الرواية الأنثوية العربية بلا خطوط حمراء!!

  • 12/8/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في ظل آليات ثقافية جديدة ومختلفة تتجه صوب الفكر المفتوح والمطل على عالم له رأس واحدة وعقول تؤمن بالمتغيرات النفسية والاجتماعية والعلمية والإبداعية والنقدية لعالم روائي أنثوي فيه واقع يمضي بين رحى دروبها العميقة والتي كشفت عن صدرها بارزا فاتنا بل جسدها عاريا بكل ثقة بعيدا عن آهات الرواية العربية التي سكن فيها الجسد حائرا بين المثير والرمز والحلم بكل أبعاده غير المعلنة تحت مظلة الرمز في حتمية تساؤلات فاقت تصورات كل الأزمنة الماضية بين رغبة شاذة وعارمة في كشف المستور ورغبات في تعرية كل الأفكار التي كانت مجرد خاطر يمر كومضة قمرية!! وتعد الرواية العربية النسائية منتجا ثقافيا إبداعيا مختلفا عن سابقه من منتجات الثقافة النسائية في مجالات الإبداع وخاصة الرواية التي فجرت العديد من القضايا ذات البعدين الجسدي والنفسي لشخصية المرأة سواء كانت مبدعة أو متلقية لتلك المشاعر التي كتبت من رحم وطن! ونجد أن فلسفة سيميائية الجسد في الرواية العربية اتخذت العديد من الدلالات التي تعطي رؤية أعمق للمثير الأنثوي في تبني عالم من حياة تبدو أبدية !! ولذا كانت الحضارات القديمة ومنها الفرعونية تعطي للجسد رمزية للخلود والقدرة علي عودة الروح للجسد بكل تضاريسه المثيرة والغرائزية ذات الرؤية الفلسفية العميقة لطبيعة سلطة الجسد الأنثوي على مشاعر الرجل الذي تمنحه الأنثى بدلالها الجسدي وحركاته الجمالية القوة التي تحفزه لبناء وحدة جسدية ممزوجة بالروح كما عبر عن ذلك في بعض كتاباته الفلسفية المجردة من كل الأهواء الدكتور مصطفى محمود وهو يطوف بكل حواسه في عالم المرأة التي فتن بها العقل جسدا مثيرا للشبق الذي يمنح أيضا العقل بعضا من سلطاته الفوقية لكي يقود المرأة ويحركها من اليمين إلى اليسار! بل كانت المرأة في الحقيقة التي كشفتها الرواية العربية في العديد من النصوص الشابة في عصر الفيسبوك وسائر الوسائط الرقمية المتعددة تعلن بكل وضوح أن الجسد الأنثوي هو قمة الغواية المعبرة عن ثقافة واقع المرأة التي تحررت من قيود الماضي بوعي ضمن لها القدرة على التعاون الحتمي مع الرجل ومن ثم مشاركته رحلة حياة فيها الغريزة مبدعة وليست هي النفور كما كان يظن في السابق أعداء الجسد الأنثوي والذين جعلوا من جسدها رمزا للعهر والمجون وليس علوا وسموا فيه الفضيلة تكتب سطور روائية مختلفة من منحة الجسد الذي يعزف على أوتار كل القلوب المؤمنة بأرق كلمات الصدق في لحظة مناجاته العفوية بلا مبالغات زائفة ! وكما يمر الجسد الأنثوي برحلة زمن يمر الفكر الروائي الأنثوي العربي بقدرته الفائقة على كشف المستور إيمانا منه بحق فهم المرأة في كل أطوار رحلتها اليومية بين درب ودروب عربية! كما نرى النقد لاذعا لمفهوم الرواية الأنثوية التي يراها البعض من نقاد الرواية منقوصة ليست لكونها جسدا مثيرا بل لعدم قدرتها على تقديم رؤية لعالم كما أشار الباحث الدكتور حسن البنا عز الدين لرواية (الخباء) للروائية ميرال الطحاوي وما كشف عنها النقاب بالقول بكونها رواية من طرف واحد! لكون سلطة الأب منعدمة بتصوراتها الروائية عن سردها المتواضع والمتمثل في الشجرة التي جاءت من رحم صحراوي! لتنعدم سلطة الجسد الأنثوي هنا في رواية (الخباء) للكاتبة ميرال الطحاوي التي يبدو إنها تعاني شعورا وحدويا في ظل غياب من يحرك الجسد الأنثوي من وجهة نظرها السردية التي فتحت الباب للنقد الأدبي لمثل تلك الروايات العربية في زمن الإنترنت بلا خطوط حمراء ! فمهما كانت قسوة النقد تجاه بعض النصوص الأنثوية من المحيط إلى الخليج في ظل تحرر الثقافة من عباءتنا العربية التي منحت الجسد الأنثوي الدلال والجمال الممزوج بالرغبة في بناء وطن تجسد قمة النشاط للطرف الآخر إلا إنها فلسفة واقع الجسد الأنثوي الذي تحرر من كل ملابس عصور كانت هي الجلاد والسفر على ظهر البعير ! بل جاءت من رحم الرواية الأنثوية الظنون التي استبدلت فحولة الرجل وقدرته على ضخ الدماء في الجسد الأنثوي بالسخرية من بعض الكاتبات العربيات ومنهم الروائية السعودية رجاء عالم والمصرية نوال السعداوي وغيرهما من النسوة الذين تأرجحت نصوصهم بين الحيرة في أمرهم بتجاهل مشاعر الرجل بل وضعه في صور متردية من الفكر الذكوري الجاف الذي لا يعرف غير الإنجاب!! لتبدو المرأة في الرواية العربية اليوم تعيش في عالم افتراضي لتنجب الأطفال افتراضيا وتمنح جسدها شبابا افتراضيا بل تعشق الرجل افتراضيا ليكتب هذا الجسد الأنثوي فلسفة السفر على أجنحة ذبابة! وهل تستطع الأنثى بجسدها المثير والذي تحرر من عباءتنا العربية السفر إلى أي كافيه للقهوة على أجنحة ذبابة! وتحضرتني تلك الكلمات للمفكر السياسي جورج الطرابيشي في قوله البليغ (فالحرب رجولة والسلام أنوثة والقوة رجولة والضعف أنوثة) وكأنه يعي ما تكتبه الرواية الأنثوية العربية التي منحتها أفكار نوال السعداوي تلك الداعية لمداعبة الجسد وتحرره من سطوة الرجل بكل قوة بل بكل ضمير فيه الشك في البقاء لفترات ليست بالبعيدة ! لكون الجسد الأنثوي ليس جمادا بل يحتاج دائما إلى الماء وإلى الهواء والحب من طرف ليس افتراضيا في زمن الإنترنت كما كان في سابق الأزمنة ! لكن ما تمنحه الرواية الأنثوية من أفكار ومشاعر وشذوذ وأهداف بعضها نبيل ومبدع يجعلنا نسلط الضوء على عالم المرأة العربية من خلال سردها الروائي سواء كان إيجابيا أو سلبيا لكونها الحياة الأبدية مع رفيق رحلتها الرجل مهما كانت الدعوات الافتراضية تثير الجدل بين جسد أنثوي وذكر لا يكتب غير نداء الطبيعة! ويقينا تكتب الرواية العربية الأنثوية قصصا وحكايات بل وشطحات من هنا وهناك في ظل تحرر الجسد والعقل معا من عباءة عربية التي كانت تحكم فلسفة الرواية عند المرأة والرجل في لعبة من يكسب ومن يخسر لكن يبقي الضمير الحي خالدا لمناجاة الإبداع بكل صوره الشمسية والقمرية بلا رغبة ساذجة في الموت!! * روائي عربي جمهورية مصر العربية

مشاركة :