تحقيق: ميرفت الخطيب تمكين المرأة في المجالات الاقتصادية، يحتاج إلى كثير من الآليات العملية لتعزيز وجودها الذي ما يزال خجولاً، رغم انخراطها في الكثير من المجالات، التي كانت منذ وقت قريب مقتصرة على الرجال. وترى بعض الفئات أن المشكلة تكمن في عدم الثقة بإمكانيات المرأة، في حين ذهب آخرون إلى الاعتقاد بعدم وجود تكافؤ في الفرص بين الجنسين، ورأى بعضهم أن القضية تكمن في مجالس سيدات الأعمال التي لم تضف الكثير في التمكين أو التعزيز، والمشاريع الاقتصادية التي بدرت عنها هي مشاريع خفيفة وتقليدية لا ترقى إلى العالمية.لذا فإن الحل يكمن في معالجة كل هذه القضايا التي قد تعدل من دورها الاقتصادي الذي نطمح إليه، فضلاً عن دعم رائدات الأعمال بالتدريب، كون تمكين المرأة يسهم في النمو الاقتصادي في القطاعات كافة. تكافؤ الفرص وقال الشيخ فاهم القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية في الشارقة: «يجسد إعلان صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في افتتاح القمة العالمية للتمكين الاقتصادي للمرأة، بأنه سيكون شخصياً من ضامني مساعي مساعدة النساء ودعم طموحاتهن في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، مسؤوليات ودور الإمارة تجاه القضايا الملحة في العالم، وفي مقدمها قضايا التنمية التي يشكل تمكين المرأة أحد أهم عوامل إنجازها».وأوضح أن المكانة الثقافية الرفيعة التي حققتها الشارقة في العالم، تتكامل مع جهودها في تمكين المجتمعات وتهيئة الظروف لنهضتها وتطورها، وتترجم رعاية سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، لقضايا تأهيل النساء للريادة الاجتماعية والاقتصادية.ورأى أن ما أنجزته دولة الإمارات، وإمارة الشارقة، في تمكين المرأة، وتحقيق التوازن والتكافؤ في الفرص بين الجنسين في المجالات كافة، أسهم في رسم صورة متميزة ومتفوقة للإمارات عالمياً، ودفع بالمجتمع الإماراتي نحو الصدارة، في الكثير من المؤشرات ذات الصلة بالشراكة بين الرجل والمرأة في مسيرة البناء والتنمية.وتابع «يتطلب العمل في دائرة العلاقات الحكومية، لقاء ممثلين عن ثقافات عالمية مختلفة، وفي كل لقاء نفخر بمكانة المرأة ودورها في المجتمع الإماراتي، ونفخر بأن هذه المكانة جاءت ترجمةً أصيلة لقيمنا وأخلاقنا ولموروثنا الثقافي». وأوضح الشيخ فاهم، أن العالم اليوم يهتم بالمنجزات الاجتماعية للدول أكثر من المنجزات المادية، والإنجازات المادية لا تدوم إلا إذا استندت إلى قاعدة اجتماعية عادلة ومستقرة لا تستثني أي فرد أو تنتقص من حقوقه. العائق الاجتماعي ترى الدكتورة فاطمة الشامسي، نائب المدير للشؤون الإدارية في جامعة «السوربون أبوظبي»، أنه يمكن تعزيز دور المرأة في الاقتصاد، عن طريق انضمامها إلى سوق العمل بمختلف قطاعاته من الوظائف الإدارية الخفيفة إلى الوظائف التنفيذية العليا، وكذلك من وظائف القطاع الحكومي إلى وظائف القطاع الخاص، موظفة أو صاحبة عمل، إلاّ أن هناك الكثير من التحديات التي قد تعترض مسيرة انطلاق المرأة وتفوقها. وقد أكدت السياسات أهمية دعم المرأة في القطاعات المختلفة، لكن العوائق ما زالت كثيرة تجاه نجاح هذا الأمر، منها اجتماعي لا يرى أن المرأة قادرة على تبوّؤ مراكز عليا ووظائف تنفيذية. وحتى لو أبدت المرأة قدرة فائقة، فإن هناك من يضع العراقيل ويخترع المطبات ليثبت أنها غير قادرة، والدليل على ذلك أنه رغم أن الحكومة أقرت قانوناً يفرض تمثيل المرأة في مجالس الإدارة في الشركات الكبرى، فإنه بقي محدوداً.أضف إلى ذلك أن استثمارات المرأة ما زالت محدودة في ريادة الأعمال، فاقتصرت أنشطتها على القطاعات الهامشية، مثل محلات الخياطة والصالونات وما شابه، وطبعاً هذه قطاعات ذات مردود متدنٍ مالياً ومعرفياً وخبرات، فضلاً عن تعرضها للمنافسة الشديدة. جزء من المشروع الحضاري قالت نورة النومان، عضو مجلس أمناء «مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين»: «يحمل تعهد صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، بدعم جهود تمكين المرأة وتحسين أحوالها في إفريقيا، وأمريكا الجنوبية، وآسيا، الكثير من الرسائل، يتجلى أبرزها بتأكيد أن تمكين المرأة هو جزء لا يتجزأ من المشروع الحضاري والتنموي الذي تقوده إمارة الشارقة والدولة، وأن الإمارة تؤمن بأن تمكين المرأة ليس فعلاً فردياً، بقدر ما هو قرار رسمي، وتوجه مؤسسي، وثقافة مجتمعية تتكامل جميعها للوصول إلى التطلعات والأهداف».وأضافت: تقدم إمارة الشارقة بما تقوده من جهود برؤية صاحب السموّ حاكم الشارقة، وتوجيهات ودعم قرينته سموّ الشيخة جواهر، نموذجاً دولياً للكثير من المدن والبلدان في المنطقة والعالم، وما خطاب سموّه، في افتتاح أعمال القمة، إلا رسالة لقادة التغيير وأصحاب القرار في العالم، تحثهم على الالتزام باستراتيجيات الارتقاء بواقع المرأة في العالم، والإيمان بأن هذا الالتزام خطوة عالمية وجادة، لتحقيق نهضة حضارية كاملة على كل المستويات. تنصيب بالتزكية رأى مروان السركال، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير، أن الإشكالية هي عدم وجود الثقة بتوكيل المرأة لتكون قيادية في الإدارات الكبرى، ولو لاحظنا أن عدداً قليلاً يعد على أصابع اليد الواحدة، يتبوّأن مثل هذه المناصب، بل إن منهن من فزن بالتزكية لكون تلك المؤسسة مؤسسة عائلية على سبيل المثال، أو بالتكليف، في حين أنه يجب على المجتمع بشكل عام، أن يكون أكثر إصراراً على تفعيل دور المرأة لتكون قائدة، خاصة أن التجربة بينت قدرتها على القيادة في مجالات أخرى.ويعقّب، أن دولة الإمارات لم تقصر في تمكين المرأة في الأعمال والاقتصاد، كما المناحي الأخرى، وشرعت أمام رائدات الأعمال جميع الأبواب، لإيمانها بدور المرأة القيادي، لذا هي غير مسؤولة عن عدم ثقة المجتمع بها اقتصادياً، وشاهدنا الكثير من المشاريع البسيطة، إلا أنه في المقابل بقي دورها محدوداً اقتصادياً، وخاصة في القطاع العقاري، فالمشكلة إذن تكمن في ثقافة المجتمع الذي يمنحها الثقة، والمرأة مسؤولة أيضاً، لأنه واجب عليها أن تأخذ التحدي، وتجتهد كي تأخذ الثقة من المجتمع وتحصل على فرصتها، لأن فرصها غير متساوية مع الرجل. أضف إلى ذلك أن المؤسسات الأكاديمية عليها أن تخرّج جامعيات يمتلكن فكراً اقتصادياً. البداية من التعليم منى عبد الكريم، مديرة مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، التي قدمت إحدى المبادرات التي تسهم في دعم وصول المرأة إلى المناصب القيادية العليا في الشركات والمؤسسات الرفيعة، على أساس تكافؤ الفرص بين الجنسين، رأت أن المسألة تبدأ من التعليم الذي مكن المرأة من تحقيق ما وصلت إليه اليوم، بدعم من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، الذي كان أول المشجعين لتعليم المرأة، ومن ثم افتتاح الجامعات والبعثات الخارجية التي مكنتها من تحقيق الإنجازات التي يعرفها الجميع وجعلت اسمها يتألق في كثير من المحافل والمناسبات العالمية. لذا يجب أن نضمّن المحتوى التربوي ومناهج التعليم ما تعرف بهذا الدور وبأن المرأة تستطيع أن تكون ريادية، ورائدة أعمال وتتبوّأ رئاسة المجالس والإدارات في المؤسسات الاقتصادية الكبرى، لأن الدولة وفرت لها البنية التحتية لتحقق مشاريعها التي تعود بالفائدة على الدولة والمجتمع معاً. تدريب رائدات الأعمال أكد محمد جمعة المشرخ، المدير التنفيذي لمكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر «استثمر في الشارقة»، أن تعزيز دور النساء في العمل الاقتصادي يتجلى في كثير من الآليات والإجراءات، يأتي في مقدمتها تحقيق تكافؤ الفرص بين الجنسين في جميع القطاعات الاقتصادية، وعدم حصر مشاريع النساء في القطاعات التقليدية، إلى جانب دعم الحكومات للمشاريع النسوية عبر عمليات الشراء والتعهيد المراعية للنوع الاجتماعي.وأشار إلى أهمية إدماج الشركات التي تملكها نساء في سلاسل القيمة عبر تمكينها من المساهمة بمختلف مراحل الإنتاج، وشبكات التوريد والتوزيع العالمية، ودعم رائدات الأعمال بالتدريب النوعي والدعم الفني في عدد من جوانب الأعمال. وأوضح أن الإماراتية حققت قفزات نوعية في سوق العمل المحلي، وأثبتت قدرتها على خوض غمار المنافسة وزيادة مشاركتها الاقتصادية ليس العددية فقط، بل رفع مستوى وعيها بالثقافة المؤسساتية وثقافة البنية الاقتصادية.
مشاركة :