في تطور يثبت التورط الروسي في أوكرانيا التي دخلت نزاعا مسلحا منذ العام الماضي، أعلنت السلطات الأوكرانية أمس أنها اعتقلت جنديين «من القوات الخاصة الروسية» وهما يقاتلان في شرق أوكرانيا. وعقدت السلطات الأوكرانية مؤتمرا صحافيا نادرا بثت فيه صورا للجنديين المصابين. نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدث العسكري الأوكراني فلاديسلاف سيليزنيف قوله: «من المهم جدا بالنسبة إلينا أن نظهر للعالم أجمع الجنود الروس الذين يفترض أنهم ليسوا في أوكرانيا» في إشارة إلى نفي روسيا القاطع أي ضلوع لقواتها النظامية في النزاع الذي أوقع أكثر من 6200 قتيل في خلال أكثر من سنة. وكان المتحدث العسكري الأوكراني أندريه ليسنكو أعلن أول من أمس عن أسر الجنديين. ولكن نفى الكرملين وجود قوات روسية في شرق أوكرانيا، وأكد المتحدث دميتري بيسكوف في تصريحات نقلتها وكالة أنباء «ريا نوفوستي» الروسية أمس: «لا يوجد ولم يكن هناك أي قوات روسية على الإطلاق» في الأراضي الأوكرانية. وتابع: «لقد قلنا نحن ووزارة الدفاع مرارا إنه لا توجد قوات روسية في حوض دونيتسك». ولكن كتيبة المتطوعين الأوكرانيين إيدار تبنت أسر الجنديين الروسي أمس، موضحة أن العملية تمت في شتشاستيا المدينة الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية على بعد نحو 15 كيلومترا من معقل الانفصاليين لوغانسك. وأعلنت الكتيبة على صفحتها على الموقع الإلكتروني «فيسبوك»: «إنهما عنصران من جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي». وبحسب سيليزنيف فإنهما ينتميان إلى: «اللواء الثالث للقوات الخاصة الذي يوجد مقره في توغالياتي» على بعد 800 كيلومتر جنوب شرقي موسكو على ضفة نهر الفولغا، وأكد: «كانا على الأراضي الأوكرانية منذ مارس (آذار) الماضي». وقال الناطق بأن الجنديين اعتقلا بعد معارك بين القوات الأوكرانية «ونحو 14 عنصرا من القوات الخاصة» الروسية للسيطرة على «جسر استراتيجي». وقتل جندي أوكراني في هذه المعارك. وتتهم كييف والغربيون موسكو بدعم المتمردين الموالين لروسيا ونشر قوات نظامية في شرق أوكرانيا. من جهتها لا تقر روسيا إلا بوجود «متطوعين» توجهوا للقتال بملء إرادتهم. وقد طالبت وسائل إعلام روسية اعتبارا من أغسطس (آب) الماضي بكشف الحقيقة حول احتمال وجود قوات روسية في أوكرانيا بعدما أشارت إلى دفن جنود في روسيا قتلوا في ظروف غامضة. وكانت القوات الأوكرانية قد أسرت عشرة مظليين من الروس في شرق البلاد سابقا، إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال: إنهم «ضلوا طريقهم» خلال دورية. ومن جهة أخرى أعرب المتحدث باسم الجيش الأوكراني أندري ليسينكو أن «جنديين أوكرانيين قتلا وأصيب أربعة آخرون في هجمات للانفصاليين في شرق أوكرانيا في انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار». وأكدت موسكو مجددا أمس أنها لم ترسل قوات إلى أوكرانيا. وتزيد هذه التطورات العسكرية من الضغوط على الالتزام باتفاقية «مينسك»، وهي المرجع السياسي الرئيسي للبحث حول الأزمة الأوكرانية. وقد وقعت الاتفاقية في بيلاروسيا، فبراير (شباط) الماضي، بين روسيا وأوكرانيا وفرنسا وألمانيا، وكان على رأس بنودها وقف إطلاق النار في مقاطعات شرق أوكرانيا، وضرورة التقيد به بشكل صارم. ورغم أن الاتفاقية نصت على تأمين السلام في أوكرانيا، أعرب أمس مسؤول كبير في حلف شمال الأطلسي أنه لا يزال غير واضح إن كانت روسيا مستعدة لاتخاذ خطوات لدعم اتفاق «مينسك» بهدف نزع فتيل الصراع في أوكرانيا، مضيفا أن «موسكو ستواجه مزيدا من العقوبات والعزلة إذا انهار الاتفاق». وقال الجنرال ألكسندر فيرشباو نائب الأمين العام للحلف في اجتماع للمجلس البرلماني للحلف في بودابست: «لا يزال غير واضح إن كانت روسيا تعتزم، رغم كلامها، دعم تنفيذ اتفاق مينسك بتصرفاتها الفعلية». وأضاف: «روسيا تحاول الإيهام بأنها ليست طرفا في الصراع وأن أوكرانيا يجب أن تتعامل مباشرة مع الانفصاليين»، لكنه أكد أن «الناتو» يحمل روسيا مسؤولية ما يدور في البلاد
مشاركة :