كوميديا سوداء تلك التي تفرجنا عليها في برنامج الثامنة يوم الأحد الماضي. لم نكن، حقا، نعرف هل نضحك أم نبكي على ما وصلت إليه أفكار بعض المسلمين أو شواذهم ممن يسفهون ويكفرون كل شيء: الأئمة القدامى والمشايخ الحاليين والدولة والشعب والشجر والحجر.؟! فجأة وجدنا المدعو خالد المولد، الذي حشش مرتين وتاب مرتين، أعلم من الإمام مالك والشعراوي وكل أعضاء هيئة كبار العلماء في المملكة. وهو يدعونا إلى أحد أمرين: إما الإسلام وإما القتل حتى يصل الدم للركب. لم أستبعد في سياق ذلك الحوار أن يخيرنا، باعتبارنا كفارا، بين ثلاثة: أن نسلم أو ندفع الجزية أو ينذرنا بحرب شوارع لا تبقي ولا تذر.!! ومن المؤكد أنه ومن على شاكلته سيفعلون ذلك لو وجدوا طريقا إلى رقابنا وأرواحنا. حين يعتقد شخص أنه المسلم الوحيد في المملكة والعالم فهو يعني ما يقول وليس بحاجة إلى من يبرر أقواله أو يحسبها على عالم الجنون والأمراض النفسية. كل الداعشيين الآن خالد المولد. وهم يحزون رقاب الرجال ويسبون النساء ويشردون الأطفال ويهدمون بلدانهم بأيديهم. وكل ذلك باسم الدين الذي استأثر به المولد واستكثره علينا، وحتى على أبيه وأمه وأخوته الذين منع زيارتهم له في السجن لأنهم كفار لا يجوز ودهم ولا تصح عشرتهم مثلهم مثل باقي الناس الذين وزع عليهم بكرم بالغ صكوك الكفر. السؤال الآن: هل خالد المولد فرد مجرد معتوه لا يقاس عليه ولا نظير له.؟! أنا شخصيا أعتقد أن هناك ملايين يعتقدون ما يعتقده ويكفرون المجتمع والناس كما يكفرهم وعلى أتم الاستعداد لقتلهم إن لم (يسلموا) ويعودوا أدراجهم إلى فقه خالد وربعه. الفرق فقط هو أن خيط مداراته لما يعتقد انقطع فأفصح عن مكنونات نفسه ونتائج تعليمه واطلاعه على كتب المتطرفين، بينما الآخرون ما زالوا يحتفظون بأفكارهم التكفيرية ويخفونها عن الناس. وإذا ما حانت ساعة الانقضاض التي يترقبونها ستجدهم، مثل كل الداعشيين، يتقربون إلى الله ويتسابقون إلى الجنة وهم يخوضون في الدماء ويتقاذفون الأشلاء كما رأينا بأم أعيننا في أكثر من مكان. المسألة جلل.. وقد حذر منها كثيرون في العقود والسنوات الماضية لكن الحل لم يرق بعد إلى مستوى الحلول على أسس مناهج التعليم والفكر. أي على تلك الأسس التي تنشئ أجيالا بعيدة عن مدارس الغلو والتكفير. يصد الحل الأمني نوايا الإرهابيين في الاعتداء المباشر على الناس، لكنه لا يجفف، بأي حال من الأحوال، منابع التطرف والإرهاب.. التجفيف المطلوب والملح يحتاج إلى بناء استراتيجية وطنية يسخر لها الكثير ويشارك بها الجميع.
مشاركة :