يتركز الحديث في هذه الآونة على الدور المفصلي الذي لعبه ثلاثي برشلونة الأرجنتيني ليونيل ميسي والأوروغوياني لويس سواريز والبرازيلي نيمار، في قيادة الفريق الكاتالوني الى لقب الدوري الاسباني لكرة القدم للمرة الثالثة والعشرين في تاريخه. وهناك عنصران هامان جداً لا يمكن اغفالهما وان تفاوت دورهما في الحملة الحالية، هما تشافي هرنانديز واندريس انييستا. ويشكل تتويج برشلونة بلقب الدوري أمس (الاحد) قبل مرحلة من ختام الموسم، بعدما تغلب على بطل الموسم الماضي أتلتيكو مدريد (1-صفر) في معقله "فيسنتي كالديرون"، نهاية حقبة رائعة لتشافي هرنانديز الذي حصد لقبه الثامن في الدوري الثالث والعشرين خلال مسيرته الأسطورية مع النادي الكاتالوني. وبدأ تشافي مسيرته مع نادي برشلونة في عام 1997 مع الفئات العمرية وفي عام 1998 مع الفريق الأول الذي لعب معه أمس مباراته رقم 505 في الدوري، بعد دخوله في الدقائق الثماني الأخيرة بدل رفيق الدرب انييستا. وعلى رغم تسليط الضوء على تألق الثلاثي ميسي وسواريز ونيمار، لا يجب على الاطلاق التغاضي عن انجاز تشافي وانييستا اللذين توجا مع ميسي بلقبهم السابع في الدوري خلال الأعوام العشرة الاخيرة. وكان دخول تشافي (35 سنة) في الدقائق الاخيرة من مباراة "فيسنتي كالديرون" اعترافاً من المدرب لويس انريكي الذي كان زميل الدرب في وسط النادي الكاتالوني خلال مسيرته لاعباً بين عامي (1996-2004)، بحجم مساهمة هذا اللاعب في النجاح الذي حققه الفريق خلال الاعوام العشرة الاخيرة التي شهدت تتويجه بلقب دوري أبطال اوروبا ثلاثة مرات. وساهم تشافي في جعل الفريق الحالي يتفوق على فريق الأحلام الذي قاد النادي الكاتالوني الى لقب الدوري 4 مرات متتالية بين عامي 1990 و1994، ومنى النفس بوداع فريقه الازلي بلقب قاري رابع وباحراز الثلاثية للمرة الثانية معه إثر موسم 2008-2009، بعدما بلغ معه نهائي المسابقة القارية والكأس المحلية حيث واجه مع يوفنتوس الايطالي واتلتيكو بلباو على التوالي. واذا كان مشوار انييستا (31 سنة) مستمراً مع الفريق في دوره الجديد، فان تشافي سيخوض (الاحد) المقبل ضد ديبورتيفو لاكورونيا مباراته الاخيرة في "كامب نو"، ليسدل في غضون أقل من عام، الستار على مشوارين تاريخيين في مسيرته على صعيد الاندية والمنتخب الوطني الذي خاض معه الصيف الماضي مشاركته الاخيرة في مونديال البرازيل 2014. وقال تشافي في آب (اغسطس) الماضي بعدما اعلن اعتزاله اللعب دولياً: "كانت فترة رائعة بالنسبة الي. حققنا نجاحات كبيرة في السنوات الست او الثماني الاخيرة. اليوم اصبحت مشجعاً اضافياً للمنتخب الاسباني". ومن المؤكد ان تشافي الذي لم يتخذ قراره حتى الآن بشأن الانتقال الى السد القطري، لم يدون اسمه في تاريخ فريقه الازلي برشلونة فحسب، بل سيبقى عالقاً في اذهان الجمهور الاسباني بأكمله بفضل تفانيه في المباريات الـ 133 التي خاضها مع المنتخب من عام 2000 وحتى عام 2014. وعلى رغم خيبة مونديال الصيف الماضي في البرازيل، حين وضع نصب عينيه انهاء مسيرته الدولية بأفضل طريقة ممكنة من خلال قيادته الى رباعية تاريخية متمثلة بتتويجه بأربعة القاب متتالية (كأس اوروبا 2008- كأس العالم 2010- كأس اوروبا 2012- كأس العالم 2014)، إلا أن مستواه في الموسم الماضي مع فريقه برشلونة الذي خرج خالي الوفاض تماماً على الصعيدين المحلي والقاري، ثم في المباراة الاولى من نهائيات البرازيل ضد هولندا (1-5) واقصائه من تشكيلة المباراة الثانية ضد تشيلي (صفر-2)، كل ذلك أعطى مؤشراً على هبوط نجم لاعب الوسط، بعدما عجز عن الارتقاء الى مستوى المسؤولية التي اعتاد عليها، ما دفعه الى اعتزال اللعب عقب تنازل المنتخب عن اللقب العالمي بخروجه من الدور الأول. وكان مونديال 2014 نهاية ملحمة رائعة فرض فيها ابن تيراسا الكاتالونية نفسه أحد اعظم لاعبي الوسط في العالم بفضل الالقاب التي توج بها على صعيدي الاندية (الدوري 7 مرات والكأس المحلية مرتين وكأس السوبر المحلية 6 مرات ودوري ابطال اوروبا 3 مرات وكأس السوبر الاوروبية مرتين وكأس العالم للاندية مرتين) والمنتخب الوطني بطولة العالم للشباب 1999 وكأس العالم عام 2010 وكأس اوروبا عامي 2008 و2010. وقال مدرب المنتخب الاسباني فيسنتي دل بوسكي عن تشافي قبل المونديال: "كسب تشافي مودتي بشخصيته، أما لعبه، فهناك عدد قليل من الناس يمكنهم القول انه ليس لاعباً رائعاً"، مضيفاً أنه "من المستحيل تحديد من هو افضل لاعب في تاريخ الكرة الاسبانية، لكن ليس هناك شك بأن تشافي هو احدهم". وتابع دل بوسكي، الذي شاهد اسبانيا تتلقى اكبر هزيمة لها في كأس العالم على يد الهولنديين منذ 1950 حين سقطت امام البرازيل (1-6)، أنه "في الماضي، كان هناك بعض اللاعبين الاستثنائيين، لكن لا يمكنني ان اقول من الافضل". وعلق تشافي على مستواه في مباراة هولندا قائلاً: "إنها أسوأ هزيمة في مسيرتي. كانت مباراة مخيبة للغاية، هزيمة شنيعة. كل شيء قمنا به في الشوط الثاني كان خاطئاً". وما يتمناه تشافي الآن هو ان يضع خلفه ما حصل الصيف الماضي من أجل توديع برشلونة بطريقة أفضل من تلك التي ودع بها المنتخب، وذلك من خلال رفع كأس دوري الابطال للمرة الرابعة في مسيرته بعد أعوام 2006 و2009 و2011 والكأس المحلية للمرة الثالثة بعد عامي 2009 و2011.
مشاركة :