أرجئ انطلاق «الحوار الوطني» الذي يفترض أن يخرج تونس من أزمة سياسية حادة إلى اليوم الجمعة، إثر تعهد من رئيس الوزراء الإسلامي علي العريض بـ»مبدأ» استقالة حكومته في موقف اعتبرته المعارضة «ضبابيا». وبموازاة التطورات السياسية قتل 8 من عناصر الحرس الوطني التونسي أمس الأول الأربعاء في مواجهات مع مجموعة مسلحة في وقت تشهد تونس بانتظام هجمات للتيار الجهادي الموالي لتنظيم القاعدة. كما قتل شرطي في شمال البلاد في ظروف لم تتضح بعد بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية. وكان من المتوقع أن ينطلق «الحوار الوطني» الذي يفترض أن يضم المعارضة وحركة النهضة الإسلامية الحاكمة بعد ظهرأمس الأول، إثر تعهد من الحكومة بتقديم استقالتها غير أن المعارضة اعتبرت تصريحات العريض بهذا الصدد «ضبابية» ما حال دون بدء المفاوضات. وأعلن حسين عباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نقابة العمال الواسعة النفوذ في البلاد والتي تتولى الوساطة في هذه المسألة، أن «الحوار الوطني» تأجل إلى الجمعة. وأضاف «سوف نقوم بالمزيد من المشاورات مع رئيس الحكومة من أجل الحصول على مزيد من الإيضاحات حول خطابه (الأربعاء)، نحن مقتنعون أن الحوار الوطني سوف يبدأ الجمعة عند الساعة العاشرة». وكان العريض أعلن مساء وبتأخير 5 ساعات «نجدد اليوم تعهدنا بمبدأ التخلي أو تخلي الحكومة في إطار تلازم وتكامل مختلف المراحل التي حددتها خارطة الطريق» للمفاوضات مع المعارضة مكررًا «التزام الحكومة بإنهاء الدستور وتحديد موعد للانتخابات وصياغة قانون انتخابي». وأضاف «نحن لا نرضخ لأحد بل للمصلحة العليا للوطن». من جهته، قال الرئيس المنصف المرزوقي في خطاب إن «رئيس الحكومة أكد لي مرة أخرى أن مبدأ الاستقالة لا رجوع فيه حالما يستكمل المجلس الوطني التأسيسي تعيين اللجنة المستقلة للانتخابات وتعيين موعدها بقانون والانتهاء من الدستور، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحقق تواصل الدولة». وأضاف أنه فور حصول هذا الأمر سيكلف «شخصية وطنية مستقلة بتشكيل حكومة تشرف على تسيير بقية المرحلة الانتقالية». وأدى تصريح العريض ومن ثم تصريح المرزوقي إلى حالة ضبابية في المشهد السياسي، ذلك أن رئيس الوزراء لم يتعهد «صراحة» استقالة الحكومة في غضون ثلاثة أسابيع، وهو ما كانت تنتظره المعارضة تنفيذًا لما ورد في خارطة الطريق للبدء بحوار وطني يرمي إلى حل الأزمة السياسية التي تشل البلد منذ اغتيال نائب معارض في نهاية يوليو. واعتبرت المعارضة تصريحات العريض والمرزوقي غير كافية، وطالبت بأن تتعهد الحكومة بالاستقالة ضمن مهلة ثلاثة أسابيع بعد بدء المفاوضات. وقال جيلاني الهمامي ممثل حزب العمال إن «تصريح رئيس الوزراء كان ضبابيًا، لا يمكننا البدء بالحوار الوطني». ويعد وعد الحكومة الائتلافية بقيادة النهضة بالاستقالة، المرحلة الأولى في خريطة الطريق هذه التي قام بصياغتها 4 وسطاء بينهم الاتحاد العام التونسي للشغل، وتنص على إجراء مفاوضات خلال شهر لتشكيل حكومة مستقلين وقيادة البلاد نحو انتخابات لإخراجها من «المرحلة الانتقالية» التي بدأت مع ثورة كانون الثاني/يناير 2011. وبموازاة ذلك على المعارضة وحركة النهضة الاتفاق على مضمون الدستور الجديد الذي تعثرت صياغته ووضع قانون انتخابي وتشكيل الهيئة المكلفة تنظيم الانتخابات وتحديد الجدول الزمني لعمليات الاقتراع المقبلة.
مشاركة :