يواجه الاقتصاد البريطاني حالة من عدم اليقين، والتي قد تعترض مسيرته مستقبلا مهما كانت الصيغة النهائية لطلاق لندن من الاتحاد الأوروبي (بريكست) والمقرر نهاية الشهر المقبل. وسجل النمو أبطأ وتيرة في نحو سبعة أعوام في أكتوبر الماضي لتقّدم حالة من الضعف على خلفية انتخابات عامة تُجرى الخميس، تعهّد الحزبان الرئيسيان المتنافسان فيها بتحفيز النمو. وكشفت بيانات رسمية، الثلاثاء، أن قرب الموعد النهائي المحدد لبريكست وتباطؤ الاقتصاد العالمي أثّرا سلبا على المصانع وقطاع التشييد في بريطانيا في ذلك الشهر. وزاد الناتج المحلي الإجمالي بـ0.7 بالمئة مقارنة مع أكتوبر من العام الماضي، وهو أقل معدل نمو منذ مارس 2012 عندما كانت بريطانيا لا تزال تحاول التخلص من آثار الأزمة المالية العالمية. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية، إن النمو سجلّ فتورا في الأشهر الثلاثة المنتهية في أكتوبر 2019 مقارنة مع الأشهر الثلاثة السابقة كما توقّع خبراء اقتصاد استطلعت رويترز آراءهم. وأشار المكتب إلى أن الاقتصاد لم يطرأ عليه تغيّر على أساس شهري مما يمثّل ضعفا مقارنة مع متوسط توقعات بنمو بـ0.1 بالمئة في استطلاع رويترز. وتفادى الاقتصاد البريطاني الدخول في حالة ركود قبيل انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي في الصيف عندما نما بنسبة 0.3 بالمئة في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر. لكنه أظهر مؤشرات على التباطؤ منذ ذلك الحين مع اقتراب الموعد النهائي لانفصال بريطانيا الذي كان مقررا في البداية في 31 أكتوبر والذي جرى تمديده. وذكر مكتب الإحصاءات أن الإنتاج الصناعي انخفض بـ0.7 بالمئة في الأشهر الثلاثة المنتهية، بينما نما قطاع الخدمات البريطاني الكبير بـ0.2 بالمئة وهي أقل زيادة منذ يونيو الماضي. ودخلت حملة الانتخابات العامة في بريطانيا مراحلها الأخيرة، الاثنين الماضي، مع سعي رئيس حزب المحافظين بوريس جونسون إلى حشد الأصوات لإنهاء سنوات من الشلل والمجادلات حول عضوية البلاد في الاتحاد الأوروبي. ويأمل جونسون في استعادة الأغلبية المحافظة التي خسرتها تيريزا ماي في الانتخابات الأخيرة التي جرت قبل عامين فقط، ليتمكّن من تنفيذ بريكست وتسوية النقاشات حول مكانة بريطانيا في العالم. وقال جونسون، الخميس الماضي، إن احتمال عدم الوصول إلى اتفاق للتجارة بعد بريكست بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بحلول نهاية 2020 “لن يحدث”. وتعهّد بأن تغادر بريطانيا الاتحاد المؤلف من 28 دولة بنهاية يناير المقبل وعدم تمديد فترة انتقال بعد الانسحاب من المنتظر أن تنتهي في ديسمبر 2020، وهو شيء يقول منتقدون إنه لا يترك وقتا كافيا للوصول إلى اتفاق جديد للتجارة بين الجانبين. وقال جونسون أثناء زيارة إلى مصنع في وسط إنكلترا، “من مصلحتهم (الاتحاد الأوروبي) إبرام اتفاق معنا، وأنا ليس لدي أدنى شك في أنهم سيفعلون هذا”. وسُئل عما إذا كان متأكدا من الوصول إلى اتفاق للتجارة، فأجاب قائلا “الاحتمال الذي تلمّحون إليه هو ببساطة لن يحدث”. وخرج البنك المركزي عن حياده ليحذّر من تداعيات انفصال فوضوي دون اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، في وقت تحذّر فيه التقارير من انهيار واسع لجميع الأنشطة المتصلة بحياة الناس، مثل إمدادات الغذاء والدواء وصولا إلى حركة السفر. وأعاد المركزي النظر في توقعات النمو للعام الجاري والمقبل، إلى 1.2 بالمئة و1.5 بالمئة على التوالي، مقارنة بنسبة 1.7 بالمئة في السابق قبل أن تتطور الأمور إلى هذه الوضعية. ويمثّل ذلك أكبر خفض لتقديرات المركزي منذ الفترة التي تلت مباشرة الاستفتاء على الانفصال في صيف 2016، كما يضع المركزي على مسار تسجيل أضعف نمو اقتصادي في عشر سنوات منذ الأزمة المالية العالمية.
مشاركة :