المصريون يسدلون الستار على أثقل فصول عهد مبارك بهدم مبنى حزبه المحترق

  • 5/18/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في مشهد أعاد إلى الأذهان مساء ليلة 28 يناير (كانون الثاني) عام 2011، استيقظ المصريون صباح اليوم على أصوات الأوناش ومعدات الهدم وسيارات رفع الأحمال الثقيلة في محيط وسط القاهرة، استعدادا لبدء أعمال هدم مبنى الحزب الوطني الديمقراطي المنحل المطل على ميدان التحرير، أيقونة ثورتي 25 يناير و30 يونيو (حزيران). وتوقف مئات المارة في الميدان لإلقاء النظرة الأخيرة، مسترجعين على طريقة «الفلاش باك» السينمائية ذكريات المبنى. فمع غروب شمس يوم «جمعة الغضب»، وبداية أعمال النهب والسرقة في شوارع القاهرة بعد انسحاب قوات الشرطة من المدينة بشكل تام، شاهد آلاف من المصريين بثا مباشرا لإحراق مبنى الحزب الوطني، الذي كان يعد أيقونة سنوات حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك ورجال دولته. وبقي المبنى هكذا، محروقا ومظللا باللون الأسود، يقف في جانب من أذهان المصريين كما يقول المثل الشعبي «لقمة في الزور» تذكرهم بالنظام السابق، يرونه من شرفات الفنادق المحيطة وأعلى الكباري التي تصل القاهرة ببعضها البعض. بقي المشهد على وضعه إلى أن قررت الحكومة المصرية في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، بعد موافقة مجلس الوزراء، أن تتولى محافظة القاهرة السير في إجراءات هدم مبنى الحزب الوطني المحترق، وإسناد أعمال الهدم للهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وضم الأرض إلى محيط مبنى وحديقة المتحف المصري المجاور له. وأشارت الحكومة المصرية إلى أن هذا القرار «يأتي في إطار حرص الدولة على التراث الأثري لمصر». وقالت أيضا، إن القرار يعد قرارا تاريخيا «لما لهذه الأرض من قيمة مالية ضخمة، ولكن مهما كانت هذه القيمة فإنها لا تقارن بقيمة الحفاظ على التراث المصري الذي يشكل جزءا ثمينا من التراث البشري». وقال السياسي البارز جورج إسحاق لـ«الشرق الأوسط» معلقا على بدء أعمال الهدم للمبنى المحروق: «هذا المبني نموذج لفساد متوغل في النسيج المصري استمر لسنوات طويلة، واشعر بالسعادة بهدمه.. فلا يوجد به شيء يستدعي الحزن عليه. وأتمنى أن يتحول إلى حديقة عامة مفتوحة تابعة للمتحف المصري، يتوسطها نصب تذكاري يخلد لضحايا ثورة يناير، لأنه آن الأوان أن نقطع طريق كورنيش النيل دون النظر إلى هذا المبنى الفاسد». شهدت أروقة المبنى وجدرانه ثلاثة أنظمة وحكومات حكمت مصر في الـ50 سنة الأخيرة، حيث كان في منتصف الستينات مقر للاتحاد الاشتراكي العربي في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ثم في عام 1978، بعد حل الاتحاد الاشتراكي العربي، اجتمع الرئيس الراحل أنور السادات مع الأمانة العامة للحزب الذي كان يرأسه وتم الاتفاق حينها على تسميته الحزب الوطني الديمقراطي، وتولى الرئيس الراحل أنور السادات رئاسته حتى اغتياله سنة 1981، ثم ترأسه منذ 1981 حسني مبارك حتى عام 2011، وتم تغيير اسمه إلى الحزب الوطني الجديد بعد تولي طلعت السادات رئاسته في 13 أبريل 2011، حتى تم حلّ الحزب نهائيًا بقرار من المحكمة الإدارية المصرية في 16 أبريل 2011. وفي عهد مبارك، تحول الحزب إلى رمز من رموز التغول السياسي والفساد. ومع تركيب الستائر الواقية من الأتربة والأحجار الناتجة عن الهدم، استعدادا لبدء العمل بشكل فعلي خلال 10 أيام، يسدل المصريون فصل ثقيل من حياتهم مر تحت وطأة هذا النظام ورجال دولته.

مشاركة :