمات" . وأشار هادي إلى أن الرئيس المخلوع علي صالح عبث بفكرة الدولة وجمع حوله من المنتفعين والموالين للعائلة لا للوطن، مبيناً أنهم كانوا يدربون الميليشيات ويحفرون الأنفاق وينهبون الدولة، حيث كانوا يوظفون كل إمكانيات الدولة العميقة للانقضاض على مشروع جميع اليمنيين في الحياة الكريمة والعدالة والمواطنة المتساوية، والشراكة الحقيقية في السلطة والثروة. ووصف الرئيس اليمني قيادة التحالف العربي بالمنقذ للشعب اليمني، وقال "لقد مثل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن علامة فارقة على تعافي الجسد العربي، في تلبية نداء اليمنيين، لإنقاذهم من حالة الفوضى والخراب التي أنتجتها الأيادي المتسللة لمنطقتنا، أتقدم بالشكر والتقدير، للاستجابة العاجلة والسريعة، بالحزم والأمل، لإنقاذ الوطن، من تغول عصابات باعت ضميرها، الوطني بلا مقابل، سوى المنافع الخاصة، ومن الضرورة بمكان العمل على تحقيق الأهداف الاستراتيجية لـ "عاصفة الحزم"، وإعادة الأمل، وضمان انسحاب الميليشيات من المدن التي احتلتها، وعدم السماح لتلك الميليشيات باستغلال الهدنة لمزيد من التمدد وقتل المدنيين". جانب من حضور المؤتمر. وقال "إلى كل أحرار العالم نقول إن الشعب اليمني كان يسير في مسار سياسي أنتجته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وتوافقت كل الأطراف على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وبينما كنا نعرض مسودة الدستور لتتم مراجعتها لاستفتاء الشعب عليها ولاستكمال باقي الاستحقاقات السياسية للخروج بالوطن إلى رحاب الاستقرار السياسي والاجتماعي، وبينما كان حبر مسودة الدستور لم يجف بعد جاءت ميليشيات مسلحة متحالفة مع رموز النظام السابق مسنودة بدعم خارجي لتنفذ انقلابها وليدمروا كل شيء وليتركوا الوطن في طريق الخراب والعنف والفوضى، وعرضوا الأمن المحلي والإقليمي والدولي للخطر وأجهضوا الانتقال السلمي للسلطة الذي اتفقنا عليه جميعاً في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية". ودعا هادي أحرار العالم أجمع إلى مساندة اليمن في محنته وأزمته الصعبة، والوقوف معه سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وتقديم مساعدات إغاثية عاجلة له إضافة إلى مساعدته في إعادة إعماره بعد استعادة الدولة. وطالب الرئيس اليمني المؤتمرين، بأن يكونوا على قدر المسؤولية التاريخية والاستثنائية لإنقاذ الوطن والمواطن، واستعادة الدولة ومؤسساتها، وبناء اليمن الاتحادي الجديد، وألا يضيعوا أوقاتهم هدراً في نقاشات مفتوحة هامشية و"شعبكم يعاني الويلات والآلام". من جانبه، قال إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبعوث الأمم المتحدة، "نأمل المساهمة من خلال هذا المؤتمر في التوصل إلى حل سلمي دائم في اليمن"، مثمناً دور دول مجلس التعاون الخليجي على الدعم والتعاون مع الأمم المتحدة في مجال الوقاية من النزاعات وحلها، وبناء السلام خاصة فيما يتعلق بالأزمة اليمنية. وأضاف "إن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية كانت ميزانا على هذا التعاون المثمر بين منظمتينا، ولهذا علينا الاستمرار في العمل معاً، إلى جانب اليمنيين من أجل إرجاع اليمن إلى درب السلم الذي يقوده نحو الاستقرار والرخاء، فالأمم المتحدة تقر بأن دول مجلس التعاون الخليجي لها دور محوري في إنهاء معاناة الشعب اليمني ودعم الحل السياسي السلمي للأزمة اليمنية المستمرة، فلطالما واجه اليمنيون في كافة أنحاء البلاد مستويات مأساوية من المعاناة والعنف على مدة الأشهر الماضية". وأشار إلى أن الهدنة الإنسانية القائمة حاليا تكتسي أهمية قصوى، تمنح اليمنيين فسحة لطلب المعونة الطبية، واستجلاب السلع الأساسية العاجلة التي لم يتمكن معظم اليمنيين من الوصول إليها حتى الآن، وهم في أمس الحاجة إليها، مشدداً على أنه يجب أن تتحول هذه الهدنة الإنسانية إلى وقف دائم لإطلاق النار، وأن تنتهى كل أعمال العنف أياً كان نوعها. إلى ذلك أكد أدموند فيتن السفير البريطاني في اليمن، خلال إلقاء كلمة الدول الداعمة للمرحلة الانتقالية، أن الالتزام بمخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة باليمن من شأنه الحفاظ على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، داعياً جميع الأطراف إلى العمل مع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد بنوايا حسنة لإكمال عملية المرحلة الانتقالية السياسية التي تلبي تطلعات الشعب اليمني. وقال "إننا نرفض بشدة استخدام العنف وندين الأعمال الأحادية كافة التي تقوض المرحلة الانتقالية السياسية"، معرباً عن قلقه بشأن الاحتياجات الإنسانية للشعب اليمني، مؤكداً أن مجموعة السفراء الـ14 ترحب باستجابة السعودية لنداء الأمم المتحدة لإغاثة اليمن والبدء بالتوقف الإنساني لإطلاق النار. ودعا السفير البريطاني جميع الأطراف إلى احترام وقف إطلاق النار والعمل على تمديده، مشيراً إلى أن المجموعة تؤكد الحاجة إلى منظومات التفتيش الجوي والبحري للعمل بكفاءة كما هو مذكور في قرار مجلس الأمن الدولي 2216 وذلك للسماح بالحركة القانونية للسفن وللطائرات الضرورية حتى لا تتم إعاقة المساعدات العاجلة للشعب اليمني. وأشار إلى تقديم الدعم الكامل للجنة الدولية للهلال الأحمر ومكتب التنسيق للشؤون الإنسانية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وللجنة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ولجان الهلال الأحمر الخليجي لمساعدة اليمنيين المحتاجين، مؤكداً أهمية العمل الجماعي للمجتمع الدولي لمنع تقديم الأسلحة لأطراف يمنية محددة أو لمن ينتهك قرار مجلس الأمن. من المؤتمر حضر اللقاء عدد من ممثلي الأحزاب اليمنية المتنوعة فاق عددهم 400 شخص، وبدأت فعاليات المؤتمر بالسلام اليمني. قابل تأكيد الرئيس اليمني بالعودة إلى صنعاء وعدن قريباً بتصفيق من الحضور. دعا المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ إلى تمديد الهدنة الإنسانية خمسة أيام إضافية. الجامعة العربية تعتبر مشاركتها في مؤتمر الرياض تأكيدا على دعمها للشرعية في اليمن. وجه ست رسائل لشعبه والسعودية والتحالف العربي والعالم وأكد استمرار المقاومة. دخلت إحدى المواطنات اليمنيات في موجة من البكاء أثناء إلقاء الرئيس اليمني كلمته، وذلك خلال حديثه عن مأساة الشعب. أغلقت الجلسات بعد حفل الافتتاح عن وسائل الإعلام، واستمر النقاش بين المتحاورين ما يزيد على ثلاث ساعات.
مشاركة :