الشيخ «إبراهيم آل قعود».. سيرة عطرة ورحلة زاخرة في خدمة الإسلام والدعوة

  • 12/16/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تواصل – فريق التحرير: انتقل إلى رحمة الله يوم الأحد الماضي 11-4-1441هـ فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم القعود المدير السابق لإدارة الدعوة خارج المملكة بالرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ومؤسس ورئيس جمعية الوقف الإسلامي في الفلبين، ومؤسس المجلس الأعلى للدعوة والبحوث في غانا وهذه سيرة مختصرة له.مولده ونشأته: ولد رحمه الله في محافظة الحريق عام 1358هـ وتربى في كنف والده الشيخ إبراهيم بن راشد رحمه الله وبدأ الدراسة في الكتاتيب وحلق القرآن عند الشيخ محمد بن سعد آل سليمان رحمه الله حيث تعلم عنده القراءة والكتابة وحفظ شيئاً من كتاب الله.مراحله التعليمية: التحق بالابتدائية الأولى عندما تأسست في الحريق عام 1370هـ ونظراً لإجادته القراءة والكتابة دخل في الصف الثاني مباشرة وتخرج منها عام 1375هـ وكان الأول على دفعته. أراد بعد ذلك الالتحاق بالمعهد العلمي في الرياض وحيث فاته التسجيل فقد درس السنة الأولى في معهد شقراء العلمي ثم انتقل من السنة الثانية إلى معهد الرياض حتى تخرج عام 1380هـ حيث كانت مدة الدراسة خمس سنوات للمرحلتين المتوسطة والثانوية. التحق بعد ذلك بكلية الشريعة فدرس منها سنتين منتسباً وسنتين منتظماً وتخرج منها عام 1385هـ. ثم درس الماجستير في المعهد العالي للقضاء وحصل على الشهادة عام 1389هـ وكان عنوان رسالته (الموارد المالية للدولة الإسلامية) وأشرف عليه فيها الشيخ العلامة عبدالرزاق عفيفي رحمه الله.الحياة العملية: عين الشيخ عند تخرجه من المعهد العلمي وأثناء دراسته الجامعية مراقباً في المعهد العلمي في الرياض. وبعد تخرجه من الجامعة رشح للقضاء لكنه اعتذر عن ذلك وعين في رئاسة الإفتاء وإدارة الشؤون الدينية التي أصبحت بعد ذلك الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد وتولى خلال عمله فيها عدداً من المهام منها:تأسيس أول لجنة للتوعية الإسلامية في الحج عام 1392هـ.العمل في مكتب سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ومتابعة الملفات المتعلقة بالشفاعات والمحتاجين.تأسيس أول مكتب للدعوة في دار الإفتاء والشؤون الدينية.تأسيس إدارة الدعوة في الخارج: انبثقت عن المكتب السابقالذي انقسم إلى إدارة للدعوة في الخارج تولاها الشيخ , وأخرى للدعوة في الداخل تولاها الشيخ عبدالله الفنتوخ -رحمه الله- , وهي المهمة التي استغرقت الجزء الأكبر من وقته حيث جاوزت مدة توليه لها عشرين سنة. وفي عام 1411هـ أحيل للتقاعد فغنم من ذلك التفرغ لمشاريعه الدعوية في الخارج خاصة في الفلبين وغانا.رحلاته الدعوية: زار الشيخ عشرات الدول في العالم تجاوزت ثمانين دولة من أقصى الأرض إلى أقصاها كان من أهم رحلاته:الرحلة إلى عدد من الدول الإفريقية عام 1388هـ : برفقة الشيخ عبدالله بن عبدالمحسن التركي بتكليف من الملك فيصل رحمه الله وباقتراح من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله وهي أطول رحلات الشيخ واستمرت قرابة أربعة أشهر انتهت في عيد الفطر المبارك من تلك السنة وشملت الزيارة عدة دول منها: (السودان-أوغندا-النيجر-غانا-نيجيريا-الصومال-…وغيرها)رحلة إلى نيجيريا مع فضيلة الشيخ عمر بن محمد فلاتة رحمه الله عام 1392هـ استمرت قرابة ثلاثة أشهر بهدف تفقد أحوال المدارس في نيجيريا لمعرفة مدى تمشي مناهجها مع مناهج الجامعة ليتم قبول الطلاب على ضوء ذلك , كما قاموا خلالها بإلقاء عدد من المحاضرات وتوزيع المصاحف وكتب العلم.رحلة إلى تنزانيا في شهر ربيع أول عام 1399هـ برفقة كل من أمين عام الدعوة الإسلامية الشيخ محمد العبودي والشيخ إبراهيم بن صالح آل الشيخ -رحمه الله- وكيل الرئاسة العامة للدعوة والإفتاء والشيخ الأديب عبدالله بن إدريس ممثلاً لجامعة الإمام محمد بن سعود بهدف الوقوف على أحوال المسلمين في تلك البلاد وكتابة تقرير عن حالتهم.رحلة إلى الهند عام 1400هـ لحضور مؤتمر الجامعة الإسلامية في ديوبند نيابة عن سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله-عدد كبير من الرحلات المتفرقة بعضها إلى دول نائية مثل: جزر فيجي-ترينداد وتوباغو-جزر هاييتي-تاهيتي-جزر سليمان-سورينام.مشروعات ساهم في تأسيسها ورعايتها: بعد رحلات طويلة وعمر مديد في الدعوة إلى الله رأى الشيخ أن أعظم الثمرات إنما تتحقق عند التركيز على مشاريع محددة فقرر التركيز على مشروعين كرس لهما بقية عمره حيث بدأ التركيز عليهما قبل التقاعد وتفرغ له بشكل كامل بعده:مشروع الفلبين: حيث أسس رحمه الله جمعية الوقف الإسلامي عام 1404هـ والتي تنوعت جهودها في مجالات الدعوة والتعليم والإغاثة حيث تشرف على مئات المدارس وثلاث كليات تغطى مراحل التعليم من الروضة وحتى الجامعة , بالإضافة إلى كفالة الأيتام وبناء المساجد وحفر الآبار وكفالة الدعاة ومعلمي القرآن وغير ذلك , وكان يزورها كل سنة مرة أو مرتين حتى كانت زيارته الأخيرة في شعبان من عام 1440هـ وقد جاوز الثمانين من عمره, وكان يرافقه في كثير من رحلاته إليها صاحبه الأثير ورفيق دربه وشريكه في الدعوة في الفلبين الشيخ سعود العوشن -رحمه الله- الذي توفي عام 1437هـ.مشروع غانا: ساهم الشيخ في تأسيس المجلس الأعلى للدعوة والبحوث الإسلامية قرابة عام 1405هـ وانبثق عنه المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامي والذي له ثلاثة فروع في كل من: العاصمة أكرا-العاصمة الاقتصادية كوماسي-مدينة تمالي وهيتخرج في كل عام أعداداً من الدعاة والمعلمين ينتشرون في أنحاء البلاد كما يقيم دورات في التدريب المهني على أعمال كالنجارة والخياطة واستخدام الكمبيوتر , كما يرعى المجلس عدداً من الأعمال الأخرى مثل: كفالة الأيتام-إفطار الصائمين-توزيع الأغذية والأكسية-توزيع لحوم الأضاحي.صفات وأخلاق: -بذل النفس في سبيل الدعوة إلى الله: ولا أدل على ذلك من رحلاته الدعوية الكثيرة إلى أقاصي الدنيا واستمرار ذلك مع تقدم السن وضعف البدن، وحسبك أن آخر رحلة له إلى الفلبين كانت قبل وفاته بقرابة سبعة أشهر وقد جاوز اثنين وثمانين عاماُ مع أنه كان يعاني من عارض صحي وقتها. -الزهد في الدنيا والمناصب: فقد كان بذل المال هيناً عليه في وجوه الخير , كما كان زاهداً في المناصب فقد عرضت عليه عدد من المناصب بعد تقاعده المبكر فاعتذر عنها مؤثراً الاشتغال بأمر الدعوة والتفرغ له. -العبادة: كان قائماً لليل كثير تلاوة القرآن لا يفارقه المصحف في أي مكان , يقرأ في البيت والمسجد وفي السيارة وفي الطائرة وفي مقاعد الانتظار، وفي رمضان كان يضاعف الجهد فيختم في كل يوم ختمة تقريباً بل قد يزيد عن ذلك , كما كان مسارعاً للصلوات لا يكاد يؤذن المؤذن إلا وهو في المسجد بل ربما ذهب قبل الأذان بوقت طويل ,وكثيراً ما كان يواصل المكث في المسجد بين المغرب والعشاء وبعد الفجر حتى شروق الشمس , كثير الحج والعمرة وزيارة المسجد النبوي , كثير الصدقات الخفية التي لم يتبين بعضها إلا بعد وفاته.أيامه الأخيرة ووفاته: لم يزل الشيخ رحمه الله يواصل جهوده بلا كلل أو ملل في الجانبين الدعوي والتعبدي حتى وافته منيته يوم الأحد 11-4-1441هـ ,فبعد أن صلى صلاة الظهر أمسك مصحفه وقرأ شيئاً من كتاب الله وتناول شيئاً يسيراً من الطعام ثم اضطجع للراحة قليلاً وحين هم بالقيام للوضوء استعداداً لصلاة العصر عجز عن القيام واستلقى في مكانه وفاضت روحه في الحال. وصلي عليه بعد عصر يوم الاثنين في جامع الأمير فهد بن محمد بطريق الحاير وتقدم المصلين عليه صاحبه معالي الشيخ د.عبدالله بن عبدالمحسن التركي المستشار في الديوان الملكي , والأمين العام السابق لرابطة العالم الإسلامي. ثم ووري جثمانه الثرى في مقبرة المنصورية في جنوب الرياض , فإنا لله وإنا إليه راجعون. ووصل الخبر أنحاء العالم الإسلامي ووردت التعازي لأسرة الشيخ من أنحاء متفرقة من العالم كالفلبين والهند وسيرلانكا وغانا والبرازيل والولايات المتحدة الأمريكية. • نعي مركز الدعوة الإسلامية لأمريكا اللاتينية ونعى مركز الدعوة الإسلامية لأمريكا اللاتينية في بيان الشيخ آل قعود رحمه الله، وقال في بيان: بقلوب مطمئنة وراضية تلقينا في مركز الدعوة الإسلامية لأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي نبأ وفاة العالم الجليل والشيخ الداعية محمد بن إبراهيم بن راشد آل قعود، الذي تربطنا به أخوة إيمانية صادقة ومحبة ملأت قلوبنا، فقد كان يرحمه الله تعالى عالما جليلا وموجها مخلصا مجتهدا في نشر رسالة الإسلام السمحة وفق الكتاب والسنة”. وأضاف المركز: “عرفناه عن قرب في حله وترحاله في حضره وسفره فقد سافرنا إلى كثري من دول أمريكا اللاتينية فنزويلا وكولومبيا وبوليفيا والأرجنتين وشيلي وكثير من لمدن البرازيلية، فقد كان يحمل هم الدعوة ويشعر بمسؤولية كبيرة تجاه الأٌقليات المسلمة حيث كان من أوائل من قدم الدعم لمركز الدعوة في البرازيل وللمؤسسات والجمعيات والمدارس الإسلامية والمساجد وأول من أرسل الدعاة والعلماء لهم”.

مشاركة :