موضوع العلاقات المتضاربة الجوهري عبارة عن أنماط عامة للعلاقة بدأت بالتبلور في مرحلة مبكرة. وهي متجذرة في أعمق رغباتنا واحتياجاتنا وأهدافنا، وتعزز نفسها طوال حياتنا. من بين 15 من كبار المديرين التنفيذيين ممن تراوح أعمارهم بين 35 و51 عاما قابلهم لويس جولو وهو مستشار قيادي وتنفيذي في الموارد البشرية، صرح 12 شخصا منهم أن موضوع العلاقات المتضاربة كان السبب الرئيس لاتخاذهم قرارات تتعلق بمسيرتهم المهنية. قال أحدهم إن والديه نجيا من الحرب، لكنهما كانا يكدان لتأمين حياة أفضل لأطفالهما. بالنسبة له، تجلت العلاقات المتضاربة في الضغط الذي شعر به كي يثبت أنه يستحق تطلعات والديه وتحقيق أحلامهم. وأقر مدير تنفيذي آخر أنه علق بشروط المكافأة والفصل للفرص الجديدة المحتملة. بكى وهو يروي كيف كان والده يكافح من أجل البقاء بعد تسريحه من عمله الذي قضى فيه 25 عاما. كانت العلاقات المتضاربة تتمثل في محاولة تفادي مصير والده الذي وجد نفسه عالقا فيه. وفي إجابة عن سؤال حول الرجوع إلى الماضي من أجل تحقيق المستقبل توضح دراسة أخرى، طلب هارفي من 16 مهنيا في متوسط العمر ومن قطاعات ومستويات وظيفية مختلفة، تسمية المهنة التي كانوا يفكرون بها في طفولتهم، والتأثير الذي قد تركته في خياراتهم المهنية الفعلية وشعورهم بالرضا الوظيفي. أخبرنا سوريش (وهو مجرد لقب) كيف أراد عندما كان طفلا أن يصبح راقصا تقليديا. كان يحب الأداء أمام الجمهور والاستمتاع بالتعبير عن نفسه ليس من خلال الكلمات بل بالرقص والحركات التعبيرية. منصبه الحالي الذي يشغله كرئيس إقليمي لمخاطر الائتمان في Fortune 500 هو أكثر عمل يؤديه ويشعره بالرضا حتى الآن. من غير المفاجئ أنه بعد تفكير قال سوريش إن عمله يشبه كما لو كان راقصا تقليديا فهو يمنحه الرضا من التقدير والاستحسان. في حين لم يلاحق سوريش شغف الطفولة كمهنة لأسباب مادية، كان آندي يعيش رجل أعمال عالميا. على غرار عديد من المشاركين الآخرين، استشهد آندي بوالديه كمصدر للإلهام أو الشعور بالإحباط – للحصول على مهنتهم الخيالية في مرحلة الطفولة. كان ينظر إلى والده وهو محام ومدير إحدى كبريات الشركات وكان يتطلع إلى موافقته. بالنسبة لآندي أن تصبح رجل أعمال عالميا، يساعدك على توفير عديد من الفرص، وحل المشكلات، ويمكنك من العمل في بيئات متنوعة ومتعددة الثقافات وأن تمتلك زمام السيطرة. على عكس آندي: "أرى أن أكثر مهنتين تجلبان لي الرضا". يعني ذلك أنه عندما يتعلق الأمر بالخيارات الوظيفية فإن التعمق في الرغبات والاحتياجات المتجذرة منذ الصغر، لا يقل أهمية عن تحديد مهاراتك وسماتك الشخصية واحتياجاتك الحالية المدركة. بحسب الخريجين يكمن الجانب الإيجابي في تقاطع رغباتك ومهاراتك وقدراتك. عوضا عن اللجوء إلى قيامك بتحليل الإيجابيات والسلبيات، اجعل التحليل الذاتي العميق خطوتك الأولى نحو اتخاذ قرار مهني مهم.
مشاركة :