هل ينجح الشعب الإيراني في الإطاحة بخامنئي؟

  • 12/10/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

وصلت الاحتجاجات المناهضة للحكومة الإيرانية إلى نقطة الغليان، وظهرت لافتات عديدة في شوارع طهران ومدن عدة تطالب بالإطاحة بالزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي. وللمرة الأولى منذ انطلاق الأحداث الشعبية في الأسابيع الماضية، يمكن للمرء أن يسمع أصداء شعارات «الموت للشاه»، مما دفع مجلة ناشيونال إنتريست أن تطرح سؤالا كان يصعب تداوله من قبل: «هل ينجح الشعب الإيراني في الإطاحة بالمرشد الأعلى علي خامنئي؟» الهتافات المدوية تؤكد أن الشعب الإيراني على الخطى من أجل تكرار أحداث عام 1978 التي أدت إلى الإطاحة بالشاه، لاسيما بعد أن فتحت قوات الأمن النار مرارا وتكرارا على المتظاهرين، مما أسفر عن مقتل العشرات، بل ربما المئات من أجل تفريق المتظاهرين كما فعلوا في خريف عام 1978، وفقا لتقرير ناشيونال إنتريست. مأزق اقتصاديما أثار الاحتجاجات هو أن الاقتصاد الإيراني في مأزق، فهو اليوم في وضع أسوأ بكثير مما كان عليه الحال عشية سقوط الشاه عندما كان هناك تباطؤ اقتصادي حاد بسبب سوء الإدارة الاقتصادية والتوجيه الخاطئ على الرغم من طفرة النفط في السبعينيات. وكان الضيق الاقتصادي الذي حدث في أواخر سبعينيات القرن الماضي مرتبطا ارتباطا وثيقا بالرأسمالية المحسوبة لنظام الشاه الذي أضر بطبقة التجار التقليدية، التي يرمز إليها «البازار»، وكذلك الطبقة الوسطى النامية حديثا، ولم يكن من قبيل الصدفة أن يمول البازاريون الحركة بقيادة آية الله روح الله الخميني التي أطاحت بالشاه. تكرار أيام الشاهتشابهات الوضع اليوم مع السنوات الأخيرة من حكم الشاه كانت غريبة، فالأزمة الاقتصادية هي جزئيا نتيجة العقوبات الاقتصادية، وخاصة على بيع النفط الإيراني، الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية منذ مايو 2018، إن النفط هو شريان الحياة للاقتصاد الإيراني ويمثل ربع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ويسهم بثلاثة أرباع الإيرادات العامة الإيرانية. ومع انخفاض صادرات النفط من 2.45 مليون برميل يوميا إلى 0.26 مليون برميل في العام الماضي، دخل الاقتصاد الإيراني في ركود حاد، وتشير توقعات البنك الدولي لعام 2019 إلى معدل نمو سلبي يبلغ 8.7% من إجمالي الناتج المحلي، وهبطت العملة الإيرانية بشكل كبير منذ إعادة فرض العقوبات مع انخفاض سعر الفائدة غير الرسمي إلى 135 ألف مقابل دولار أمريكي واحد، مما زاد من المشاكل المالية للشعب الإيراني. بيانات وأرقام سيئةووفقا للبنك الدولي، من المتوقع أن تؤدي أسعار الواردات المرتفعة الناتجة عن تخفيض قيمة العملة إلى إعادة التضخم إلى ما يزيد عن 30% في السنوات المقبلة، حيث تتصاعد التوقعات التضخمية وتراجع ثقة المستهلك، مما يؤدي إلى فترة من الركود مرة أخرى في إيران. وعلى الرغم من انخفاض الواردات وتراجعها، يقدر أن انخفاض صادرات النفط سيؤدي إلى القضاء على فائض الحساب الجاري تقريبا، وهو أقل من فترة العقوبات السابقة، حيث بلغت أسعار النفط ما يقرب من نصف المستويات التي كانت عليها في الفترة من 2012-2013 و 2014-2013، ومن المرجح أن يفرض مسار الاقتصاد الهبوطي مزيدا من الضغط على سوق العمل ويعكس مكاسب خلق فرص العمل الأخيرة. رأسمالية المحسوبيةويرى التقرير أن رأسمالية المحسوبية ذات الأسس الدينية التي يسيطر عليها النظام، ولا سيما الحرس الثوري، والتي تتجسد في احتكار بعض القطاعات الحاسمة والسيطرة على الاقتصاد، قد أضافت الكثير إلى المعاناة الاقتصادية للناس، وخاصة أن ميزانياتهم المدمجة لهذه المؤسسات تشكل أكثر من 30% من المؤسسات المركزية، والإنفاق الحكومي الذي تستفيد منه شريحة صغيرة من النخبة، بالإضافة إلى ذلك، وفقا لتقديرات البنك الدولي، كان معدل البطالة أكثر من 12% اعتبارا من أبريل إلى يونيو 2018، مع ارتفاع معدل البطالة بين الشباب بنسبة 28 % في يونيو 2018. شرارة الاحتجاجاتكان من بين النتائج الجانبية للانكماش الاقتصادي الإيراني قرار شهر نوفمبر بزيادة سعر البنزين بمتوسط ​​50 %، ولقد اعتاد الرأي العام الإيراني على سعر النفط المدعوم بشكل كبير. وكانت الزيادة المفاجئة بهامش كبير بمثابة الشرارة التي أشعلت الاحتجاجات التي اندلعت فور إعلان هذا القرار، ومع ذلك، فإن هذه المشاكل الاقتصادية تبني على الإحباط الناتج عن القمع السياسي. وكانت الاحتجاجات الحالية، التي تختلف عن احتجاجات 2009 والتي أعقبت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد من قبل النظام عفوية وبدون قيادة إلى حد كبير، حيث لم يشارك أي فصيل من النظام في المظاهرات الحالية، كما أنها ضمت جميع الطبقات، فالكل انضم إلى الاحتجاجات ومن مجموعات عرقية مختلفة معظمهم من الفرس وكذلك الأقلية العربية من سكان خوزستان شاركوا أيضا. في البداية، بدافع كبير من العوامل الاقتصادية التي اتخذوها الآن على إشارات سياسية كبرى تطالب بإزالة ليس فقط حسن روحاني وحكومته، ولكن أيضا من القائد الأعلى وزمرة رجال الدين من حوله أيضا. قمع المتظاهرينكان رد فعل قوات الأمن التابعة للنظام سريعا ووحشيا، حيث تم إسقاط المئات من المتظاهرين غير المسلحين بدم بارد لتذكير المراقبين بأحداث عام 1978 في الفترة التي سبقت سقوط الشاه، ويبدو أن هذه الوحشية كان لها تأثير في تحفيز المعارضة للنظام كما فعلت في عام 1978، مما أدى إلى إدامة دورة العنف والمقاومة التي تذكر بالأشهر التي سبقت سقوط الشاه. والسؤال الرئيسي الذي لم تتم الإجابة عليه الآن هو: «هل ستتبع هذه الاحتجاجات نفس مسار عام 1978 أم إن النظام سيكون قادرا على قمعها باستخدام القوة الوحشية؟ من الصعب الإجابة عن هذا السؤال بأي درجة من اليقين، خاصة بسبب التعتيم شبه التام للأخبار الذي يفرضه النظام، فالقوى الموجودة في قيادة النظام ليست مدربة تدريبا جيدا على قمع المعارضة فحسب، بل إنها ملتزمة أيديولوجيا بنظام الحكم الذي يهيمن عليه رجال الدين. علاوة على ذلك، فإن قادتهم يدركون أن سقوط النظـام الذي يسيطر عليه الملالي قد لا يعني فقط إنهاء سلطتهم وامتيازاتهم، ولكن وجودهم الـمادي أيضا، هذا هو الدرس الذي استوعبوه من سقوط الشاه، والذي أدى إلى الإبـادة المنتظمـة لفرقـة الضبـاط التي كانت مواليـة له، وهم يعلمون أنهم يقاتلـون من أجل حياتهم وليس فقط من أجل إدامة حكم رجـال الدين، وهذا يفسر إلى حد كبير الضـراوة التي أظهرها الجهاز الأمني ​​للنظام في قمع المظاهرات. ويرجح تقرير مجلة ناشيونال إنتريست أن يبقى النظام على المدى القصير، حيث تضررت شرعيته بشكل لا يمكن إصلاحه من جراء الاستخدام غير المتناسب والوحشي للقوة التي أطلقها على متظاهرين غير مسلحين إلى حد كبير. علاوة على ذلك، وعلى عكس الفترات السابقة من الاضطرابات، لا يملك النظام الفائض من الموارد الاقتصادية لشراء المعارضين من خلال عروض الدعم، التي مارسها النظام مرارا وتكرارا. قد يكون النظام قادرا على الصمود قليلا، لكن شرعيته وقدرته على التمسك لحقت بها أضرار جسيمة، مما أدى إلى تآكل قدرته على الإصلاح.

مشاركة :