الشارقة: علاء الدين محمود نظم اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات في مقره بقناة القصباء في الشارقة، أمس الأول، أمسية بعنوان: «مريم جمعة فرج سدرة السرد الإماراتي»؛ تخليداً لذكرى القاصة الراحلة، وشارك في الأمسية المؤرخ د. حمد بن صراي، والكاتب عبد الفتاح صبري، والقاص محسن سليمان. المتحدثون من المشاركين والحضور، أجمعوا على فرادة مريم فرج كرائدة من رواد السرد الإماراتي، غاصت وتعمقت في قضايا اجتماعية وفكرية وتراثية، واستطاعت أن تترك بصمتها الخاصة في السرد الذي عبر عن أوجاع المهمشين. استهل عبد الفتاح صبري حديثه بنص شعري يناجي روح الفقيدة، فقال: وترجل فيروز / من ماء قصتها / باحثا عن غبار نورسها / فأشعل ذاكرتي. إلى أن يقول: وتركتنا نبحث / عن دفء المهمشين / في الزوايا المتواضعة. وتناول صبري جانباً من علاقته بالراحلة منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي، وقتها كانت منصة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات متوهجة بالحضور والحراك، وكانت مريم فرج جادة وصارمة فيما يختص بقضايا الإنسان، وضوابط وآلية العمل. ويرصد صبري عدة محطات مهمة نسائية في مسيرة القصة الإماراتية، رسمت خطوط المنهج النسوي القصصي في معالجة هموم الحياة والمجتمع وإشكالياته الاجتماعية؛ حيث تبرز في المحطة الأولى شيخة الناخي المؤسسة لريادة البدء النسوي، والتي شكلت أعمالها انحيازاً لقضايا المرأة وما يصيبها من إشكالات نفسية واجتماعية، أما المحطة الثانية فتبرز فيها ظبية خميس، والتي اهتمت في سردها بالتشظي الإنساني وقضايا الذات، بينما تحمل المحطة الثالثة، وهي قادمة من رحم الثانية، اسم مريم جمعة فرج مع سلمى مطر سيف، ومن أهم ملامح السرد فيها: التأطير الفني والبحث في الذات الإنسانية وموضوع المهمشين، وتمثل الطقوس الشعبية وتوظيف التراث في المتن السردي، بالتالي تعد هذه المحطة هي مرحلة الريادة الفنية الخالصة. وأوضح صبري: إن عوالم مريم فرج متشعبة وعميقة؛ لذلك دائماً تبرز في نصوصها النماذج المهمشة التي تسقط من الذاكرة؛ لذلك نرى شخصيات مثل «فيروز»، في قصتها التي تحمل ذات اسم البطل، وشخصية بلال في قصة «عبّار»، وهي شخصيات تتشابه في الملامح، وفي النظرة الوجودية نفسها، ففيروز يمثل جانب الإنسان المهمش، فهو عامل بسيط في معمل الثلج يتنقل بين تاريخه الخاص «الأنا»، وبين زمن آت، وكأن الكاتبة تعقد مقارنة بين زمن ولى وآخر حاضر بقوة. ولفت صبري إلى أن مريم ركزت على شخصيات تعاني، فاستطاعت أن تكشف عن آلام الإنسان وراء لقمة الخبز ووضعه في البلاد الأخرى، كما أن فرج عملت على الكشف عن تلك الصور الخاصة للمرأة حين يعترضها المرض والقلق. وخلص صبري إلى أن مريم فرج أسست لخطابها الأدبي ومكونها الفكري منذ مجموعتها الأولى «فيروز»، عام 1988، في حين ترتكز نظرتها في مجموعة «ماء» على بنية العنف. فيما جاء حديث د. حمد بن صراي، في صورة شذرات رصد خلالها مقتطفات من مسيرة مريم فرج التي وصفها بصاحبة الحضور المؤثر في المشهد الثقافي الإماراتي، وكان اللقاء الأول الذي جمعه بها في عام 2014 في الفجيرة، وظل يلح عليها في أن يسجل لها سيرتها وذكرياتها، وهي العملية التي لم تتحقق إلا في عام 2017، والملاحظة الأبرز هي كثرة الشخصيات المؤثرة في حياتها ومن أهمهم يوسف عيدابي وظبية خميس، وقد ولدت الأديبة الراحلة في عام 1956، وهي فترة لها أهميتها التاريخية مع إشراقة النفط، والقومية العربية، وجمال عبد الناصر؛ لذلك هي تعشق تاريخ مولدها. وتناول صراي بعض المحطات المهمة التي كونت شخصية مريم فرج القاصة ومنها مرحلة وجودها في الكويت بصحبة والدها الذي كان يعمل هناك، فكانت تلك الفترة قد شهدت علاقتها مع البحر وعشقها له، وهو الأمر الذي انعكس في أعمالها. وذكر محسن سليمان أن الراحلة تعد سدرة السرد الإماراتي كما وصفها جمعة اللامي، فهي واحدة من الرائدات المهمات للقصة الإماراتية، وقد عنيت بالجوانب الإنسانية، وفي أحد الحوارات التي أجريت معها ذكرت أنها قد كتبت قصة قصيرة، وفازت بها في مسابقة نظمتها صحيفة الخليج، ومنذ ذلك الوقت أدركت موهبتها، وكانت من أوائل الأدباء الذين طالبوا بوجود كيان للمبدعين فكان مولد اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات. وثمنت الهنوف محمد رئيسة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات بالإنابة، دور الفقيدة في المشهد السردي والثقافي الإماراتي. وشدد محمد حمدان بن جرش الأمين العام للاتحاد على ضرورة الاهتمام بالمبدعين من الكتّاب من كل الأجيال، وخلق تواصل بين الأجيال، وكشف عن خطط للاتحاد في عملية تكريم العديد من المبدعين الأحياء من كتّاب الإمارات. فيما أكد الباحث عادل عبد الله حميد ضرورة جمع الكتابات غير المنشورة لمريم فرج وطباعتها ونشرها عبر اتحاد الكتّاب، مشدداً على أن الكاتب لا يموت؛ بل تظل أعماله دليلاً على أثره الخالد؛ حيث إن أعمال مريم فرج التي لم تر النور لها أهميتها القصوى في منظومة السرد الإماراتي، ويجب أن تجد اهتماماً خاصاً؛ عبر الاتصال بأسرتها وجمع تلك الأعمال. وفي ختام الأمسية قام كل من الهنوف محمد ومحمد بن جرش بتكريم المشاركين
مشاركة :