في ظل مشهد سياسي، وصفته الدوائر السياسية في بيروت بأنه « عبثي، ومترهل، ومتناقض» ومتعارض تماما مع مطالب الانتفاضة الشعبية، انفجرت تحذيرات محلية ودولية من «غرق السفينة»، ومن شبح المجاعة، بينما تتعثر و«تتخبط» المشاورات بشأن تشكيل حكومة إنقاذ، مع «حرق الأسماء» التي طرحت لتولي الحكومة الجديدة، وفي محاولة «عبثية» لتعويم الحكومة المستقيلة «حكومة سعد الحريري» ..وأصبح صوت التحذيرات من دوامة الإفلاس، هو الأعلى في لبنان، ويرى مراقبون في بيروت، أن إقرار «النصف راتب» من علامات «الانهيار الكبير». السفينة تغرق لبنان على طريق الانهيار الكبير خلال يومين، بحسب نص كلمات تحذيرية، من جبران باسيل، وزير الخارجية السابق وصهر الرئيس ميشال عون، وأرسل عبر تطبيق «واتس آب» إلى نواب تكتل «لبنان القوي»، رسالة تقول : «يجب تشكيل حكومة خلال يومين أو رايحين على انهيار مالي كبير ووضع أمني خطير»..وبنفس الرؤية تقريبا، وعلى مسار التحذير من «إفلاس الدولة»، وجّه رئيس حزب «الكتائب اللبنانية»، النائب سامي الجميّل، رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، قال فيها «إنّنا على متن سفينةٍ تغرق» شبح المجاعة يلوح بالأفق التحذيرات الدولية تلامس التحذيرات المحلية بصيغة «لبنان على حافة الانهيار اقتصاديا وماليا، وشبح المجاعة يلوح بالأفق»، ويطرح سياسيون لبنانيون، الموقف الروسي ـ على سبيل المثال ـ وأن ما يقود الموقف الروسي اليوم تجاه لبنان هو الخشية من حدوث فوضى عارمة في حال حدوث انهيار اقتصادي ومالي كامل، تعيد خلط الأوراق في الإقليم وتهدّد الاستقرار في الشرق والخليج وفي أوروبا، ومن هنا، ينصح الروس اللبنانيين بضرورة الإسراع في تشكيل حكومة قادرة على وقف الانهيار وإجراء إصلاحات عاجلة في النظام الاقتصادي ووقف الهدر وفرض سياسات عملية لمكافحة الفساد. القدرة الشرائية انحسرت، والطبقة الوسطى اندثرت وترى الباحثة والكاتبة اللبنانية،إيفون أنور صعيبي، أن الجوع «يُرفرف» فوق رؤوس الجميع، والقدرة الشرائية انحسرت، والطبقة الوسطى العاملة اندثرت، ونسب النمو «انعصرت»، والمعاشات أقتُطِعت، ولم يبقَ سوى اقتصاد منكوب يهدّد أكثر من أي وقت مضى، بالمجاعة..والمجاعة، مدخل إلى الفوضى والجريمة والانتحار والتفكك..وبعدما تفكّكت أَوصال الدولة، تتفكّك اليوم أوصال المجتمع بفعل بدء إغلاق بعض المؤسسات التربوية والصحية أبوابها، وهي التي تُعتبر الأساس في المجتمعات السليمة. فوضى الانهيار المصرفي والنقدي بات واضحا أن لبنان يتجه نحو فوضى الانهيار المصرفي والنقدي.. وأن إعادة هيكلة الدين محتومة ..!وأصدر «بنك أوف أمريكا ــ ميريل لينش» دراسة عن قيمة سداد ديون لبنان، انطلاقاً من ارتفاع احتمالات الإفلاس أو لجوء الدولة إلى عملية إعادة هيكلة للدين العام، بعدما ارتفعت المخاطر الناتجة عن تطورات الأوضاع السياسية واستمرار نزف احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية بوتيرة كبيرة بلغت 900 مليون دولار خلال أسبوعين في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، أي بمعدل 3.6 مليارات دولار سنوياً، وتضخّم في قيمة الليرة ما بين 50% و66%، وخروج الدين العام عن السيطرة.وتتزايد الأسئلة عن حجم الانهيار.. «انهيار إقتصادي أم أسوأ أزمة اقتصادية» تعصف بلبنان منذ الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1975 إلى عام 1990 ؟! والتدهور الخطير، الذي يشهده لبنان، يترك انعكاساته على مرافق الحياة كلها، لا سيما المرافق الاقتصادية والحيوية. المؤشرات المخيفة للإنهيار وتناولت التقارير الاقتصادية والإعلامية اللبنانية، المؤشرات المخيفة للإفلاس والانهيار الكبير.. وأبرز تلك المؤشرات: 1 ـ انفلات سعر صرف الليرة، وتحطيم السعر الرسمي، وارتفاعه تباعاً إلى سقف 2350، في بورصة أسعار، غير محددة السقف.. 2 ـ نقص غير مسبوق في كميات الدولار في المصارف ولدى الصيارفة، ولدى أصحاب الشركات والمستوردين والتجار..3 ـ تتوقع معطيات البنك الدولي، أن تشهد معدلات الركود ارتفاعاً، مع نمو سلبي بنحو 0،2 بالمائة، مع ارتفاع الدين العام إلى 86 مليار دولار، أي ما يعادل 150 في المائة من إجمالي الناتج المحلي..4 ـ مشهد الطوابير بحثاً عن الدواء، و الخبز، والأرز، والسكر، والحليب، وعن بضعة ليترات من البنزين.. 5 ـ لجأت المؤسسات الصغيرة والكبيرة إلى خطوات تبدأ من خفض الرواتب المتهالكة تحت وطأة انهيار سعر العملة، إلى التسريح من العمل، لترتفع معدلات البطالة إلى ما يزيد عن 40٪، وفقاً لتقديرات البنك الدولي، ومعدلات الفقر إلى 50٪ ونشير تقرير صحيفة اللواء اللبنانية ، إلى أن لبنان كان ينتظر الحصول على 11.6 مليار دولار كهبات وقروض، اقرها مؤتمر «سيدر» في باريس عام 2018، مقابل إصلاحات هيكلية وخفض عجز الموازنة، فإذا بالمشهد يتغيّر، لا قروض ولا مليارات بل انهيارات في النظام المالي، وعجز في النظام السياسي، وتحوَّل النّاس إلى حفلات تشبه «مسرح العرائس» في الروايات الأمريكية.
مشاركة :