بدأت فصائل مسلحة عراقية شيعية ارسال تعزيزات من عناصرها الى محافظة الانبار في غرب العراق الاثنين، غداة سقوط مركزها مدينة الرمادي بيد تنظيم الدولة الاسلامية بعد هجوم واسع استغرق ثلاثة ايام. وفي حين اعتبرت واشنطن سقوط المدينة "انتكاسة" في الحرب ضد التنظيم، اكدت ان القوات العراقية "ستستعيد" الرمادي بدعم من التحالف الذي تقوده. ويعد سقوط الرمادي ابرز تقدم للتنظيم في العراق منذ هجومه الكاسح في حزيران/يونيو 2014، ونكسة لحكومة حيدر العبادي الذي اعلن في نيسان/ابريل ان "المعركة القادمة" هي استعادة الانبار كاملة من الجهاديين. وباتت الرمادي (100 كلم غرب بغداد) ثاني مركز محافظة تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية، بعد الموصل (شمال) مركز محافظة نينوى، اولى المناطق التي سقطت في وجه الهجوم الجهادي قبل نحو عام. وبدت الحكومة العراقية عازمة على التحرك بسرعة لاستعادة الرمادي. واعلن مكتب رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، الاثنين ان العبادي "امر بتحديد خطوط صد جديدة في الرمادي لاعادة تنظيم وانتشار القوات المقاتلة لمواجهة عصابات داعش (الاسم الذي يعرف به التنظيم)". وكان العبادي اجاز الاحد مشاركة الحشد الشعبي الذي يشكل مظلة للفصائل، ومعظمها شيعية، التي تقاتل الى جانب القوات الامنية، بالمشاركة في معارك الانبار. ويرى محللون ان سقوط الرمادي والحاجة للفصائل، ضربة قاسية لاستراتيجية العبادي الذي سعى بدعم اميركي، لبناء قوة مختلطة مذهبيا لمواجهة التنظيم الذي يسيطر على مناطق معظمها سنية. واجتمع العبادي الاثنين بقيادة الحشد "لوضع الخطط اللازمة والعمل مع القوات المسلحة والامنية لاستعادة المناطق التي تم الانسحاب منها". ويأتي دخول الحشد الشعبي الى الانبار ذات الغالبية السنية، بعد اشهر من تحفظ سياسيين ومسؤولين محليين، ومطالبتهم بدعم العشائر السنية بدلا من الاعتماد على الفصائل الشيعية. ويعود التحفظ الى مخاوف من تكرار اعمال نهب وحرق يتهم عناصر الفصائل بتنفيذها في مدينة تكريت ذات الغالبية السنية، اثر استعادتها من الجهاديين مطلع نيسان/ابريل. ووصل هادي العامري، زعيم "منظمة بدر" الشيعية واحد ابرز قياديي الحشد الشعبي، الى قاعدة الحبانية العسكرية الاثنين، بحسب احد مساعديه. وكان العامري حمل الاحد السياسيين الذين رفضوا مشاركة الحشد في معارك الانبار، مسؤولية سقوط الرمادي التي يسيطر التنظيم على احياء منها منذ مطلع العام 2014، بحسب "قناة الغدير" التابعة للمنظمة. واعلنت فصائل عدة ان افواجا منها باتت موجودة في الانبار، لا سيما في محيط مدينة الفلوجة الواقعة ايضا تحت سيطرة التنظيم، وفي الحبانية. وقال المتحدث العسكري باسم "كتائب حزب الله" جعفر الحسيني، ان الكتائب ارسلت ثلاثة افواج الى الانبار الاحد، وتعتزم ارسال المزيد، في حين اشار المتحدث باسم "عصائب اهل الحق" جلال الطليباوي الى ان ثلاثة آلاف مقاتل من العصائب على جهوزية للتحرك. وتعقيبا على سقوط الرمادي، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية "البنتاغون" الكولونيل ستيفن وارن "قلنا على الدوام بانه ستكون هناك عمليات كر وفر، وانتصارات وانتكاسات. وما حصل انتكاسة". اضاف "سنستعيد الرمادي (...) سنستعيدها بالطريقة نفسها التي نقوم فيها ببطء لكن بثقة باستعادة مناطق اخرى من العراق، اي بالقوات البرية العراقية بدعم من القوة الجوية للتحالف". ونفذ التحالف 15 غارة جوية قرب الرمادي بين صباح السبت والاثنين. وشكل الدور المتنامي للفصائل الشيعية موضع انتقاد من واشنطن، لا سيما بسبب الدعم الذي تتلقاه هذه المجموعات من ايران التي وصل وزير دفاعها حسين دهقان الاثنين الى بغداد، في زيارة مقررة مسبقا. والتقى دهقان العبادي ووزيري الدفاع خالد العبيدي والداخلية محمد سالم الغبان، مؤكدا استعداد بلاده لتوفير مزيد من الدعم للعراق في الحرب ضد التنظيم المتطرف، بحسب بيانات صحافية صادرة عن المسؤولين العراقيين. وسيطر التنظيم الاحد على الرمادي بعد اقتحامه ابرز المراكز العسكرية فيها، وانسحاب غالبية القوات الامنية من المدينة. واستخدم التنظيم بكثافة الهجمات الانتحارية للتقدم في الرمادي في هجوم بدأ مساء الخميس. ونشر التنظيم الاثنين شريطا مصورا لاحياء في المدينة، بدت مقفرة وآثار المعارك واضحة فيها، كالدخان الاسود المتصاعد من بعض مناطقها، والعربات المدرعة المتضررة التي كانت تعود للقوات العراقية. وتقدر السلطات ان هجوم التنظيم في الرمادي ادى الى مقتل نحو 500 شخص من المدنيين وعناصر القوات الامنية. واعلنت بعثة الامم المتحدة في العراق الاثنين ان برنامج الاغذية العالمي يقدم، بناء على "طلبات عاجلة من السلطات العراقية"، مساعدات غذائية لنحو 25 الف شخص نزحوا من المدينة جراء المعارك. ويسيطر التنظيم على مناطق واسعة في الانبار، ابرزها مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد). والمحافظة هي الاكبر في البلاد، وتتشارك حدودا طويلة مع الاردن والسعودية وسوريا. في سوريا، سيطر مقاتلو التنظيم على حقلين لانتاج الغاز قرب تدمر، حيث قتل مساء الاحد خمسة مدنيين بينهم طفلان في قصف من مسلحين جهاديين، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. والحقلان هما الهيل والارك الواقعين بين تدمر وبلدة السخنة التي سيطر التنظيم عليها الاربعاء بعيد بدء هجومه نحو تدمر. ويبعد حقل الهيل نحو اربعين كيلومترا عن تدمر، فيما يبعد حقل الارك نحو 25 كيلومترا. وتمكنت القوات النظامية الاحد من صد هجوم للتنظيم على المدينة المدرجة على لائحة التراث العالمي، دخل خلاله اطرافها الشمالية. وادت المعارك منذ الاربعاء الى مقتل اكثر من 300 شخص، بحسب المرصد. ولا تزال الاشتباكات متواصلة عند اطراف المدينة، تزامنا مع قصف سلاح الجو السوري مناطق المعارك، بحسب المرصد. واوضح مصدر امني سوري ان "الوضع العسكري غير مستقر ومتبدل في المنطقة الواقعة شمال شرق تدمر حيث تستمر المعارك العنيفة".
مشاركة :