بين شعرية الدهشة وواقعية اللحظة

  • 12/13/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

خمسة أجزاء يضمها هذا الديوان: (مزيداً من الضوء و الأسئلة) مجموعة من القصائد تبدو ديواناً مستقلاً، ثم (يافجر أيام البلاد وسعدها) قصائد وطنية، و(أحب العيون وسحر العيون) في المرأة والحب، (ياحمزة الشعر ياقنديل قافيتي) ومدارها الشعر والشعراء ثم نصوص نثرية قصيرة وهذا الديوان التاسع آخر مجموعاته الشعرية عتبة النص عنوان الديوان: مفارقة الصحو والمطر جدلية المعنى والمبنى، الصحو جفاف والمطر بلل؛ ولأن الصحو للذات الشاعرة مطر يندّي أطراف القلب لينبجس منه المطر، تتراسل المعاني، فكل لفظ يغادرمعناه الأصلي ليخصب معنى نقيضاً، تلك لغة الشعر وسننها، تغتسل الكلمات لتلبس حلة جديدة وتدخل فضاء التأويل، إيحاءات وارفة، شعرية تتبدّل فيها الأحوال و تتقلّب في مضاجع الدلالة، أي تجربة تلك التي تجعل الشاعر ينعم بأفياء تظلّله بها لغة الشعر مبنى ومعنى،حيث التضعييف في (تبلّلت) والتضادّ في الصحو والمطر والإفاقة، والجملتان الفعليتان المتّصلتان نحواً والمنفصلات دلالة والمتماثلتان تركيبا، يجعل الحضور المجازي وافراً، تتصاعد درجة التكثيف وتتباعد درجة الإسناد. (مزيدا من الضوء والأسئلة): علائق تتواشج في بنيات تتجاور وتتنافر وتتداعى عبر التناصّات والعلامات والاستعارات، مفردات وعلامات: العيس والفيافي والمزن والعيس أداة التوصيل والوصول، والفيافي عقدة الرحلة ومعبرها الخطر، والمزن وسيلة الخلاص: تتواشح وتترابط، أما المغفرة فهي مفتاح التأويل تضفي على هذه المحسوسات رمزيتها وإشاريتها، والمقطع الثاني متمم للبنية الأولى الرئيسة. يتداعى نص غائب للشاعر محمد بن القاسم، فضلاً عن نصوص تراثية، وحادي العيس هو قائد المسيرة، يستذكر الشاعر ماضياً يستدعي نصا لامرئ القيس حيث البكاء على الأطلال، ويتناص مع القرآن الكريم في سورة النبأ ويس والجاثية والغاشية، نحصد حقلاً واسعاً من الدلالات التي قصد إليها الشاعر إذا عرفنا مافي هذه السور من إشارات إلى عهد النبوة مابين منكر نبأ البعث في سورة النبأ و المغفرة في الجاتية والإشارة إلى الغاشية يوم القيامة، قصيدة غنائية ملحمية وجودية فلسفية في الجزء الثاني قصيدة لافتة عنوانها: (العنقاء ونار المجوس) تتكون من ستة مقاطع يوظّف فيها لأسطورة ويجعل منها قناعا يخاطبه ويستنهض من خلالها الأمة ويستثيرها من خلال جملة من الأسئلة وهو موقن عبر العنقاء التي هي إحدى المستحيلات الثلاثة، ويستدعي قصيدة ميخائيل نعيمة (المساء): قصيدة تأملية تتناسج في الدلالة العميقة مع ما تفضي به رؤياه، سؤال يضرب في عمق الحالة الشعريّة التي نجمت عن المرحلة التاريخية، يذهب بعيدا في استلهام العمق الميثولوجي فيوظّف أسطورة طائرالفينيق الذي ينهض من الرماد،وهو يعمل على ثلاثة اتجاهات في التوظيف الجمالي: الوقائع المعاصرة والأسطورة والتاريخ في توازمع التشكيل اللغوي الذي يصنع المشهد الشعري عبرالحشد المجازي الذي يلامس سقف الرمز، والتقاط الصورة عبرالتمثيل الدلالي الذي يشكّل عبر شبكة العلاقات فضاء الرؤيا. تبدو قصيدة (البريق) وفي الجزء الثالث (أحب العيون و سحر العيون) أقل الأجزاء في عدد القصائد وأكثرها غنائية، تتغنى بالمرأة جمالا وأنوثة، وتوجه واضح نحو جماليات الجسد الأنثوي، والشاعر لا يسلك سبيل الوصف وتقري ملامح الأنوثة؛ بل إن تنويع الخطاب وتلوين الأساليب يبدو واضحاً؛ إذ يطلق الشاعر العنان للتداعيات تنثال بحرية فتلتقطعها عدسة الشعر وتعيد تشكيل الصورة في ضوئها، وهو إذ يقرن الشعر بالأنوثة تتماهى فيه المرأة مع القصيدة وتتقاطع النجوى مع الغناء والحوار مع الوصف. ثمة كثير مما يمكن أن يقال.

مشاركة :