أسيل جندي–القدس المحتلة افتتحت فعاليات أيام القدس الثقافية في مدينة القدس المحتلة، بتنظيم مشترك بين مؤسسة إيلياء للإعلام الشبابي ودائرة تنمية الشباب ومركز يبوس الثقافي. وركزت الفعاليات في يومها الثاني على أهمية دور الثقافة في إسناد وتعزيز الوجود الفلسطيني بمدينة القدس، لمواجهة المخططات والإستراتيجيات التي لا تهدف إلى تفريغ الأرض من أصحابها فقط، بل تعمل أيضا على سلب الذات الفلسطينية وهويتها وحقها في الوجود. وضمن ندوة القدس والهوية والثقافة، قدم الأديب المقدسي محمود شقير تأملات حول الواقع الثقافي بالقدس، في ظل رضوخها تحت الاحتلال الإسرائيلي الذي استهدف المدينة الكنعانية الفلسطينية ليجعلها رغم حقائق التاريخ والجغرافيا عاصمة لدولة الاحتلال. وأعرب شقير عن أسفه لوجود حالة من العزلة بين الثقافة والجمهور بالقدس، وأرجع ذلك للأسباب الأمنية والاقتصادية، ومحاولة الاحتلال خلق ثقافة لا تشجع الشباب على الانتماء للوطن، وتثبيت الثقافة الاستهلاكية وتذويب دور الشباب من خلال نشر قضايا المخدرات والجنس. وحذّر شقير من خطورة تلاعب الكتاب الإسرائيليين بالمشهد والنص والطريقة التي تعرض بها الأحداث التاريخية، مما يلقي بالمسؤولية على الكتاب والمثقفين الفلسطينيين بضرورة مقابلة هذه الهجمة بسرد الحقيقة لمواجهة التزوير. وأشار شقير خلال الندوة إلى ضرورة تأسيس سياسة ثقافية تهدف إلى تعزيز الحضور الثقافي من خلال الوصول للجمهور والتأثير في سلوكه، وقال إذا لم نستطع أن ننشر الوعي وأن نخلق جيلا جديدا يلتف حول النخب الثقافية ستبقى الثقافة تعرج، وإذا بقيت معزولة عن الناس لن تؤدي الدور المطلوب منها. وعن الوسط الأدبي قال شقير من المؤسف أن القدس لا تحضر في أدبنا الحديث على النحو المطلوب، وربما يعود ذلك إلى عدم التنبه لأهمية الكتابة عن القدس وضرورتها الملحة. رواية بصرية وأضاف ثمة أسباب كثيرة تستدعي التنبه لذلك، من أهمها المكانة الدينية والتاريخية للقدس باعتبارها عربية فلسطينية، وضعف الحضور العربي الإسلامي للقدس في العالم بسبب قوة الدعاية الإسرائيلية المستندة إلى دعاية المنظمات الصهيونية في بلدان كثيرة، بالإضافة إلى تكريس القدس في الأدب الإسرائيلي الحديث باعتبارها مدينة يهودية، وتعمُّد ذكرها بشكل مبالغ فيه في الأعمال الأدبية. وشدد شقير على ضرورة وضع القدس بمكانة الصدارة في الأدب الفلسطيني والعربي، خاصة في المرحلة الراهنة التي يزداد فيها الخوف على المقدسات الإسلامية، خاصة المسجد الأقصى المبارك. ودعا في ختام الندوة إلى ضرورة الابتكار في المناهج المدرسية الفلسطينية وتطوير المساقات بالجامعات لسد الفجوة بين الطبقة المثقفة والجمهور، مؤكدا الحاجة الملحة إلى خلق ثقافة قادرة على استعادة المدينة دورها الحضاري باعتبارها مصدر إشعاع ثقافي، مطالبا السلطة الفلسطينية والقوى السياسية والوطنية بالقيام بواجبها تجاه هذا القطاع. من جانبها، تحدثت الكاتبة مليحة مسلماني عن النكبة في الفن الفلسطيني، والتي كانت حاضرة في أعمال الفنانين التشكيليين الفلسطينيين بدءا من رواد الفن الفلسطيني بعد حلول النكبة. وحسب مسلماني، فإن أعمالهم تعتبر بمثابة رواية بصرية لسرد قضية اللجوء الفلسطيني، إذ عكس الفنانون الرواية من وجهة النظر الفلسطينية لمواجهة الرواية المضادة. وكان كل من الزي التراثي الفلسطيني ومفتاح العودة وخارطة فلسطين ورسومات حنظلة للفنان ناجي العلي، رموزا حاضرة في معظم الأعمال الفنية الفلسطينية، بينما تم تشبيه العلاقة بين الفلسطيني والأرض بالعلاقة بين الأم والطفل في كثير من اللوحات. ويتعرض القطاع الثقافي بالقدس لهجمة ممنهجة، ونتيجة ذلك أغلقت خمسة مراكز ثقافية أبوابها بالقدس بسبب التضييق الذي تتعرض له من قبل الاحتلال، بالإضافة إلى عدم إقبال المقدسيين على فعالياتها، كما أن العديد من المؤسسات التي فتحت مقراتها سنوات طويلة بالقدس نقلت مقراتها لرام الله لسهولة العمل فيها، ومن هذه المؤسسات اتحاد الكتاب ونقابة الصحفيين الفلسطينيين ومسرح القصبة.
مشاركة :